وافق وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد" علي خطة تعتبر هي الأكثر طموحاً بالنسبة للمؤسسة العسكرية الأمريكية حتي الآن، لمحاربة الإرهاب في مختلف أنحاء العالم، والرد عليه بسرعة أكبر، وحسم أقوي، وذلك في حالة حدوث هجوم إرهابي علي الولاياتالمتحدة حسب ما جاء علي لسان مسؤولين في وزارة الدفاع. وخطة الحملة الخاصة بالحرب العالمية علي الإرهاب التي طال انتظارها، وكذلك الخطتان الفرعيتان الأخريان، التي وافق رامسفيلد عليها جميعاً خلال الشهر الماضي، تأتي علي رأس أولويات "البنتاجون" حالياً كما يقول مسئولون علي دراية بالوثائق الثلاث، كانوا قد تحدثوا بشرط عدم ذكر أسمائهم لأنهم ليسوا مخولين بالحديث عن تلك الوثائق علناً. وتفاصيل تلك الخطط ما زالت طي الكتمان، ولكن يمكن بشكل عام القول إنها تتخيل دوراً موسعاً للقوات المسلحة بشكل خاص قوة نخبة مكونة من جنود عمليات خاصة في العمليات الجارية لمحاربة الإرهاب خارج المناطق التي تدور فيها الحرب مثل العراق وأفغانستان. وهذه الخطط، التي تم تطويرها علي مدي ثلاثة أعوام، بواسطة قيادة العمليات الخاصة (SOCOM) في "تامبا"، تكرس تدخل "البنتاجون" في مجالات، كان يتم التعامل معها تقليدياً بواسطة وكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي. إيه" والخارجية الأمريكية. علي سبيل المثال قامت (SOCOM) بإرسال فريق صغير من ذوي الباريهات الخضراء، وكذلك قوات عمليات خاصة إلي السفارات الأمريكية في حوالي 20 دولة في الشرق الأوسط، وآسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، كي يقوموا بعمل تخطيط عملياتي، وجمع معلومات، لزيادة القدرة علي إجراء العمليات العسكرية في الحالات التي لا تكون الولاياتالمتحدة في حالة حرب فيها. بشكل عام يمكن القول إن تلك الخطط تعكس رؤية "رامسفيلد" منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والتي تتمحور حول ضرورة قيام المؤسسة العسكرية الأمريكية بتوسيع نطاق مهامها لتجاوز حروب القرن العشرين التقليدية، التي كانت تتم بالمشاة والمدرعات والسفن والطائرات النفاثة إلي حرب الجماعات غير المرتبطة بدول، والتي تتصف بمجموعة من الصفات أهمها صعوبة العثور عليها. وكل خطة من تلك الخطط تتكون من أكثر من 100 صفحة، وتغطي طائفة واسعة من الأعمال العسكرية العلنية والسرية مثل: المطاردة، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن الشبكات الإرهابية، وشن الهجوم علي معسكرات تدريب وتجنيد الإرهابيين، والتعاون مع القوات المسلحة للدول الأجنبية لتدمير ملاذات الإرهاب. وتشكل هذه الأعمال معاً ما يمكن اعتباره "تكليفاً بمسؤوليات" لقيادات قوات مسلحة مختلفة، تقوم بإجراء ما تطلق عليه البنتاجون اسم "حرب طويلة" ضد الإرهاب. أما الخطة الثانية، فتتركز بشكل خاص علي تنظيم "القاعدة" والحركات المرتبطة به والتي تشمل ما يزيد علي 12 مجموعة موزعة في أرجاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطي وأفريقيا. وتشمل هذه المجموعات "الجهاد الإسلامي" المصرية و"أنصار الإسلام" في الشرق الأوسط، و"الجماعة الإسلامية" في اندونيسيا، و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في الصحراء الأفريقية. أما الخطة الثالثة، فهي تبين الكيفية التي يمكن بها للقوات المسلحة الأمريكية إحباط، والرد علي هجوم إرهابي كبير آخر يقع علي الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهذه الخطة تشمل ملاحق طويلة، وتقدم قائمة من الخيارات، التي تتيح للعسكريين إمكانية الانتقام السريع من مجموعات إرهابية معينة، أو أفراد، أو دول راعية تحوم الشكوك حول وقوفها وراء الهجوم. وقد رفضت "البنتاجون" التعليق علي خطط مكافحة الإرهاب، أو علي الموافقة عليها من عدمها، متعللة في ذلك بسياسة قائمة منذ وقت طويل، أفصح عنها العقيد بحري "جريك هيكس" المتحدث باسم وزارة الدفاع عندما قال: "إننا في وزارة الدفاع لا نناقش خطط الطوارئ أو الخطط المستقبلية علناً". ولكن نائب قائد (SOCOM) الفريق بحري "إيريك تي. أولسون" صرح في موعد سابق من هذا الشهر في شهادة له أمام مجلس "الشيوخ"، بأن تلك الخطط قد ووفق عليها. وقال الفريق أول "دوج براون" قائد (SOCOM) في شهادة مماثلة أمام مجلس النواب الشهر الماضي إن قيادة القوات الخاصة التي يقودها هي القوات المنوط بها شن الحرب العالمية علي الإرهاب. وهي تقوم في إطار ذلك الدور بتوجيه وتنسيق العمليات عن طريق قيادات القتال الإقليمية العسكرية. ويمكن ل(SOCOM) إذا ما صدرت إليها الأوامر بذلك أن تقوم بعملياتها الخاصة المضادة للإرهاب، إذا ما امتد التهديد عبر حدود إقليمية،أو إذا ما كانت المهمة ذات طبيعة غاية في الحساسية. ولكي تمد نطاق عملها إلي المزيد من الدول قامت (SOCOM) بتجنيد 13 ألف عضو جديد من جنود العمليات الخاصة، بالإضافة إلي جنود القوات الخاصة الذين يجيدون اللغات، ويعملون مع القوات المسلحة الوطنية، بالإضافة إلي عملاء ما يعرف ب "قوة دلتا"، وفرق من البحرية تقوم بتكوين وحدات للمهام خاصة، تقوم بأعمال الاستطلاع وجمع الاستخبارات وأعمال المطاردة. وفي الواقع أن (SOCOM) وصلت إلي أكبر عدد لها في تاريخها، حيث تستخدم قرابة 7000 عنصر في الخارج في الوقت الراهن، وإن كانت غالبية هذا العدد تتركز في العراق وأفغانستان. (في العام الماضي كان 85 في المئة من تلك القوات متمركزاً في الشرق الأوسط ووسط آسيا والقرن الأفريقي). والدور الجديد ل (SOCOM) بما يتضمنه من ضم المزيد من القوي البشرية والمهارات المتخصصة، والمنظمات، للقيام بمهام القتال ضد الإرهاب أدي إلي بعض التوترات البيروقراطية سواء داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية مع قيادة الأركان المشتركة، والقيادات الإقليمية، وال"سي.آي.إيه"، ووزارة الخارجية. وهذه التعقيدات تحديداً كانت هي السبب الذي أدي إلي تأخر صدور تلك الخطط لسنوات.