تحقيق: محمود بسيوني - حسام الدين الأمير ما حقيقة اللقاءات السرية التي عقدها عدد من منظمات حقوق الانسان المصرية مع المعاهد الأمريكية التي اغلقت مؤخرا في مصر؟ وماذا دار في هذه الاجتماعات وهل لهذه اللقاءات علاقة بسيناريو الفوضي الخلاقة الذي تسعي ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش الي اعادة وصياغة منطقة الشرق الاوسط من خلاله، وهل تستخدم المنظمات المدنية المصرية من قبل الولاياتالمتحدة "كذراع خفي" لتفجير الأوضاع من الداخل علي غرار ما قامت به الولاياتالمتحدة في دول اوروبا الشرقية وخاصة ان للمنظمات الامريكية التي اوقفت الحكومة المصرية نشاطها دور واضح في التغيير الدرامي الذي حدث في اوكرانيا وجورجيا وهل هذا يعني ان الدور جاء علي مصر. اسئلة كثيرة وجهتها "نهضة مصر الاسبوعي" الي النشطاء الذين شاركوا في هذه اللقاءات علي عدد من المتخصصين لمعرفة حقيقة ما يجري وعلاقة المنظمات الحقوقية به لتفسير ما هي حدود العلاقة بين منظمات حقوق الانسان المصرية والمنظمات والمعاهد الامريكية التي تسعي لممارسة نشاطها في مصر؟ المثير ان هذه اللقاءات كشفت عن ضعف شديد تعاني منه المنظمات المصرية وخاصة من ناحية تركيبتها الداخلية وعلاقتها مع المنظمات الاخري وخاصة ان هذه اللقاءات تخللتها مشاحنات واتهامات متبادلة بين هؤلاء النشطاء الذين استغلوا المتابعة الاعلامية المكثفة لهذه اللقاءات في تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات كما كشفت عن المشروعات الجديدة التي ستتم بين هذه المنظمات والمعاهد الامريكية والتي يأتي اهمها مشروع يتبناه تجمع يحمل اسم "تحالف مجموعة ال 11" وهو مكون من 11 منظمة مصرية. ويتزعمه الدكتور محمد شلبي مدير جمعية الحقوق الدستورية والقانونية بالمنصورة ومعه 10 منظمات حقوقية والمشروع يتبني تنقية الجداول الانتخابية من السلبيات التي ظهرت خلال الانتخابات وهذا المشروع تدرس المعونة الامريكية تمويله حاليا بحوالي 350 ألف دولار، اما المشروع الآخر فسيقوم به التحالف من اجل الديمقراطية والاصلاح والمكون من خمس منظمات ويتزعمه الناشط الحقوقي نجاد البرعي مدير المجموعة المتحدة ويسعي لوضع نظام انتخابي جديد لمصر ولايزال المشروع في طور التكوين حسب تصريحات المسئولين في التحالف. المشرعان وغيرهم من المشروعات التي لها علاقة وثيقة بالسياسة يعني ان الولاياتالمتحدة غيرت من توجهاتها السابقة في مصر والتي كانت تركز فيها علي تمويل مشروعات لها علاقة بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية اما الآن فقد اتجهن الي النواحي السياسية وهو ما اثار حساسية لدي الشارع السياسي المصري بطوائفه ضد هذه التحركات التي ظهر لها أكثر من تفسير. ورغم ان هذه الاجتماعات اطلق عليها سرية الا ان كل نشطاء حقوق الانسان الذين شاركوا في هذه الاجتماعات اكدوا انها لم تكن "سرية" كما ان المعهد الديمقراطي الامريكي NDT دعا اليها عدد من الصحفيين المصريين و22 منظمة من بينهما ممثلون للمجلس القومي لحقوق الانسان القريب من الحكومة المصرية لهذه اللقاءات وهو ما يعني انها لم تكن من وجهة نظرهم سرية، وفي ظل دفاعهم عن انفسهم اشار بعض النشطاء الي ان هذا التصعيد ضد المنظمات الهدف منه هو توجيه ضربة جديدة لمنظمات حقوق الانسان باتهامها بالعمالة للخارج علي خلفية اثارتها للعديد من القضايا السياسية التي سببت احراجا للحكومة خلال الفترة الماضية. الا ان الدكتور محمد ابراهيم منصور مدير مركز دراسات المستقبل وعميد كلية التجارة بجامعة اسيوط له رأي آخر في علاقة المنظمات المصرية بالمعاهد الامريكية فهو يري ان هذه المنظمات الامريكية واجهات للاختراق السياسي للمجتمعات بصفة عامة والمجتمع المصري بصفة خاصة وهذه ليست اول مرة يظهر فيها عمل هذه المؤسسات في احدي الدول خارج الولاياتالمتحدةالامريكية. وعلي الرغم من كون هذه المنظمات غير حكومية الا انها تلقي الدعم الاساسي والتمويل من هيئة المعونة الامريكية الرسمية وهناك اتجاه منذ أواخر التسعينيات لدعم مثل هذه المنظمات خارج الولاياتالمتحدةالامريكية لنشر النموذج الامريكي لديمقراطية واقتصاد السوق وخاصة بالبلدان التي توصف بانها أقل ديمقراطية وتحتاج الي اصلاحات. ومن يتعاون معها يلقي كل التشجيع من قبل الادارات الامريكية وخاصة من ايام كلينتون وبوش الابن. ويضيف ان نشاط هذه المعاهد والمنظمات الامريكية بدأ مبكرا منذ عهد الرئيس ريجان وهو جمهوري ومنذ ذلك التاريخ وعمل هذه المعاهد والمنظمات يقوي وينتشر ونحن كسياسيين نسميه بحصان طروادة الامريكي الذي يحمل في داخله لائحة طويلة من الاصلاحات السياسية. والمعهد الديمقراطي NDI والجمهوري IRIيعملان في مصر منذ فترة قصيرة ولكنهما لعبا دورا كبيرا تحت ستار الاصلاح السياسي في العديد من الدول وكان اخرها الثورة البرتقالية في اوكرانيا ولكن معظم ادوارها كانت تخريبية وليست اصلاحية وتم ادانتها من قبل كثير من الدول وسعت في البلاد التي تعمل فيها الي تمكين احزاب المعارضة التي لها علاقة بها من الوصول الي السلطة واؤكد انممن يتعامل معها من الاحزاب لابد ان يحمل الشبهة الامريكية لانهم يختارون من له فكر ليبرالي يماثل الافكار للولايات المتحدةالامريكية فقط. ويضيف الدكتور منصور عندما ظهرت نوايا هذه المؤسسات ثارت كثير من الدول علي الاساليب الاصلاحية التي تنادي بها وخاصة الانتخابات وبعض الدول تقدمت بشكاوي ضد مثل هذه المؤسسات. وأكد د. منصور ان التطور الديمقراطي شأنه داخلي والاصلاح يجب ان يتم بدون أي تدخل من الخارج لأن الوصول الي نتائج سريعة ومبكرة من خلال مثل هذه المؤسسات الأجنبية قد تضر بعملية الاصلاح السياسي. واضاف ان الدور الذي حاول المعهدان ان يلعباه خارج مصر حاولا تكراره داخل مصر عن طريق تدريب المنظمات للوصول الي المرشحين والاحزاب وتوسيع العضوية والعمل وسط الجماهير وكلها اغراض مشبوهة لان التجربة الحزبية والحقوقية في مصر عريضة وطويلة وتمتد الي ما يقرب من 150 سنة فمصر لديها احزاب سياسية من عام 1879 وليست في حاجة الي مدربين سياسيين يعلمون الشعب المصري الديمقراطية وكل ما نحتاجه في مصر فقط هو زيادة هامش الحرية والي الاعتراف بتكوينها ولسنا في حاجةالي اصابع خارجية من منظمات امريكية واوروبية. ووصف مدير مركز المستقبل بجامعة اسيوط موقف الحكومة المصرية بغلق هذه المعاهد بانه موقف صحيح اتخذ في الوقت المناسب فلسنا في حاجة الي من يثير لمصر متاعب جديدة علي الجانب الاخر يرفض سعيد عبدالحافظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق استخدام لفظ السرية في وصف اجتماعات منظمات حقوق الانسان مع المعاهد الامريكية ويقول ان هذه الاجتماعات تمت في فنادق عامة وما تم في الاجتماع كانت ترصده الصحافة واجهزة الاعلام فكيف يتم وصف الاجتماع بالسرية. وعن سبب حضوره هذه الاجتماعات قال عبدالحافظ ان العلاقة بين المنظمات المحلية والدولية علاقة شراكة وتبادل خبرات وفي بعض الاحيان الحصول علي دعم فني كما ان المعهدين يعملان داخل مصر منذ فترة ولديهما مقرات ثابتة داخل مصر كما ان القرار الصادر بايقاف نشاطهما تم عن تجميد النشاط لحين الحصول علي ترخيص رسمي وليس طردا من مصر. ويكشف عبدالحافظ تفاصيل لقاءاتهم مع ممثلي المنظمين وهم في اغلبهم مصريون باستثناء مديري المعهدين وقال انه شارك في ورشة لمدة يومين الحق في المشاركة وتطوير قانون مباشرة الحقوق السياسية ولم تكن هناك خلال المناقشات اي افكار جاهزة لدي المعاهد كما ان هذه الاخطار اول من تحدث عنهما المجتمع المدني المصري قبل وصول الامريكان مشيرا الي ان الامريكان قالوا انهم سيوفرون من اجل هذه المشاريع خدمات فنية تتمثل في عدد من الخبراء السياسيين التابعين للمعهد وعدد من المتطوعين لتنفيذ اخطار المشروع مؤكدا ان كلا المعهدين لا يستطيع تقديم تمويل لهذه المشاريع لانهم ليسوا جهة تمويل وهم ايضا يحصلون علي تمويلهم من المعونة الامريكية وهي الجهة الامريكية الوحيدة المصرح بها بان تقدم تمويلا لمشاريع حقوقية في مصر. وينفي ايمن عقيل مدير مركز ماعت للحقوق الدستورية ان يكون الاجتماع سريا ويقول انه شخصيا وصلته دعوة رسمية من المعهد الديمقراطي NDI لحضور الاجتماع الذي كان يتحدث عن مهارات التدريب وجلب المتطوعين. وحول عمل المنظمات الحقوقية مع معاهد لم تحصل علي ترخيص رسمي بالعمل في مصر قال عقيل ان هذه المنظمات تعمل منذ اكثر من سنة ونصف تقريبا وتعاملت مع مؤسسات مدنية مصرية كثيرة ولم يمنعها احد من العمل أو عقد اللقاءات معها، كما لم يمنعنا احد من العمل معها او يحذرنا من ذلك في اي وقت واذا صدر قرار رسمي من الحكومة يحذر المنظمات من عدم التعامل معها سنمتثل له علي الفور لاننا جزء من الجماعة الوطنية واذا تأكدنا في اي يوم من الايام ان هناك احاديث مشبوهة أو غيرها سننسحب فورا. وقال احمد سميح مدير مركز اندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف انه حضر تدريبين مع المعهد الديمقراطي احدهما عن طريق اجتذاب المتطوعين وادارة اعمالهم في المنظمات غير الحكومية والتي في التنسيق وادارة التحالفات بين المنظمات غير الحكومية، اما منظمة IFes فلقد حضر معها وشة عمل في احد الفنادق وتحدثوا عن مشروع نظام انتخابي جديد لمصر وهو يمول اساسا قبل شراكة هذه المنظمة من هيئة المعونة الامريكية. اما المنظمة فعرضت علينا أن تقدم خدمات فنية وتقوم بالتدريبات المطلوبة للمشاركين وكذلك توفر خبراء دوليين لمساندتنا فنيا في هذا المشروع وهو امر ليس له علاقة بالتمويل كما تحدث البعض وعندما خرجنا من هذه الاجتماعات لم نخف ما دار فيها عن الصحافة او اجهزة الاعلام التي بادرت بسؤالنا ولكن الواقع ان هناك من حاول تشويه ما نقوم به قبل حتي ان يتم ويحاسبنا عليه المجتمع والرأي العام، واضاف ان كل منظمات حقوق الانسان تعرف جيدا ان خطواتها محسوبة وانها تحت الميكرسوكوب وان كل تحركاتها مراقبة من جانب الاجهزة المعنية في الدولة ولا يمكن ان تسعي المنظمات الي توريط نفسها في لقاءات مشبوهة تحت اي ضغط مشيرا الي ان المنظمات لا تملك شيئا سوي وضع خطط طموحة من اجل الاسراع في عملية الاصلاح السياسي الاجتماعي في مصر وحتي محاولتها لوضع مشروعات لاصلاح النظام الانتخابي أو غيره ليس معناه قيامها بعمل سياسي لانها في النهاية لا تستطيع تمريره في دولة بها مؤسسات قومية مثل مصر، فالقانون لابد أن يمر عبر البرلمان والبرلمان يوافق عليه وهو ما لا تمتلكه المنظمات مؤكدا ان ايقاف نشاط المعهدين واتهامات المنظمات بالعمالة جاءت بسبب مناخ الشد والجذب الاخير بين الولاياتالمتحدة ومصر حول المعونة الامريكية لمصر والتي كان يناقشها الكونجرس الامريكي الفترة الماضية. ويعلق ايمن عبدالوهاب خبير منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام ان سبب الالتباس الذي وقع ودفع لوصف لقاءات المنظمات الحقوقية والمركزين في مصر نتيجة عدم حصولهما علي تصاريح قانونية لذلك وعلي الجانب الاخر فان منظمات حقوق الانسان تعاني من مشكلة عدم الشفافية في العمل وهو ما يلقي بعوامل الالتباس والغموض علي انشطتها ويضع مساحة ضبابية علي مشروعاتها الممولة من الخارج مشيرا الي ان هذه المشكلة ستظل قائمة طالما ان هذه المنظمات ليست لديها موارد ذاتية تحقق من خلال انشطتها وهو ما يعني استبدال التمويل الاجنبي بمصادر تمويل محلية تبعدهم عن ذلك الطريق. واوضح عبدالوهاب ان هناك اتهامات كثيرة تلاحق المعهدين الديمقراطي والجمهوري الامريكيين في أي بلد يعملون فيه وليس مصر وحدها فلقد كان لهم دور واضح في الانقلابات التي وقعت في اوكرانيا وجورجيا وهو ما يزيد من تعقيد علاقة المنظمات الحقوقية المصرية بهم وهو ما يعني اهمية قيام المنظمات باعلان كل الانشطة المشتركة معهم وتفاصيل كل اللقاءات التي دارت بينهم لان المجتمع المصري لن يسمح بأي تلاعب سياسي خارجي به تحت اي ضغط ويجب ألا تتورط هذه المنظمات في ذلك. علي الجانب الاخر رفضت ليلي جعفر ممثلة المعهد الديمقراطي الامريكي الحوار مع نهضة مصر واجابت بالحرف الواحد لن نتكلم مع الصحافة الآن وهناك تعليمات بذلك بعد الحملات الصحفية الاخيرة.