الصور المنشورة بموقع البيت الأبيض علي شبكة الإنترنت تحكي القصة كلها. ففي الثامن من أبريل الماضي كان لدي بوش يوم حافل بالمقابلات. فمن ضمن الصور الخاصة بمقابلاته في ذلك اليوم هناك صورة يحملق فيها الرئيس في عيني الصغيرة "كيم هان مي"، وهي ابنة رجل وامرأة فارين من كوريا الشمالية. وهناك لقطة أخري يظهر فيها الرئيس بوش وهو يحيي "ساكي يوكاتا" الذي يمثل اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية. وهناك صورة أخري للرئيس وهو يجلس في غرفة "روزفلت" مع بعض المدافعين عن قضية دارفور. وبعد ذلك كانت هناك الصورة التي تظهر الرئيس بوش وهو يرحب بالرئيس الأذربيجاني "إلهام علييف" في المكتب البيضاوي. قال بوش عقب اجتماعه مع "علييف" إنه قد ناقش مع الرئيس الآذري موضوع "موجة الديمقراطية" المتصاعدة في بلده، رغم ما يقال عن أن الانتخابات التي أجريت في أذربيجان خلال الآونة الأخيرة تعرضت لانتقادات من منظمات حقوق الإنسان. ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل إن بوش ذهب إلي حد الثناء "علي رؤية الرئيس علييف ودوره في مساعدة هذا العالم علي تحقيق ما نريده كلنا، وهو أمن الطاقة". ومع ارتفاع أسعار الطاقة، فإن حملة الإدارة الأمريكية لنشر الديمقراطية اتخذت مساراً مختلفاً في بعض البلدان. فدولتان مثل أذربيجان وكازاخستان المجاورة، يراهما بعض المحللين في الغرب بأنهما غير مهمتين بالنسبة للولايات المتحدة، لكن الذي حدث كان عكس ذلك، لسبب بسيط هو أن هاتين الدولتين لديهما احتياطات هائلة من النفط والغاز، وتعتبران من كبار اللاعبين الذين يخوضون سباقاً عالمياً ضد روسيا من أجل السيطرة علي الطاقة في آسيا الوسطي. علي نفس المنوال حيت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الشهر الماضي رئيس غينيا الاستوائية "تيودورو أوبيانج نجويما" ووصفته بأنه "صديق طيب" للولايات المتحدة، علي الرغم من علمها بأنه رئيس قد أُعيد انتخابه بنسبة 97 في المئة من إجمالي الأصوات عام 2002، وأنه قد تبين للجنة تابعة لمجلس "الشيوخ" الأمريكي بعد ذلك التاريخ بعامين، أنه يمتلك هو وزوجته حساباً بمبلغ 13 مليون دولار في "بنك ريجز ناشيونال"، في حين أن الأغلبية العظمي من مواطنيه تعيش علي أقل من دولار في اليوم. يذكر أنه منذ أن اكتشفت احتياطيات بترولية بحرية في غينيا الاستوائية في عام 1995، فإن هذه الدولة أصبحت ثالث مصدر للنفط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري، ولاعباً رئيسياً في تصدير النفط في القارة السمراء. ويري "توم مالينوفسكي" مدير فرع منظمة "هيومان رايتس ووتش" في واشنطن أن مسلك الإدارة الأمريكية في هذا السياق، وحقيقة أنها تخص الدول الغنية بالنفط باستثناءات خاصة في المعاملة، سيؤدي إلي زيادة حدة التهكم والسخرية في العالم لمحاولتها الرامية للدفع باتجاه الديمقراطية، التي تزعم أنها تقوم بها. وأضاف "مالينوفسكي" إلي ما سبق: "إن المشكلة التي تعاني منها الإدارة في الوقت الراهن، أنه حتي عندما تكون جادة في الترويج لحقوق الإنسان والحرية فإن معظم العالم لا يصدقها، فعندما يقوم نائب الرئيس بانتقاد روسيا في يوم، ويقوم في اليوم الثاني بإغداق الثناء علي دولة لا يزال أمامها الكثير من الخطوات علي طريق الديمقراطية، فإنه يعزز النظرة التهكمية إلي سياسات الولاياتالمتحدة". في معرض الرد علي هذه الاتهامات، يقر مسئولو الإدارة بأن التقدم الديمقراطي في البلاد المختلفة لم يكن بنفس القدر، ولكن الواجب علي الإدارة الأمريكية في جميع الأحوال، أن تقوم بتشجيع جميع الجهود الرامية إلي ذلك، حتي لو كانت عشوائية. وهو يقول مثلاً إن دولة مثل أذربيجان معلقة بين" الماضي السلطوي وبين المستقبل الديمقراطي" وإن الانتخابات التي أقيمت فيها، وإن لم تكن علي "النحو المأمول" إلا أنها تضمنت بعض العناصر غير المسبوقة. وتعليقاً علي الملاحظات التي أدلي بها ديك تشيني بخصوص "كازاخستان" قال هذا المسئول الذي رفض الإفصاح عن اسمه بسبب اعتبارات تتعلق بوظيفته، لقد انتقد تشيني روسيا وامتدح كازاخستان، لأن الأخيرة من وجهة نظر نائب الرئيس الأمريكي لا تتصرف في الساحة الدولية بنفس الطريقة التي تتصرف بها روسيا. ويري هذا المسئول أن الولاياتالمتحدة لها ثلاث مجموعات من الاهتمامات في آسيا الوسطي هي: الطاقة، والأمن الإقليمي، والإصلاح الداخلي، وهي اهتمامات يجب النظر إليها كوحدة واحدة. وإنه علي الرغم من أن الولاياتالمتحدة بمقدورها أن تشدد علي موضوع الديمقراطية، فإن ذلك كما يؤكد سيجعل مهمة الولاياتالمتحدة في زيادة استثماراتها في مجال الطاقة وزيادة عائداتها من تلك البلاد أصعب، وهو ما سيؤثر بالتالي علي الجهود الرامية للدفع باتجاه الإصلاح. ويؤيده في هذا الرأي "مالينوفسكي" الذي يوافق علي أن هناك براهين عديدة تدل علي أن قيام الولاياتالمتحدة بتقديم المساعدات اللازمة لتنمية قطاعات الطاقة في دول آسيا الوسطي، سيكون في مصلحة تطور السياسات الداخلية في هذه الدول. ولكنه يقول أيضاً إن ذلك لا يعني أنه سيتم إهمال الديمقراطية