"أمريكاني في طنطا.. عدل السماء.. غرام بثينة.. حدث ذات ليلة" وغيرها من الأفلام التي يندهش جمهور التليفزيون المصري والمتابعون لكل قنواته الأرضية والفضائية، عندما يشاهدها عبر القنوات الفضائية العربية، التي انطلق بثها في الفترة الأخيرة، لتعكس أمراً خطيراً، طالما حذر منه الخبراء والنقاد السينمائيون، حيث تبين علي أرض الواقع أن التليفزيون المصري فقد تراثاً مهماً وعلامات سينمائية تاريخية، ولم يعد بمقدوره سوي أن يكرر نفسه، وأفلام مكتبته، بينما تحجب بقية الفضائيات في إغواء المشاهد بأفلام أقل ما يقال عنها أنها نادرة. فأين ذهبت هذه الثروة؟ ومن المسئول عن تبديدها؟ هذه هي حملتنا التي بدأناها بسؤال النجم حسين فهمي الذي عبر عن غضبه بقوله: كفنان مستاء جداً لما حدث حيث إن هناك عدداً كبيراً من أفلامي لا يعرضها التليفزيون المصري، والأمر لم يتوقف علي الأفلام فحسب بل هناك مسلسلات ومسرحيات قوية جداً لم نعد نراها إلا علي شاشات تلك المحطات الفضائية وأنا شخصياً أشكر تلك المحطات لأنها قدمت أعمالنا للأجيال الجديدة التي لم تشاهد تلك الأعمال من قبل، والسبب بالتأكيد يرجع إلي البحث وراء العائد المادي والذي تقوم به شركات الإنتاج، حيث إن هذه الشركات تسعي وراء العائد المادي دون أن تبحث عن قيمة فنية متمثلة في ضرورة لن يراها جميع أفراد الشعب، فالشعب المصري لا يمتلك كله أجهزة الاستقبال هذه، وقد طلبنا من التليفزيون كثيراً شراء بعض الأعمال القديمة، لكن يبدو أنه اعتمد علي أن تلك الأعمال تعرض في الفضائيات، وأنا شخصياً أتمني أن يشاهد أعمالي جميع فئات الشعب المصري، وأؤكد أنني مستاء من ذلك لأن المسألة في النهاية يجب ألا تكون مسألة مادية ولو كانت كذلك، فلم لا يشتري التليفزيون تلك الأعمال ويعرضها ونحن واثقون من أنها سوف تلاقي إعجاباً جماهيرياً وسوف يحصل من خلالها علي عائد مادي كبير من خلال الإعلانات التجارية، نحن نطالب شركات الإنتاج أن تتساهل إلي حد ما حتي يستطيع التليفزيون أن يثري مكتبته بالأعمال القديمة. أما الفنانة "مريم فخر الدين" فتقول: عانيت ومازلت أعاني من عدم عرض أفلامي القديمة علي شاشات التليفزيون المصري، والمثال علي هذا فيلم "هارب من الحب" الذي شاركني بطولته "محمود ذو الفقار" وأخرجه عز الدين ذو الفقار من إنتاج محمود فوزي، وفيلم "الغائبة" من توزيع "بهنا فيلم" وبطولة كمال الشناوي ومحمود المليجي وإخراج عز الدين ذوالفقار، وأفلام أخري لا أتذكرها الآن وكل تلك الأفلام للأسف لا تعرض أيضا في الفضائيات بعدما سقطت من ذاكرة التليفزيون المصري، ولا أعرف السبب في ذلك وأعتقد أن هناك بعض السرقات تحدث من قبل الذين يقومون بشراء تلك الأفلام القديمة حتي تعرض لحسابهم في الدول العربية، ولقد قمت برفع أكثر من دعوي قضائية ضد عدد من شركات الإنتاج التي تقوم بتحايل غير قانوني في هذا الإطار. أما الفنان "محمود ياسين" صاحب التراث الفني الكبير وصاحب إحدي شركات الإنتاج أيضاً فيقول: الأفلام الموجودة أغلبها تمت في شكل عقود استغلال وبالتالي فإن لها موعد محدد والتليفزيون لا يستطيع أن يقوم بشرائها بسبب عدم وجود الإمكانيات المادية، وهذا ليس تقصيراً من التليفزيون الذي تحكمه الماديات الفقيرة، وحينما نتكلم عن فيلم ما يكون المنتج قد توفي والورثة هم الذين يتصرفون في الفيلم، وبدورهم يبحثون عن الفضائية التي تدفع أكثر وخاصة أنه في الكثير من الأحيان يكون الميراث الوحيد الذي يمتلكونه ولا يعرفون شيئاً عن الفن، ولذلك يفضلون التعامل مع الفضائيات مقارنة بالتليفزيون المصري، ويجب أن نكون واقعيين لأن التليفزيون مرت عليه سنوات لم يستطع تجديد حق الاستغلال وأحياناً يقوم بتسديد القيمة بالتقسيط، وأنا شخصياً قمت بإنتاج تسعة أفلام منها خمسة أفلام موجودة في التليفزيون وانتهي حق استغلالها ولم يقم بتجديدها وأنا مقدر عدم وجود إمكانيات مالية. ولكن هناك غيري من المنتجين من لم يصمد واتجهوا فوراً إلي بيع أفلامهم ومسرحياتهم إلي الفضائيات العربية وهناك أيضاً من له معرفة بالقيمة الفنية وصمد طويلاً لينتظر ما سوف يقوم به التليفزيون لكن في الفترة التي عاني فيها التليفزيون من عدم وجود سيولة مادية ظهرت قنوات فضائية مثل A.R.T وروتانا وميلودي مؤخراً وأصبحت تشتري الأفلام والمسلسلات والمسرحيات بمبالغ مرتفعة وتلك المبالغ جعلت شركات الإنتاج لا تستطيع المقاومة باستثناء قلة مازالت تقاوم وأنا منهم، ففي أعقاب انتهاء حق استغلال بعض أفلامي لم أتحدث إليهم لأن هذا تليفزيون بلدنا وأنا أعرف ظروفه جيداً لكن المشكلة أنني فنان وأعرف قيمة العمل الفني، لكنني فيما بعد سوف أترك تلك التركة لأبنائي الذين لا يعرفون شيئاً عن ذلك وليس لديهم أية خبرة بالإنتاج وهذا ما يعاني منه الكثيرون. ومن جانبه أشار "محمد البربري" مستشار شئون التسويق بالقطاع الاقتصادي إلي أن التليفزيون يعاني من ضآلة ميزانيته وعدم استطاعتها شراء الأعمال القديمة خاصة أن شركات الإنتاج تستغل ما يحدث وتغالي في أسعار بيع حقوق البث لأنها تجد أمامها الفضائيات القادرة علي الشراء وهذا الأمر برمته يعود إلي القيادات العليا في التليفزيون، التي تحاول جاهدة إثراء مكتبة التليفزيون ولكنها لا تجد السبيل إلي ذلك وتخضع للإمكانات المتواضعة والميزانية المحدودة. أما سهير شلبي رئيس قناة النيل للدراما فتقول: الأمر برمته يتعلق بالشئون المالية في التليفزيون فهم الذين يقدرون ميزانية الأفلام لكن الفضائيات العربية تدفع أكثر بكثير ونحن في قناة النيل للدراما لدينا كمية كبيرة من الأفلام والمسلسلات مازلنا نعرضها ولدينا طموح لشراء الأفلام بدرجة أكبر وتجديد حقوق الأفلام التي انتهي حق استغلالها لكنه دور القطاع الاقتصادي وقد بدأنا في تجديد حق استغلال مسلسلات لكن الأفلام هي التي نجد فيها مشكلة وأتمني أن نستطيع شراء أكبر كم من الأفلام خصوصا أن قناة النيل للدراما لها مشاهدون في كل أنحاء الوطن العربي والعالم. وتصف سلمي الشماع مسألة عدم شراء أعمال جديدة بأنه شيء مؤسف قائلة: الفيلم يستطيع أن يسترد ما دفع فيه من خلال عدد مرات عرضه لأن أي فيلم ستسبقه إعلانات تجارية والأمر نفسه يتعلق بالمسرحيات والمسلسلات، ولذلك يجب أن تكون هناك لجنة تقوم علي تقدير هذه المشكلة، ووضع الحلول المناسبة لها بشرط أن تضم اللجنة متخصصين في الاقتصاد والسينما والمسرح والتسويق بحيث تقرر ما يجب أن يتم شراؤه والقيمة التي يستحقها، وكذلك العائد من وراء شراء هذه الأفلام وبدون هذا لن يستطيع التليفزيون المصري ان يواكب روح العصر، وسيتخلف عن منافسة الفضائيات العربية الأخري.