استشعرنا جميعا مدى اهمية زيارة الرئيس الكورى روه موهيون لمصر مؤخرا خاصة من التصريحات الهامة والسابقة للرئىس محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية عن مدي اهتمامه بتضييق الهوة بين الكوريتين لصالح شعوب الدولتين وعلى جانبى الحدود مع كوريا الشمالية.. فهى هوة تعتبر ميراثا لحقبة الحرب الباردة التي انتهت وطويت صفحاتها.. وحان الوقت لتجاوز الخلافات المتبقية لضمان سلام واستقرار الكوريتين.. فالسلام في العالم كل لا يتجزأ. وقد يكون احتفاظ مصر بعلاقات دولية وعميقة الجذور مع الكوريتين عاملا هاما في القيام بالدور الذي اوضحه الرئىس خاصة بعد زيارته لكوريا الجنوبية عام 1999 وزيارته للشمالية ثلاث مرات.. كما ان تمتع كوريا الجنوبية بعلاقات طيبة، بجانبين الفلسطينى "السلطة الفلسطينية" والجانب الإسرائيلى ليمثل نقطة مؤثرة فى دفع عملية السلام حاليا ومستقبلا. وقد جاءت زيارة الرئىس الكوري بعد ان اصبح هناك علاقات دبلوماسية كاملة بين مصر وكوريا الجنوبية منذ عشر سنوات اي منذ عام 1995 وبعد ان اعترفت مصر باستقلال كوريا عام 1948 فبدأت الصداقة بين الشعبين تأخذ منحنى ايجابيا جديدا.. بعد ان كان التمثيل الدبلوماسى يقتصر علي علاقات قنصلية فقط بين الدولتين منذ الستينيات في القرن الماضي. وبين رحاب ووقائع حدث الزيارة ولقاء القمة بين الرئىسين زعماء الدولتين.. وما سيترتب عليها بالقطع من آثار هامة مستقبلية استدعت ذاكرتي بعض المواقف والاحداث والنوادر التي لم تَغْرب أبدا عن ذكرياتي لما لها من أهمية ذاتية خاصة.. أو عامة وذلك من خلال زيارتي لكوريا الجنوبية زيارة رسمية في نهاية الثمانينيات في القرن الماضي ولم يكن كما سلف التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين تعدي العلاقات القنصلية.. الا ان كافة المستويات الرسمية الكورية كانت تطلع لان يرتقي هذا التمثيل ليصبح تمثيلا دبلوماسيا كاملا علي مستوي تبادل السفراء كما حدث فيما بعد عام 1995. ولعلى اذكر ان توقيت زيارتي عاصر ما كان يطلق علي كوريا الجنوبية حينذاك بأنها "فتاة امريكا المدللة".. كما انها كانت تتحرك بنشاط ملحوظ نحو التقدم الصناعي والثقافي وتعميق علاقاتها مع دول العالم خاصة في ظل صراعها المستمر مع كوريا الشمالية. 1- فعندما هبطت من الطائرة بمطار "سول" العاصمة استرعي اهتمامي حرارة الاستقبال وكثرة عدد المستقبلين والمراسم الرسمية والامنية والدبلوماسية.. التي اعدت بدقة.. ثم فوجئت بجانب مستقبلي من الجهات الرسمية المماثلة لطبيعة عملى والمناسبة التي اعدت لها الزيارة.. ان تقدم شخص مهيب قبالتى عرفت فيما بعد انه المسئول عن تنظم دورة الاوليمبيات بسول لينحنى.. مرة واخري بتواضع شديد.. ثم يقف ويقول "لقد جئنا جميعا لنُحيىّ فيك ووفدك وزيارتكم مصر العظيمة.. وهى الشقيقة الكبري لنا.. فهي مالكة لتاريخ وحضارة عُمْرها سبعة آلاف عام.. بينما نحن في كوريا الجنوبية فنملك من التاريخ والحضارة اربعة آلاف عاما ونيف فقط.. ولذلك نقول دائما اننا الشقيق الاصغر لمصر حضارة وتاريخا.. إلى جانب المتخصصون والفنيون.. قدموا لى شابا مرافقا كوريا.. أنهى دراسته الاسلامية بمدينة البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف ويتمتع بطلاقة لسانه باللغة العربية "الفضيحة".. ولم يتوقف طوال أيام الزيارة على أن يحكى لى ذكرياته وأيامه التى لا ينساها فى سنواته الأربع التى قضاها فى الأزهر الشريف ومدينة البحوث الإسلامية.. إلا أنه بين كل حين وحين لابد أن يطمئن على راحتى.. وأن برنامج الزيارة وما يحويه من لقاءات رسمية ومباحثات.. أو جولات حرة ودعوات وزيارات.. لا يوجد به شائبة حتى يكتب لرؤساته تقريرا بتلك الشهادة يوميا.. وإلا يصبح مقصرا في عمله.. 3 من بين برنامج الزيارة كان هناك.. وبعيدا عن اللقاءات الرسمية والمباحثات اماكن لا تنسي.. اذكر منها.. زيارة مدينة متكاملة.. تحاط بكل ما يحفاظ عليها بطابعها التاريخي والقديم.. وما يؤكد امنها ونظافتها والحفاظ علي بيئتها وبنيانها.. الخ.. خاصة وانها تمتد بمساحاتها ومرافقها ومتاجرها ومصانعها وبيوتها.. وسهولها.. وهضابها.. ومعابرها.. وانهارها والعاملين فيها من كبار السن بما يوحي انهم أتوا من الزمن البعيد التبليد و"الجميل" لانه يمثل الحضارة والتاريخ.. هي "مدينة سول القديمة ونواحيها" فوجدنا بها كافة الصناعات القديمة تُحاك امام اعيننا مثل "الحرير من دودة القَزْ والزجاج كما كان يُصنع منذ آلاف السنين والاحجار الكريمة في الآواني وادوات الزينة.. والنسيج كما كان يغزله القدماء.. وكل ذلك في بيوت قديمة.. تحمل تاريخ السنين ووجوه مُسِنّة. ولا يمكن بأي حال من الاحوال مع كثرة الرواد والسياح والمشترين لانتاج الصناعات والتجارة.. ان يكفي يوم واحد الا للالمام بجزء ضئيل من تلك المدينة.. التي تتمتع بالنظافة والاصالة.. وكثرة روادها ايضا من رحلات مدرسية في مختلف الاعمار.. 4 و