الكوتة نظام يتم من خلاله تخصيص عدد من الدوائر الانتخابية للنساء، يتنافسن فيما بينهن فيها ويمنع الرجال من الترشيح في هذه الدوائر ويجعلهم ناخبين لا مرشحين لضمان فوز النساء في الانتخابات بهدف ضمان مشاركة المرأة السياسية. وإقرار التعديلات الدستورية فيما يتعلق بتخصيص 44 مقعدا للنساء في مجلس النواب اليمني مكسب كبير يجعل مشاركة المرأة سياسيا حقا دستوريا ويمكن أن يطور هذا الحق ليصبح حقا في القوانين الحزبية وقوانين جميع المؤسسات المجتمعية .الحكومية والمدنية. ولا شك أن لحزب المؤتمر شرف تبني هذا النظام وتثبيته في الدستور. ومع أن المرأة مسرورة بهذه الكوتة إلا أنها قلقة بشأن نتائجها حيث لم يتضح بعد كيف سيتم توزيع الدوائر الانتخابية بعد زيادة هذا العدد عليها ونخاف أن يتم اختيار دوائر النساء في مناطق يسيطر عليها المتشددون ضد النساء كما يزيد القلق كلما سمعنا التعليقات عن الرقم 44 من بعض الرجال والنساء في جلساتهم الترفيهية لأن هذا الرقم له دلالة ثقافية سلبية، اليمنيون وحدهم يعرفونها وقد بدأ الهمس والتندر يسمع حول دلالة الرقم 44 وقد تنعكس هذه الدلالة علي نفسية الناخبين عند انتخاب المرأة. ويضاعف القلق النسوي عدم توافق الرقم مع النسبة المحددة 15% حيث إننا لا نعرف كيف تم حساب نسبة 15% وترجمتها إلي 44 مقعدا واتضح هذا القلق من خلال مناقشات منظمات المجتمع المدني للتعديلات في مجلس النواب حيث ثبت أن حساب النسبة ال15% سوف يفرز 52 مقعدا وليس 44 وكيفما كانت الحسبة فإن المطالبة النسوية تطرح ضرورة أن يكون الرقم فردياً 45، 47 .. إلخ كما في مجلس النواب الحالي 301 أو أن ينص الدستور علي النسبة فقط وتترك التفاصيل للوائح والإجراءات وقوانينها وأن ينص في الدستور علي تطبيق نسبة 15% في كل المجالس التشريعية والمحلية وفي كل مواقع صنع القرار في كل المؤسسات الرسمية والمدنية. كما إن القلق قائم بشأن نوعية النساء اللاتي سيتم التنافس بينهن وبخاصة أن التعديلات الدستورية أهملت المادة التي تحدد شروط المرشح لعضوية مجلس النواب وكان الأحري أن تنال التعديلات هذه المادة فلا يعقل أن تظل تلك المعايير مختلفة إذ أن الشرط الذي كان مقبولا قبل خمسين عاماً لم يعد مقبولا الآن فمثلا شرط .أن يعرف القراءة والكتابة. هل هذا الشرط كافياً لعضو مجلس النواب في هذا العصر؟ لا نعرف كيف أغفلت التعديلات هذه المادة؟! نتمني ألا يكون معيار الشهرة هو العامل الوحيد المتحكم في اختيار المرشحين لعضوية مجلس النواب رجالاً ونساءً ونطالب بدعم المرشحات ممن لديهن علم وخبر وثقافة وتاريخهن الوطني معروف لكي يمثلن إضافة مؤثرة وفاعلة في المجلس القادم وحتي لا يقتصر دور المرأة في المجلس مستقبلاً علي إضفاء الديكور الوردي لجدار المجلس. لابد أن يؤخذ في الاعتبار أن نوعية النساء اللاتي سوف يصلن إلي المجلس هي التي ستحدد مستقبل المشاركة السياسية للمرأة في اليمن فإذا وصلت نساء متميزات قادرات علي طرح قضايا الوطن بموضوعية وبقوة وجرأة ومنطق فإن هذا نجاح للمجلس بكل أعضائه ودلالة قوية علي وعي الناخب اليمني وحسن الاختيار سوف يمكن المرأة في الدورات الانتخابية القادمة من خوض غمار المنافسة في الدوائر المفتوحة بجوار أخيها الرجل دون حاجة إلي نظام الكوتة ودون خوف من العوامل الثقافية والاجتماعية التي تكرس النظرة الدونية لدور المرأة. أما إذا تم وصول النساء الضعفيات فلن نري إلا كراسي خاوية أو أصواتاً مسيرة أو مناقشات حسب الموضة وسوف تكون التجربة انتكاسة كبيرة لحقوق المرأة وللنظام الديمقراطي في اليمن وانتصارا مقدما علي طبق من ذهب لأعداء تمكين المرأة بكل فئاتهم. ورسالة المرأة اليمنية إلي كل من بيده تحديد آليات تنفيذ هذا الاستحقاق الدستوري: ضعوا نصب أعينكم مخاوف النساء من الفشل واحرصوا علي نجاح الكوتة النسوية بتوفير الظروف الملائمة للمنافسة وبدعم المتميزات من النساء اللائي يؤمن بأن قضايا المرأة هي قضايا الرجل في هذا الوطن ودعم المرأة المتميزة هو دعم لتنمية المجتمع برجاله ونسائه ودعم للتكامل بين الرجل والمرأة بعيداً عن الإقصاء وهو في الوقت نفسه دليل علي وعي المجتمع اليمني برجاله ونسائه بأهمية اختياراتهم في رسم مستقبل أبنائهم وبناتهم من خلال مجلس النواب ولتجعلوا من هذه التجربة إضافة حضارية للشعب اليمني أمام العالم وبخاصة فيما يتعلق بالمرأة.. فهل ستتكاتف الجهود لإنجاح الكوتة مثلما حدث في خليجي عشرين؟! عند النساء ثقة كبيرة بأن الشعب اليمني هو صانع المعجزات في زمن الخذلان.