كان عم صابر الصنافور مثالا نطلقه علي كل من يحب الجدل والجنجحة في بلدنا أو يدعي انه من أصحاب الفهم والعلم والقدرات الخارقة.. فعم صابر الذي كان يتعدي السبعين لقب بالصنافور لأنه كان خفيرا نظاميا بالسكة الحديد وكان دائم الجلوس بجوار "صنافور" السكة وكان محبا للضحك والقفشات وادعاء القدرات التي لا تتفق مع من في عمره كان البعض يسمونه "أبو لمعة الصنافور" لكن الأغلبية استغنوا عن وصفه أبو لمعة واعتبروا عم الصنافور نفسه وصف بديل لأبو لمعة.. كنا نحب الجلوس اليه والاستماع إلي قفشاته وتعليقاته واحيانا نستدعيه بعزومة سيجارة وكوب شاي لنفتح له الموضوعات ونذكره بالحكايات لينجلي عم الصنافور ويقول أحلي كلام أغلبه فشر بلدي من عينة ضربت خمسة "بعصا جريد" غير اللي جريوا، وشربت "عشرتاشر" زجاجة بيرة في رهان مع فلان وكسبته. مرة كان سكيرة القرية يجلسون علي شط ترعة الابراهيمية التي تمر بالقرية فجاءهم عم الصنافور يصر علي أن يشاركهم "السكر" والسجائر المحشوة بالبانجو ورغم كل المحاولات لاثنائه عن ذلك إلا انه اصر وظل يشتم ويسب في السكيرة ويؤكد لهم انه غول شرب وصاحب تاريخ مع ابائهم واجدادهم أيام ما كانوا بيشربوا الخمر في "حلة" يغرفوا منها "بالكوباية"، وأمام اصرار عم الصنافور اعطاه السكيرة كوب بيرة وسيجارة بانجو وصل إلي نصفها وانتصب واقفًا ليقول "السلام عليكم" وبدلاً من الاتجاه إلي الطريق نزل الترعة وكاد يغرق لأنه ممن فقدوا مهارة العوم لكبر سنه. عم الصنافور أتذكره كثيرًا فكل ما يجري حولنا يشعرك أن هناك آلافاً من عم الصنافور وإذا كان عم الصنافور مات منذ سنوات فإن هناك من هم ابرع منه في "النخع" الفارق الوحيد أن الرجل عليه رحمة الله كان في احيان كثيرة يضطر للاعتراف بأنه "ينخع" ويضحك لمن يقول "أنت بتنخع كثير يا عم صابر" أما "النخاعون" الحاليون فهم لا يعترفون بالنخع ويرون أنهم صادقون ومع مرور الأيام يكبر كذبهم وتزيد وعودهم وحديثهم من الممكن وما سيتم. عم الصنافور موجود في أغلب الوزارات فالأرقام والأحلام التي يتحدثون عنها كان صعب علي عم صابر بكل "نخعه" أن يتحدث عنها وإلا كان مات بتخمة ارقام منخوعة، في البرلمان يطل علينا عم الصنافور من كثير من المقاعد فكثير من نواب البرلمان يتعاملون مع ابناء دوائرهم علي طريقة عم الصنافور.. يطلقون الوعود ويرسمون خططاً وبرامج لتنفيذها وكأنها اصبحت حقيقة وواقعا.. لكن بمجرد أن يمسكوا كارنيه العضوية في أيديهم تصبح وعودهم وكأنها زبدة طلعت عليها الشمس فساحت، وعلي المواطن أن ينتظر خمس سنوات اخري حتي يأتي مرشح آخر -أقصد نفس المرشح- ليضحك عليه مرة أخري وتضيع عليه سنوات فقد فيها حقه بسبب فشر اراد مرغمًا أن يصدقه ربما بسبب الظروف أو بعض الجنيهات أو حتي لانه تعود علي اسلوب عم الصنافور.. والفارق الوحيد أن فشر عم صابر الصنافور كان علي قده لا يضر أحدا ولا يحرم أحدا من حقه، وانما فقط يضحك وسط الغم، أما فشر الحكومة والنواب فليس له حدود وعلي حساب الناس ومصالحهم واستخفاف بعقولهم، وان كنت للأسف شايف أن تصديق عم الصنافور أصبح عدوي مصرية تصيب المواطن في تعامله مع كل شيء، حتي أصبح المثل "اللي مالوش صنافور يضحك عليه يدور له علي صنافور" المهم يضحك.