كشف النقاب أمس الاثنين في تل أبيب عن أن إيهود باراك وزير الحرب ورئيس حزب العمل قرر الانسحاب من الحزب فيما سيشكل حزبا سياسيا جديدا ومنافسا بالتعاون مع كل من: متان فيلنائي وشالوم سمحون وعيانت فيلف وأوريت نوكد. وطالبت الكتلة الجديدة لجنة الكنيست بعقد جلسة طارئة للتداول في الحزب الجديد الذي تمّ إطلاق اسم عتسمؤوت (استقلال) عليه. وأورد موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" على الإنترنت أنّ رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، باشر بالمفاوضات مع الحزب الجديد للانضمام إلى الائتلاف الحاكم.
وعبر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الاثنين عن ثقته باستقرار حكومته رغم الهزة التي تعرضت لها في أعقاب الانقسام في حزب العمل وخروجه من التحالف واعتبر أن الفلسطينيين والعالم كله يعرفون أن حكومته ستبقى في السنوات المقبلة.
وقال نتنياهو خلال اجتماع كتلة حزب الليكود في الكنيست إن "العالم كله يعرف والفلسطينيون أيضا أن هذه الحكومة ستكون هنا في السنوات المقبلة ومعها ينبغي إجراء مفاوضات للسلام ونحن نريد إجراءها ودفعها قدما على أساس مصالحنا في الأمن والسلام".
وعقّب على استقالة وزراء العمل بالقول "بودي أن أعبر عن التقدير للوزراء المستقيلين، وعلى الرغم من اختلاف الآراء السياسية إلا أنني ملزم بالقول إنه استمتعت في الفترة التي عملنا سوية".
واضاف "سوف نستمر في العمل بهذه الروح من أجل دولة إسرائيل في السنوات المقبلة وأنا واثق من أننا سنفعل ذلك من خلال تشابك الأيدي وبأفضل صورة من أجل مواطني إسرائيل".
يشار إلى أن نتنياهو كان على اطلاع مسبق بنية رئيس حزب العمل ووزير الحرب ايهود باراك بالانفصال عن حزبه سوية مع أربعة أعضاء كنيست، وحتى أن وسائل الإعلام الصهيونية قالت إنه شجع باراك على الإقدام على هذه الخطوة وأن مساعد رئيس الحكومة نتان إيشل ساعد باراك في تنفيذ خطوته السياسية مقابل الكتل الأخرى في التحالف.
ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها إن "الانسحاب سيجعل الحكومة مستقرة وأن تكون مجموعة صغيرة ومبلورة في الائتلاف".
ويتوقع أن يوقع باراك وكتلته الجديدة "استقلال" على اتفاق تحالف جديد مع حزب الليكود ليستمر في مشاركته في الحكومة.
وكان الوزراء الباقون في حزب العمل بنيامين بن اليعازر ويتسحاق هرتسوغ وأفيشاي برافرمان قدموا استقالاتهم من الحكومة الاثنين في أعقاب إعلان باراك عن انسحابه من العمل والذي فاجأ قيادة الحزب. من جانبها دعت رئيسة حزب كديما والمعارضة تسيبي ليفني، في أعقاب انقسام حزب العمل، إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة وقالت إن حكومة نتنياهو فقدت شرعيتها.
وكان عمير بيرتس رئيس حزب العمل السابق وعضو الكنيست قد ودع يساريته بعد أن أعلن عن رغبته بالانضمام الى صفوف حزب كاديما في الانتخابات القادمة.
وأعلن باراك خلال المؤتمر الصحفي أنّه يترك بذلك حزب العمل، وذلك في أعقاب الخلافات المستمرة في داخل الحزب، كما أشار إلى أن خطوته هذه ليست الأولى من نوعها، لافتا إلى أن ارييل شارون ترك حزب الليكود، وأن دافيد بن جوريون سبق وأن ترك حزب العمل وأسس حزب (رافي) الذي لم يعمر طويلاً.
يذكر أن مشادات كلامية وانتقادات لاذعة وجهت في الآونة الأخيرة لرئيس حزب العمل ووزير الأمن إيهود باراك بحيث اعتبر معلقون صهاينة انضمام زعيم نقابات العمال (هستدروت) في الدولة الصهيونية عوفر عيني ووزير الصناعة والتجارة بنيامين بن اليعازر إلى قائمة الشخصيات الرفيعة في حزب العمل التي تنادي بخلع وزير الأمن ايهود باراك عن زعامة الحزب قمة الأزمة التي يعيشها حزب العمل، فيما قال الأمين العام السابق للحزب ايتان كابل إن حزب العمل ضلّ طريقه منذ سنوات وباراك ليس سوى حفار قبور.
وأعلن باراك وأربعة نواب من حزب العمل عن تسمية حزبهم الجديد والذي أطلقوا عليه اسم استقلال حيث تمت المصادقة على هذا الحزب من قبل لجنة الكنيست بأغلبية 11 عضواً ومعارضة 3 وامتناع عضو واحد عن التصويت. وقال باراك في مؤتمر صحافي إن حزبه الجديد سيكون حزباً مركزياً صهيونياً وديمقراطيا داعياً كل من يؤمن بسياسته الانضمام إلى الحزب، وأكد باراك أن الدولة الصهيونية تواجه أزمات سياسية وأمنية واجتماعية وانه قام بخطوته المفاجئة لوضع حد للمناخ غير الطبيعي بداخل حزب العمل المنشق منذ فترة طويلة.
وأشارت وسائل الإعلام الصهيونية انه بقي 8 أعضاء في حزب العمل بينما انشق 5 آخرون كان باراك من بينهم في الوقت الذي أعلن فيه 4 أعضاء من حزب العمل وناقشت خطواتهم المقبلة بعد انفصال باراك عن الحزب، وهم عمير بيرتس وغالب مجادلة ودانيئيل بن سيمون وإيتان كابِل.
ورحب الوزير يتسحاك هرتسوغ، الذي قدّم استقالته أمس من الحكومة، حيث كان يتبوأ منصب وزير الرفاه الاجتماعي، بانفصال باراك عن حزب العمل مؤكداً انه سيبقى في الحزب لإعادة ترتيب صفوفه. أما الوزير أفيشاي برفرمان والذي يعتبر أحد ركائز حزب العمل وأحد خصوم باراك التقليدين فقال في رده، إن خروج باراك يشكل فرصة كبيرة لإنعاش حزب العمل مؤكداً انه ما من شخص أكبر من الحزب، ولاحقًا أعلن الوزير برافرمان، وهو الوزير المكلف بمعالجة ما يُسمى بالأقليّات في الدولة الصهيونية، عن استقالته من الحكومة.
يشار إلى أنّ حزب العمل الصهيوني، هو شريك في الائتلاف الحكومي، وعبّر العديد من الوزراء عن عدم رضاهم من سياسة الحكومة التي يترأسها نتنياهو في كل ما يتعلق بالتسوية السلمية مع الفلسطينيين، وطالبوا رئيس الحزب بتهديد نتنياهو بانسحاب الحزب من الحكومة إذا واصل تعنته، إلا أنّ باراك رفض التوجهات، وأصر على مواصلة الطريق مع الائتلاف الحالي، بحيث بات الانقسام داخل الحزب مسألة وقت.
ونقلت وسائل الإعلام الصهيونية عن النائب ايتان كابل، النائب في الكنيست عن حزب العمل قوله إنّ خطوة باراك بمثابة صاعقة، لم تفاجئه على اعتبار أن السنتين الأخيرتين شهدتا أحداثاً سياسية مأزومة مهدت إلى انفصال باراك عن حزب العمل.
أما حاييم أورون رئيس حزب ميرتس فقال إن باراك يقضي بخطوته على كل الفرص السياسية المتاحة ويبقي حكومة نتنياهو منعدمة الأفق السياسي، على حد تعبيره.
السفاح باراك ووُلد إيهود باراك في كيبوتس مِشمار هشارون (1942)، وأنخرط براك في جيش الاحتلال في 1959 وأدى خدمته كجندي وقائد لوحدة خاصة وفي مناصب قيادية مختلفة منها قائد لواء مدرّع وقائد فرقة القوات المدرّعة ومناصب في هيئة الأركان وكذلك منصب رئيس قسم الاستخبارات في الجيش الصهيوني.
وخلال عدوان العام 1967، كان باراك قائدًا لوحدة استطلاع، وفي حرب أكتوبر في 1973، كان قائدا لكتيبة دبابات في الجبهة الجنوبية في سيناء.
وفي يناير 1982، عُيّن باراك رئيسًا لقسم التخطيط في الجيش الصهيونى ورُقّي إلى رتبة ميجر جنرال. وخلال عملية سلامة الجليل في 1982 كان الميجر جنرال باراك نائبًا لقائد القوات الصهيونية في لبنان.
وفي إبريل 1983، عُيّن الميجر جنرال باراك رئيسا لقسم الاستخبارات وفي يناير 1986، عُيّن قائدا للمنطقة الوسطى في الجيش الصهيوني، وفي مايو 1987، عُيّن باراك نائبا لرئيس هيئة الأركان.
في إبريل 1991، تولّّى باراك منصب رئيس هيئة الأركان العامة ال 14 ورُقّي إلى رتبة جنرال، وهي أعلى رتبة في الجيش الصهيوني.
وفي أعقاب توقيع اتفاقية غزة أريحا مع الفلسطينيين في مايو 1994، كان الجنرال براك يراقب عملية إعادة انتشار قوات الجيش الصهيونى في قطاع غزة وأريحا. وكان يلعب دورا مركزيا في وضع اللمسات الأخيرة على معاهدة "السلام" مع الأردن التي وُقّّعت في 1994، واجتمع بنظيره السوري في إطار المفاوضات السورية الصهيونية.
كما مُنح الجنرال باراك وساما تقديرًا لخدمته العسكرية الفاخرة وأربعة أوسمة تقديرا لما أبداه من "شجاعة" و"تفوّق" خلال العمليات العسكرية. إن باراك صاحب شهادة بكالوريوس في الفيزياء والرياضيات من الجامعة العبرية في القدس (1976)، وصاحب شهادة ماجستير في التحليل الهندسي الاقتصادي من جامعة ستانفورد بكاليفورينا (1978).
كان باراك وزيرا للداخلية من يوليو وحتى نوفمبر 1995، ثم تولّى منصب وزير الخارجية من نوفمبر 1995 وحتى يونيو 1996. بعد انتخابه عضوا في الكنيست في 1996، كان باراك عضوا في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية. في 1996 انتُخب باراك رئيسا لحزب العمل وفي 1999 شكّل حزب "إسرائيل واحدة" التي ضمّت أحزاب العمل وجيشر وميماد. أنتخب باراك رئيسا للوزراء في ال 17 من مايو 1999.
وعرض حكومته على الكنيست في ال6 من يوليو 1999 حيث تولى منصبي رئيس الوزراء ووزير الحرب. وانتهت ولاية باراك في ال7 من مارس 2001 في أعقاب هزيمته أمام ارييل شارون في الانتخابات الخاصة لرئاسة الوزراء التي جرت في فبراير 2001. في شهر يونيو 2007 انتخب إيهود باراك رئيسا لحزب العمل وفي أعقاب ذلك عُين في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الأمن، وهو المنصب الذي ما يزال فيه.