شرع المحققون الأمريكيون في فحص الكنز الاستخباري الذين عثروا عليه في المنزل الريفي شمال بغداد، الذي كان يختبئ فيه قائد تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين أبومصعب الزرقاوي، الذي لقي مصرعه يوم الأربعاء الماضي. يقول المحققون إن شرائح الذاكرة والأقراص الصلبة والوثائق التي عثر عليها في المنزل المدمر، وفي 56 موقعاً آخر تمت مداهمتها عقب مصرع الزرقاوي، قد تؤدي إلي القضاء علي شبكات الزرقاوي. وتصف المصادر العسكرية الأمريكية الأشياء التي عُثر عليها بأنها تمثل" كنزاً ثميناً". وحسبما يقول الخبراء فإنه يمكن للمعلومات الاستخبارية الجديدة أن تكشف النقاب عن العمليات الإرهابية التي وقعت في بلاد بعيدة عن العراق، وعلي الأخص في أوروبا، خصوصاً وأن الزرقاوي كان قد بدأ في تجميع شبكة واسعة النطاق من المقاتلين. لإلقاء المزيد من الضوء حول هذه النقطة يقول "روهان جوناراتنا"، خبير الإرهاب في معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية في سنغافورة: "سيترتب علي هذه المعلومات الاستخبارية، أن الولاياتالمتحدة سيصبح لديها فهم أفضل عن شبكات الزرقاوي ليس فقط في العراق ولكن شبكته العالمية أيضاً" ويضيف إلي ذلك: "لقد اخترق الزرقاوي 20 بلداً في أوروبا وكذلك كندا، بل وأنشأ خلايا في جنوب شرق آسيا". البعض يقول إن أعمال الزرقاوي في ميدان المعركة قد تعززت بفضل انضمام المزيد من المجندين الذين أغرتهم عملياته الميدانية في العراق، إلي الدرجة التي أصبحت شبكته تنافس شبكة أسامة بن لادن التي أصبحت أقل بروزاً بسبب المطاردة الحثيثة من جانب القوات الأمريكية لزعيم "القاعدة". و"جوناراتنا" وهو أيضاً مؤلف كتاب:" داخل القاعدة" يقول إن الزرقاوي: "كان قد شرع في بناء منظمة إرهابية عالمية موازية لتنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن، ومما لاشك فيه أن قتله يمثل نصراً ضخماً ليس ضد التمرد العراقي لأن التمرد سيستمر ولكن ضد شبكته العالمية التي لاشك أنها ستعاني". وقد تعهد أتباع الزرقاوي في بيان صادر عن تنظيم "قاعدة" الرافدين يوم السبت بالرد علي اغتيال قائدهم من خلال شن "عمليات كبيرة ستهز الأرض كالزلزال من تحت أقدام الأعداء في العراق"، كما تعهدوا كذلك بأنهم سيجددون ولاءهم لزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن. ولم يحدد البيان الذي ظهر علي موقع "مجلس شوري المجاهدين" اسم الشخص الذي سيخلف الزرقاوي. ويقول "مايكل رادو" الرئيس المشارك لمركز "دراسات الإرهاب" في معهد أبحاث السياسة الخارجية بفيلادلفيا: "إن حجم شبكة الزرقاوي في أوروبا أكبر من حجم شبكة "القاعدة" تحت قيادة بن لادن، وحجم (شبكة القاعدة 2) تحت قيادة أيمن الظواهري، ولذلك فإنني لا أستبعد حدوث موجة أخري من عمليات الاعتقال في أوروبا". ويقدر مسئولو الاستخبارات الأردنيون أن الزرقاوي قد جند ودرب 300 مقاتل ثم أرسلهم مرة أخري إلي بلادهم وهم الآن بانتظار إصدار الأوامر لهم للضرب. وقد توقف الأمريكيون في العراق عن الحديث عن محتويات أو قيمة المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها من منزل الزرقاوي، لأنهم كما قال أحد مصادرهم العسكرية يعكفون علي تحليلها الآن وبالتالي فهم ليسوا مستعدين للحديث عن أي معلومات محددة. ويقول الميجور جنرال (لواء) "ويليام كالدويل" إنه يحث القائمين علي تحليل المعلومات علي سرعة إعلان البعض منها ونزع السرية عنه. وقال الجنرال "جورج كيسي" قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق لشبكة "فوكس نيوز" يوم الأحد الماضي: "سنستمر في ملاحقة شبكة الزرقاوي وتمزيقها خلال هذه الفترة التي نشعر بأنها فترة مفتوحة علي مخاطر كبيرة ونتمني أن تمكن من الاستفادة من ذلك". ويقول "جوناراتنا" إنه يفترض أن كبار أنصار الزرقاوي أن القوات الأمريكية تقوم الآن باستغلال المعلومات التي حصلت عليها، وأنها تحاول الاستفادة منها، ولذلك فإنهم سيقومون بتغيير أماكنهم التي يتواجدون فيها وكذلك الأساليب التي يستخدمونها. والقيمة النهائية للمعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها من خلال حدث كبير مثل حدث قتل الزرقاوي، يتوقف كما يقول مسئول أمريكي في بغداد ضليع في شئون التحقيقات مع الإرهابيين "علي الطريقة المتبعة في تنظيم تلك الشبكة وهدفنا دائماً هو قطع الرأس أولاً". ويقول هذا المسؤول إن المشكلة هي أن شبكة الزرقاوي ليست منظمة علي شكل تراتب هرمي، بحيث إن كل شخص يعرف معلومات عن الشخص الذي يليه، فهذه الشبكة تنتشر إلي جوار وليس بالضرورة فوق قوات التمرد العراقي الواسع النطاق. ففي يناير الماضي علي سبيل المثال ساعد الزرقاوي علي تكوين ما يعرف ب "مجلس شوري المجاهدين"، الذي ساعد علي تجميع عدة منظمات سُنية متمردة تشترك مع "القاعدة" في أيديولوجيتها الخاصة بتحويل العراق إلي جمهورية إسلامية