مع دخول الجهود الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني إلي النفق المسدود صرح دبلوماسيون غربيون بأن إيران ماضية قدماً في برنامجها علي نحو أسرع مما كان متوقعاً، ولم يعد يفصلها عن تخصيب اليورانيوم سوي خطوات معدودة. ويضيف الدبلوماسيون أنه إذا لم يواجه المهندسون الإيرانيون أية عراقيل تقنية، فإن طهران ستتمكن من تصنيع ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية خلال الثلاث سنوات المقبلة وذلك بوتيرة أسرع بكثير مما أوردته التقديرات السابقة التي حددت المدة الزمنية لامتلاك إيران للسلاح النووي في عشر سنوات. وبالطبع تنفي إيران ذلك وتصر علي أن برنامجها النووي إنما هو موجه إلي إنتاج الطاقة الكهربائية ما يتطلب تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة. وقد رشحت هذه التقديرات الجديدة حول البرنامج النووي الإيراني عبر ممثلي الدول في مجلس الأمن الذين أطلعهم كبار المسئولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي آخر التطورات استناداً إلي تقارير مراقبيها في إيران. ومع أن إيران ماضية في برنامجها، مازالت تواجه الجهود الدبلوماسية الرامية إلي إقناعها بوقف نشاطها النووي تعثراً كبيراً بسبب جو عدم الثقة السائد بين أعضاء مجلس الأمن، فضلاً عن الاختلافات حول أنجع الاستراتيجيات لتحقيق ذلك. وفي هذا الصدد صرح أحد الدبلوماسيين من فيينا أن هناك "إشارات متباينة ترد من الولاياتالمتحدة، وهي الآن عازمة فيما يبدو علي تصعيد الموقف الشيء الذي تعتبره روسيا منزلقاً خطيراً". وعن مدي تقدم البرنامج النووي الإيراني يقول الخبراء إن طهران أصبحت قريبة جداً من تزويد آلات الطرد المركزي بغاز اليورانيوم، ما يشكل الخطوة الأولي التي تسبق عملية التخصيب. وحسب أحد المسئولين غير الغربيين الذي يتابع عن كثب البرنامج الإيراني، فإنه من المرجح أن يشرع المهندسون الإيرانيون خلال الأيام القليلة المقبلة في محطة "ناتانز" بإجراء اختبارات مهمة علي آلات الطرد المركزي، والتأكد من أن الأنابيب موصولة بإحكام ومغلقة بالشكل المطلوب الذي يمنع تسرب الهواء. ومن المتوقع أن يبدأ الإيرانيون بتزويد أجهزة الطرد المركزي البالغ عددها 164 بغاز اليورانيوم. وفي حال قررت إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية فسيكون عليها إما تخصيبه علي نحو سري، أو أن تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تحظر علي الدول الموقعة عليها تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية. يذكر أن مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغ مجلس الأمن بالملف النووي الإيراني بعدما امتنعت عن الاستجابة لمطالب المفتشين الدوليين بالحصول علي معلومات حول نشاطها النووي الذي ظل طي الكتمان طيلة ال18 سنة الماضية. وبالرغم من اتفاق جميع أعضاء مجلس الأمن علي ضرورة منع طهران من امتلاك السلاح النووي، إلا أن الخلافات مازالت مستحكمة حول أفضل السبل لتحقيق ذلك. فبينما يمارس الاتحاد الأوروبي والأمريكيون ضغوطا شديدة علي طهران لوقف تخصيب اليورانيوم تماشيا مع الاتفاق الطوعي الذي كانت قد وقعت عليه في أواخر سنة 2004 أثناء مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، وبينما تسعي الدول الأوروبية أيضا إلي تمرير قانون في مجلس الأمن يفرض عقوبات علي طهران، يتخوف الروس والصينيون من أن تكون هذه الضغوط محاولة من الغرب لتوجيه ضربة عسكرية لطهران كما حصل مع العراق سابقاً. ويعتقد الروس والصينيون أن من شأن فرض العقوبات علي إيران وتصعيد اللهجة ضدها أن يقودا إلي انسحابها من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وخروج المفتشين الدوليين من البلاد. ولتفادي ذلك تقترح كل من روسيا والصين السماح لإيران بتشغيل عدد محدود من أجهزة الطرد المركزي لأغراض البحث العلمي. وقد جاءت الرسالة التي سربت مؤخراً إلي وسائل الإعلام ويقترح فيها "جون ساورز" من المكتب البريطاني للشئون الخارجية علي نظرائه في بريطانيا وألمانيا والولاياتالمتحدة تقديم حزمة من الحوافز إلي إيران تشترك فيها الولاياتالمتحدة لتزيد من تعقيد الموقف، خاصة عندما أعلنت روسيا أنها لن توافق علي أية خطوة تتخذ من وراء ظهرها.