واجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير تمرداً مقلقاً من داخل حزبه العمالي يوم الاثنين الماضي، وذلك علي خلفية رفضه تحديد التاريخ الذي يعتزم أن يترك فيه منصبه، كما يطالب بذلك زملاؤه في الحزب. وقال بلير في مؤتمر صحفي "إن إعلان جدول زمني اليوم قد يصيب عمل الحكومة بالشلل. ثم إنه لن يضع حداً لحالة التشويش هذه وإنما سيزيد من حدتها". وإلي ذلك، نشرت صحيفة "ذا تايمز أوف لندن" استطلاعاً للرأي يوم الثلاثاء أظهر أن شعبية حزب "العمال" تدنت إلي أدني مستوي لها منذ 1992، أي قبل خمس سنوات من وصول بلير إلي السلطة. وبعد أسابيع من حالة الفوضي والاضطراب بدءاً بالفضائح التي تورط فيها وزراء من حكومته، وانتهاء بالهزيمة النكراء التي مني بها في الانتخابات المحلية الأسبوع الماضي والتي تمخضت عن تعديل وزاري مثير للجدل يبدو أن عدداً من المشرعين العماليين قد ضاقوا ذرعاً، حيث وقع عدد من أعضاء البرلمان مسودة رسالة يطالبون فيها بلير بوضع جدول زمني من أجل "انتقال هادئ وسلس" للسلطة إلي زعيم عمالي جديد. وحسبما أوردته وسائل الإعلام البريطانية، فقد حصلت الرسالة علي توقيع 50 مشرعاً حتي الآن. ومما يذكر أن وزير الخزانة البريطانية جوردون براون، الذي يعد غريم بلير وخلفه علي ما يبدو، استعمل عبارة "انتقال هادئ وسلس" ما لا يقل عن عشر مرات في مقابلة تلفزيونية أجريت معه يوم الأحد. ويري الكثيرون داخل حزب "العمال" أن براون يمثل الفرصة الوحيدة لفوز الحزب بولاية رابعة بعد رحيل بلير. وقبل اجتماع عقده بلير مع أعضاء البرلمان العماليين ليلة الاثنين، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية أن أربعة فقط من المشرعين اعتبروا أنه ينبغي علي رئيس الوزراء ألا يتنحي قبل نهاية ولايته في رئاسة الوزراء، والتي قد تستمر إلي 2010، فيما أيد 29 مشرعا حق بلير في الرحيل "متي شاء". وفي حين قال 26 آخرون إن علي بلير الرحيل حالا، عبر 26 نائبا عن رغبتهم في أن يرحل في غضون عام. أما توني بلير نفسه فقد رد علي المشرعين المتمردين بالقول: "ثمة أولئك الذين يريدونني أن أفي بالالتزام بانتقال هادئ وسلس. وأنا هنا أؤكد من جديد أنني سأفي بهذا الالتزام، مع توفير ما يكفي من الوقت لخلفي حتي يرتب أموره". وكان رئيس الوزراء قد أعلن قبل الفوز بولايته الثالثة العام الماضي أنه سيتنحي قبل الانتخابات العامة المقبلة، غير أنه كرر في الوقت نفسه مراراً أنه يعتزم إتمام ولايته كاملة. غير أن بلير تخلي عن لغته المتحدية يوم الاثنين، حيث قال إنه يرغب في أن يكون إرثه حكومة عمالية لولاية رابعة بعد تنحيه. وأضاف أنه خلافاً لرئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر، التي فقدت السلطة بعد انقلاب داخل حزبها حزب المحافظين خلال ولايتها الثالثة، ف"ليست لدي النية في المواصلة والمواصلة". إلي ذلك، أعلن بعض أعضاء البرلمان العماليين عقب الاجتماع الذي عقدوه مع بلير أنهم يشعرون بالطمأنينة. وفي هذا السياق، قال "جون جروجان" إن بلير قد غير موقفه "كثيرا". ومن جانبها، قالت جيرالدين سميث إن بلير "يسير في الاتجاه الصحيح" ولكن عليه أن يتنحي بنهاية صيف العام المقبل. غير أن آخرين عبروا عن استيائهم تجاه ما صرح به بلير من أن المشرعين العماليين الذين انقلبوا ضده إنما يعرقلون أجندته، حيث قال في مؤتمر صحفي إن بعضاً ممن يدعونه إلي الرحيل "يسعون إلي تغيير اتجاه السياسة، وهم لا يرغبون في تجديد الحزب العمالي وإنما العكس". وزير خارجية بلير الجديد جون ريد وقف إلي جانب رئيس الوزراء في نهاية الأسبوع قائلاً إن الضغط عليه لتحديد موعد للرحيل هو "في واقع الأمر بمثابة إجباره علي الرحيل". ومن جانبه، قال وزير النقل السابق ستيفان بايارز في تصريح ل"سكاي نيوز": "أقول لأولئك الذين يعدون لانقلاب ضده إنهم يلعبون لعبة خطيرة للغاية وعليهم التوقف". وفي غضون ذلك، قال زعيم المحافظين ديفيد كامرون، الذي حقق حزبه مكاسب كبيرة علي حساب العماليين في الانتخابات المحلية يوم الخميس الماضي، عن بلير إنه "كلما رحل مبكراً، كلما كان أفضل".