ايهود اولمرت رئيسا للوزراء هو اختيار معقول بالتأكيد من مجموعة المتنافسين علي المنصب. تجربته في الحياة العامة وحزمه يجعلانه يتفوق علي قدرات اسحق رابين عندما انتخب لرئاسة الحكومة في عام 1974 وبنيامين نتنياهو عندما انتصر علي شيمون بيريس في 1996 اما مهاراته السياسية وذكاؤه العاطفي فيفوقان ايهود باراك الذي قاد الدولة لبضعة أشهر. اولمرت محسوب علي جيل الاسرائيليين الاصليين الذين يحملون معهم الي منصب رئاسة الوزراء جملة من مفاهيم ومزاج الدولة التي ترعرعوا فيها. لم يكن أي رئيس من رؤساء الوزراء من ابناء البلاد عملاقا ولا حتي رابين في ولايته الثانية. اولمرت أيضا لم يولد قائدا ومن المشكوك فيه ان يدعي ذلك رغم أنه يتمتع بتقدير ذاتي متطور. هو سياسي عادي مثل من سبقوه بكل مزاياه وسلبياته. رئاسة الوزراء كانت ذروة طموحاته واليها وجه كل مسيرته السياسية سواء عن تخطيط او من دون تخطيط طوال أربعة عقود. الا ان ادارة شئون اسرائيل حتي في العام التاسع والخمسين للاستقلال لا يتطلب مهارة فنية فقط. الظروف العاصفة التي تلف الدولة تحمل لقادتها اوضاعا مصيرية تجبرهم علي اتخاذ قرارات ذات آثار تاريخية. ضمن هذا السياق اولمرت هو رئيس وزراء مقيد بالايديولوجيا اكثر من كل من سبقوه من ابناء جيله وهو لا يستطيع ان يتهرب منها ان لم يرغب في انهاء ولايته بتحقير مدو. هو يتحدث عن تغيير ملموس لحدود الدولة ويعتبر تقسيم البلاد كحبل النجاة للصهيونية. هذه امور لا يوجد ما يفوقها صراحة وهي تصريحات شجاعة جدا. لم يتحدث أي رئيس وزراء اسرائيلي ابدا بهذه الطريقة الواضحة عن مستقبل المناطق. ومن الممكن الافتراض ان أي رئيس وزراء من حزب العمل لم يكن ليتجرأ علي صياغة مواقفه بهذه الطريقة (عمرام متسناع اقترب من ذلك عندما خاض المنافسة علي المنصب). عندما يختار اولمرت وضع الانسحاب من اغلبية مناطق الضفة الغربية في محور خطته وعندما يصرح في الكنيست ان هذه الخطة هي اساس وجود حكومته انما يلزم نفسه بالطريق الذي لا مجال للعودة منه. محك اولمرت سيكون بترجمة خطته الي لغة عملية: هل سيخاف في اللحظة الحاسمة ام انه سيجد الطاقة الكامنة في داخله التي تظهره كقائد ذي عزيمة واصرار وطليعة في مقدمة الصفوف؟ هل ستشتق قراراته اليومية التي تشمل ايضا ادارة الازمة الطويلة مع الفلسطينيين من هدفه المعلن ام أنه سيكرر ردود الافعال المعروضة؟ وهل سيبدي الخوف في مفاوضاته وحواره مع المستوطنين ام انه سيكون مرجعية للقرارات والحل والربط. الشخص الذي اتهم في اكثر من مرة باستغلال مكانته الجماهيرية من اجل مصالحه وبميله للترف يربط نفسه الان بخطوة تاريخية موجهة بالكامل لمصلحة الجمهور كله. هو يستحق منا مباركة للطريق. عوزي بنزيمان