أ.د. أحمد فرج أحمد فرج أستاذ الجراحة العامة – قصر العيني انهيت المقال السابق بتساؤل عن كيف يستطيع رجل السياسة التمييز بين البرامج الاقتصادية المعروضة عليه من رجال الاقتصاد وأغلبهم من المعترف لهم دوليا بالخبرة وهل توجد قواعد منطقية لتقييم ما يعرض علي المسئولين من برامج اقتصادية؟ من الممكن بسهولة قبول نسبة الفقر وهي نسبة عدد المواطنين تحت خط الفقروأثر ذلك في تحقيق الاستقرار السياسي والمجتمعي مؤشرا أساسيا لتقييم أي سياسة اقتصادية. فالسياسات الاقتصادية تقاس بقدرتها علي خفض معدلات الفقر وبالتالي تحقيق الاستقرار المجتمعي داخل البلد وهو حسب قول جوزيف ستيجلتز الحائز علي جائزة نوبل في الاقتصاد ونائب رئيس البنك الدولي سابقا "ان كانت العولمة لم تنجح في تخفيف الفقر فانها لم تنجح في تأمين الاستقرار" ان اعتماد مؤشرات زيادة الدخل العام وبالتالي متوسط دخل الفرد هي مؤشرات خادعة حيث يقول نفس الكاتب "بالرغم من الوعود المتكررة التي قطعت علي امتداد العقد الأخير من القرن العشرين بخفض الفقر فان العدد الفعلي لمن يعيشون في الفقر زاد بحوالي 100 مليون في الوقت الذي زاد فيه فعلا اجمالي الدخل العالمي بنسبة اثنين ونصف في المائة سنويا في المتوسط" وتنوي الحكومة حاليا كما أعلنت نيتها عن رفع الدعم عن الأغنياء والذين لم تفصح عن من تعني بالأغنياء؟ فان كان المعني بالأغنياء أصحاب المصانع والانتاج كان من المفروض فتح الأسواق للتنافسية فقط بالقدر الذي يمنع أصحاب هذه الصناعات والمنتجات من استرداد هذه الأموال من محدودي الدخل و الفقراء عن طريق رفع الأسعار و زيادة نسب البطالة عن طريق تسريح بعض العمالة لديها للمحافظة علي صافي أرباحها. وتستمر الحكومات المتعاقبة في تطبيق نفس السياسات الاقتصادية التي أدت الي ازدياد الغضب الشعبي والتي تعتمد علي التقشف وفرض المزيد من الضرائب ورفع الدعم فيما أسميه باقتصاديات التوفير وصناعة الفقر بدلا من الاسراع بطرح المشاريع القومية التي اعلنت الحكومة عن وجودها ضمن خريطة كاملة للاستثمار ومنها مشروع محور قناة السويس للاكتتاب المحلي للأفراد ثم للشركات القومية ثم للشركات العالمية بالترتيب المذكور يما يوفر سيولة نقدية كبيرة في وقت قصير فيما أسميه اقتصاديات الوفرة بدلا من فرض المزيد من الضرائب أو تحرير أسعار الخدمات ورفع الدعم في الفترة الحالية بما يساهم في زيادة نسبة الفقر وازدياد الغضب الشعبي بل والتمهيد للمزيد من الاضرابات بل والثورات والتي ستؤثر ان حدثت لاقدر الله سلبا علي الاستقرار الأمني والتشريعي وبالتالي علي جذب المستثمرين.