لماذا تحولت الاغاني العاطفية الي لغة تراشق واتهام وندم وتهديد بالتراجع والانسحاب وحرص علي الثأر والانتقام وبكاء من الغدر والخيانة. هل تلوثت المشاعر والعواطف بفكرة الارهاب فتفتقت قرائح الشعراء عن عبارات وكلمات حادة مستفزة بعيدة كل البعد عن الحب الحقيقي الذي عبر عنه فريد الاطرش لو تأخرت حبيبته يقول بكرة هو اللي ما جاش قمة الثقة في النفس وفي الحبيبة التي لن تستطيع ان تتأخر والان يقول كريم افتكري تفاحة آدم. يحمل فتاته اوزار اهل الارض منذ بدء الخليقة. وتقول شيرين إيه يعني غرامك ودعني ورحم الله ام كلثوم هجرتك يمكن انسي هواك. وعبدالحليم حافظ في لحظة حب عشناها نعيش العمر تسعدنا، كم كانت اغاني الزمن الجميل ينبوع رقة وحنان وتفاؤل يدعو الي الذوبان في حالة وجدانية شفافة تحمل المستمعين معها الي السحاب. الآن تقول سميرة سعيد راحت عليك عايز تحلم خليك وتقول ليلي غفران اسهلهالك مش مرتحالك وتقول اصالة اسفة شفلك غيري ويقول صابر الرباعي حاخد بتاري لو شعري شاب وغيرهم وغيرهن اغاني كثيرة لكبار المطربين والمطربات. نعم كان في الزمن الجميل الشبيه بزماننا ايضا اغاني عن الهجر والخصام والدموع والغيرة والفراق ولوعة الندم ولكن كلمات مغلفة بشرائط حريرية تمس شغاف القلب لا تحمل في طياتها التهديد والهجوم حتي لا تجرح مشاعر الحبيب او حتي التي كانت حبيبة كان العشاق فرسان نبلاء يحملون الورود والشموع واصبحوا الان جنود مارينز يحملون طلبات احاطة الكلام في الحب يتطلب قدرا عاليا من الرومانسية والتسامح فلا داعي نقول للحبيبة اللي جرحك في البداية مش انا كأنك تذكرها بجرح ما يمن احدهم عليها بمداواته. ان ما نسمعه الان في كثير من الاغاني يكشف الجفاف والقسوة والغرور والسادية والنرجسية في عشاق القرن الحادي والعشرين زمن الخوف والسلبية وغرق المعاني النبيلة في بحر الاسفاف. شريط عمرو دياب الاخير اعاد الحب الي عرشه وازال سوء التفاهم وعاتب وفارق برومانسية خفيفة الظل شأن الكبار دائما لازال الفن قادرا علي صياغة الوجدان وامتاع العقول وتأصيل الانتماء وتضميد الجراح. الارهاب العاطفي في كلمات بعض الاغاني لا يعني سوي زوبعة في فنجان صورة مصغرة تعكس ارهاب البشر والطبيعة. الشعراء يفهمون جيدا ان الحب هو الحياة حب الوطن والام والاصدقاء والحبيبة والابناء والخير والجمال والعدالة. حب الله. حب كل شيء اذن لماذا مهاجمة من نحبهم او من كنا نحبهم.