الفتنة الطائفية لم تكن مَوجودة من أربعة عقود مَضت لم يستطع الاستعمارأن يزكيها وهويحتل مِصر.. ولكننا استطعنا أن نُزكيها بأخطائنا الجسيمة. غريبة هذه البلد..وغريب هذاالشعب..شعب يعاني في كافة المجالات ولكنه يتمتع بتعذيب نفسِه يبحث عن زيادة مشاكله..أورُبما يهرب من مَشاكله اليومية بالدخول في قضايا يسهل توجيهُ اليها..ففي هذه الأيام طفت علي السطح قضية أصعب وأسوأ من كل مَشاكلنا وأكثرها تأثيراً وهي الفتنة الطائفية التي وإن كانت بَرزت وتَباينت صُعوداً وهبوطاً خلال أربعة عقود مضت الا إنها هذه المرة وإن كانت خالية من الاعتداءات العنيفة بين طرفيها..قد تكون آثارها أشد عمقاً من أحداث كثيرة مَضت..حيث إن الاحتقان المُلتهب في النفوس ينتهي ظاهرياً بتدَخل ِرجال الدين من الطرفين وبعض مَظاهر الترضية من المُسئولين..لأن تردي الأحوال وما ترسب من آثار نفسية سيئة مُتراكمة بين عنصري الأمة انعكس علي المُستوي المُحرِض علي الفتنة..فبعد أن كانت الأسباب تتمثل في الخِلافات اليومية التي تَحدث علي حِدود أرض أوخِلافات أطفال بَرزت مُشكلة مُسلم تنَصر أومَسيحي أسلم بالرغم من ضألة التأثير..الا أن النتائج أصبحت تحمل خسائر في الأرواح عمَقت الجروح..الا إننا جميعاً اشتركنا في الاستهانة والتغاضي وإرجاء الحلول..سواءً أزهر أو كنيسة..قِيادات تنفيذية وشعبية..مُهونين من حجم المُشكلة حتي وصلت الي ما وصلت اليه هذه الأيام..بِظهور ما كان الجميع يحاول إخفاءه إما لعدم القدرة علي الحل.. أو خوفاً من الاقتراب من قضية بالغة الحساسية أو خوفاً علي مَصالح أو طمعاً في مصالح..مما يؤكد أنَ هُناك ناراً تحت الرماد قد تَشتعل فتحرق الأخضر واليابس.. فما جاءَ في تصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المُجمع المُقدس وأحد كِبار الكنيسة الأرثوذكسية لم يأت نِتاج ظروف مرضية مُؤقتة..أو شيخوخة..ولكنها تُدلل بما لا يدع مَجالاً للشك أن هُناك أفكاراً يتبناها البعض نتيجة إحساس خاطئ بالاضهاد.. قد يكون لإهمال في النظرلمطالب الإخوة المسيحيين..قد يكون هُناك مُحرضون من الطرفين..ربما التعصب..ولكنها أسفرت عن تراشق عقائدي بين الطرفين..اضطر كلاً من شيخ الأزهر والبابا لإجراء تحركات في محاولة مؤقتة لإطفاء نار الفتنة بإلقاء كمية من الرمال عليها..ولكن نُحذر أن النار مازالت مُشتعلة ولن تنطفئ الا باعتبار قضية الفتنة الطائفية أهم قضية نواجهها تسبق القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التقليدية..يجب علي الدولة إظهارقواتها وفرض القوانين علي الجميع دون تَفرقة..وأن تقوم بالضرب بيد من حديد لكل من يحاول إثارة الفتنة..وأن يتعلم المُسلم والمَسيحي أن التعصُب بالرغم إنه سمة إنسانية..الا انه يجب السيطرة عليه..فإذا كان هُناك تعصب عِرقي..قِبلي..ديني..رياضي ولأي مَجموعة ينتمي اليهاالإنسان..ولامانع أن تفتخر بانتمائك وتُدافع عنه..هذه الإنتماءات تَجعلنا نَختلف في المفاهيم والمُعتقدات والقناعات وأساليب التعبير..ولكن يجب ألا تجعل انتماءك وتعصُبك يدفعك الي مَنطقة الخلاف العنيف..لتنتقل دون أن تدري من مُنتم الي مُتطرف.. تُطيح بكل آمال الازدهار والتقدم والنمولما تنتمي وتتعصب له.. وتتفاوت الآثار السلبية طبقاً لنوع وطبيعة ومدي ارتباطك بماتنتمي أوتعتقد به.. ولكن أن يكون الاختلاف والتعصب والتشاجر والاقتتال بسبب مُعتقدات دينية سماوية فهذا مالايؤيده ولا يقبلو عاقل وتُنكره الرسالات العظيمة التي أنزلها الله.. اليهودية.. المَسِيحية.. الإسلام.. هذه الرسالات التي أنزلها الله لتنظيم وتعظيم البشرية والتي أسست احترام القيم السامية.. واحترام مُعتقدات الآخرين.. نذكر ذلك للتصاعد الحاد المُخيف الذي لا يمكن لأحد إنكاره أو إخفاءه أو التهوين منه.. الفتنة الطائفية لم تكن مَوجودة من أربعة عقود مَضت والتي يجب أن نعترف بها لم يستطع الاستعمارأن يزكيها وهويحتل مِصر.. ولكننا استطعنا أن نُزكيها بأخطائنا الجسيمة.. فالتاريخ يذكر لمِصر وحدتها الوطنية..التي كانت في أبهي صورها في ثورة 1919يجب أن نُسارع بنزع فتيلها وإلا سوف يصعب إيقافها أو القضاء عليها..وذلك لعدة أسباب..وجود قوي خارجية تجد في اشتعال الفتنة الطائفية في مصر مع ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة ما يلهيها عن القيام بأي دورعلي المُستوي الإقليمي والدولي وإفساح المجال لكيانات آخري للقيام بأدوار مُحددة تَخدم الغرب وإسرائيل..قيام العناصرالمسِيحية غير الوطنية بتصوير أن المَسِحيين في مصرمُتضهدون بشكل مُبالغ فيه.. والاستعانة بالمَسِيحيين المصريين في المهجر لطلب الدعم من الدول الغربية وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية التي تتدخل للضغط علي الحكومة المصرية من مُنطلق أننا نقبل منهم مَعونات لتنفيذ مَطالب الأقباط.. نجد نحن فيها تدخلاً في الشئون الداخلية فنرفضها دون أن نُعطي أنفسنا فرصة لدراستها للوقوف علي أسباب الشكوي ومُحاولة الوصول لحلول بصيغة مصرية وطنية.. قيام بعض المُسلمين والمَسِيحيين بتضخيم خلافات كانت تَحدث في عِقود مَضت وكان يتفادها الطرفان لتصل لحد قيام مَعارك يستخدم فيها كل أنواع الأسلحة وتكون النتائج قتلي وجرحي تزيد من تراكم الآثار النفسية السلبية والاحتقان بين الطرفين..مع تراخي وضعف التدخل الحكومي لعمل نوع من المواءمات..قيام عناصر من الطرفين عن طريق الإغراء بمُحاولة أسلمت أوتنصير عدد من هنا أو هناك..عدم قيام رجال الدين الإسلامي والدين المَسِيحي بدورهم الحقيقي وليس البروتوكولي في القضاء علي المفاهيم الخاطئة للطرفين.. ضعف الأحزاب السياسية وعدم وجود دورلأغلبها.. الفتنة كانت نائمة.. لعن الله من حاول ومن يحاول إيقاظها وإشعالها وإحراقنا جميعاً بها.. يجب ان نتكاتف جميعاً وبقوة للقضاءعليها..فهل نَنجح..ضروري أن نَنجح..ولن نفقد الأمل.