هي هي .. فالقضايا التي تشغل القادة والحكام في العالم المتقدم ، نفسها التي تحملها رؤوسهم في العالم الثالث وفي المقدمة منها النظام الاقتصادي للحكم ،غير أن العبرة هنا بمن لديه الخيال والقدرة علي الاقتراب من المشكلة بأدوات الحل ولو بأدناها لتحقيق طفرة حقيقية ظاهرة للعيان. وفيما كانت النظم الاقتصادية في مطلع الخمسينيات من القرن الماضى حائرة عالمياً بين رأسمالية واشتراكية ومختلطة، كان الرئيس جمال عبد الناصر مثلا يبحث عن نظام مصري »تفصيل« لا ينتمي بالكلية لأي منهما علي طول الخط، نظام يمكن من خلاله التغيير والتبديل فيه حسب هوانا ، وهو ما جعل عبد الجليل العمرى وزير المالية في وزارة علي ماهر يؤكد للرئيس حين سأله بأن ذلك سيؤدي إلى فوضي اقتصادية محققة ذاكراً لعبد الناصر آنذاك التشبيه العام القائل بالتي ترقص علي السلالم ...فيما يعني ان مصر لن تجني شيئا! وحين نذهب الي حيث المناظرة الانتخابية الاولي بين مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما ومنافسه الجمهوري رومني، والتي هيمنت قضايا الاقتصاد والصحة والتعليم عليها، نجد ان اوباما استهل مداخلته بالتذكير بالأزمة الاقتصادية التي شهدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية حال تسلمه للحكم في يناير 2009، لافتاً بسعادة الي الخمسة ملايين وظيفة التي تم توفيرها من القطاع الخاص منذ ذلك التوقيت. وبصرف النظر عن نفى المرشح الجمهوري واتهامه لخصمه بأن رؤيته شبيهة للغاية بتلك التي كانت لديه لدي ترشحه قبل 4 سنوات حول حكومة أكثر أهمية مع مزيد من النفقات ومزيد من الضرائب، فالشاهد هنا ان العزف علي الوتر الاقتصادي هو الحاسم في الحملات الانتخابية للرؤساء ، وخاصة عند تقديم كشوف الحساب بعد تمام الولاية الاولي كما في أوباما، او في حملات المرة الاولي كما في حالة رومني ، أو حتي بعد مرور ال 100 يوم الأولى من المسئولية كما في حالة الرئيس مرسي حين قطع عهدا امام الشعب بحل خمسة معضلات ترتبط في عوائدها بالاقتصاد المصري جملة وتفصيلا، إن صلحت صلح النظام الاقتصادى كله ، وإن فسدت فسد الشأن المصري كله ، إيمانا بأن استقرار الأمن يعني عودة المستثمرين ، وبالتبعية عودة السياحة الي سابق عهدها بل وزيادة، ولاشك والحال كذلك أن تطهير الشوارع من القمامة يعني وطناً نظيفاً، وبيئة نظيفة ، وما استتبع ذلك من توفير حياة صحية أفضل لكل مواطن ، يمكن بعد الوفاء بانجازها، توجيه جزء من ميزانيات ومخصصات بعينها إلى قطاعات أخرى كالتعليم والبحث العلمي مثلاً او الصرف الصحي والمياه النظيفة ، ناهيك عن معضلة أم الهموم ألا وهي البطالة التي ما زالت تمثل التحدي الأكبر أمام أي حكومة في العالم، فكيف الحال بالحكومة المصرية ، خاصة بعدما لفت الدكتور اسامة ياسين وزير الشباب في الأهرام امس الي ان الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني احتار دليلهم في علاج أزمة البطالة حين أشار الي انها وصلت الي 30% بين الشباب، مقابل 12.6% كبطالة عامة! وعلي طريقة الإعلامى القدير مفيد فوزي ..هنا أسأل: هل تصريحات وزير الشباب أمس في الأهرام بأن 42% من المصريين محرومون ، فيما قبل تولي الرئيس مرسي الحكم، من الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة والصرف لصحي، والمياه النظيفة، وان تغيير هذا الواقع يحتاج مزيد من الجهد وعملاً دؤوباً وبنية اساسية قوية حتي يتم توفير هذه الخدمات، هل هذه التصريحات مقدمة لعد م مساءلة الرئيس مرسي حول ما أخذه علي نفسه من وعود خلال المرحلة الانتخابية لم يتم تنفيذها بشكل مرض، وهل قوله بأن هناك تحسنا ملحوظاً واهتماماً وجهدا لحل مشكلات رغيف الخبز والقمامة وتوليد الطاقة، هو اعلان استباقي برفع الحرج عن الرئيس في خطابه للشعب خلال ساعات حول ما أنجز خلال المائة يوم . خلاصة القول: انه بفرض ان الشعب يتفهم المشكلات جيدا، ويتفهم كيف انها تحتاج حلولاً غير تقليدية ، ، لكن ما ينبغي ان تفهمه الدولة المصرية وأهل الحكم فيها أن الشعب تلقي وعوداً من الرئيس بإنجاز ملفات بعينها خلال ال100 يوم الأولي من الحكم، فلم ينجز واحداً من الخمسة علي النحو الذي يرضاه الشعب، هنا أظن ان اعتذار الرئيس للشعب واجب في خطابه المنتظر، لإعادة بناء الثقة بينهما، ولا أدري لماذا أصدق حدسي بأن مرسى سيفعلها خلال ساعات. [email protected]