في لقاء مباشر بين الفنان التشكيلي والجمهور، اقامت ساقية عبدالمنعم الصاوي ملتقى 'ليلة وفنان'، الذي شارك فيه عددا كبيرا من الفنانين خلال شهر رمضان، حيث يرسم كل فنان لوحته أمام الجمهور. يقول الفنان طارق زايد مستشار الساقية: في البداية كان الغرض من الملتقى أن نقرب وجهات النظر بين الجمهور والفنان التشكيلي؛ لأنه عادتا يرى المشاهد العمل الفني وهو في قاعة العرض داخل برواز وعليه الإضاءة المناسبة، فيشاهد اللوحة ولا يدرك المعاناه التي يلاقيها الفنان من إبداع العمل الفني من بداية الخطوط الأولى والفكرة ومرورا بالتكوين وخلط الألوان وحلول الفنان للمساحات، فبذلك يدرك المشاهد أهمية مشاهدته للمراحل المختلفة لعمل اللوحة؛ لأن هناك فجوة بينه وبين الفنان، حيث يتهم الجمهور دائما أن العمل الفني وبخاصة الفنون المعاصرة هي مجرد خطوط عشوائية وألوان تلقى بغير حساب، في حين أن العمل الفني يخضع للعملية الإبداعية مثل أي فن آخر. ويضيف: من هنا كان احتكاك الفنان بالجمهور مباشرا له أهمية للفنان والمتلقي في نفس الوقت، بالنسبة للفنان يقربه للجمهور ويحاول شرح وجه نظره في العمل الذي يبدعه، وهذا الحدث لا يستطيع فعله أي فنان سواء كان من الجيل القديم أو الحديث؛ لأنه يحتاج إلى جرأة شديدة، حيث أن الفنان من المعتاد أن يصنع لوحته في مرسمه في أجواء خاصة تختلف من فنان لآخر، ولاكن في هذه التجربة يجد الفنان نفسه في لقاء مباشر بينه وبين الجمهور، ولم يكن له فرصة للخطأ، فهو يبدأ في العمل الفني بشكل مسترسل ويضيف ويحذف ويتعامل مع المساحة بجدية؛ لأنه في النهاية مطالب أمام الجمهور أن يصل بهذه المساحة الفارغة إلى عمل فني متكامل، ويمكن أن هذا العمل يتلقى الرفض أو القبول من الجمهور؛ فالموضوع في النهاية يخضع لذوق المتلقي في أن يقبل هذا الاتجاه أو هذه المدرسة أو يرفضها، فيمكن على سبيل المثال أن يكون الفنان يميل إلى السريالية فيلاقي قبول من بعض الأشخاص ولا يميل إليه أشخاص آخرين. يواصل: أما بالنسبة للجمهور فهي فرصة كبيرة لأن يلتقوا بالفنان بشكل مباشر، مع أنه من المفترض أن يكون هناك طرف ثالث وهو الناقد لتكتمل الحلقة؛ لأنه من دور الناقد أن يكون حلقة الوصل فيما بينهما، ولكن في غياب النقاد أو عدم وصولهم للجمهور يصعب تلقي العمل الفني بدون مساعدة؛ فالفن التشكيلي من الفنون الخاصة التي تحتاج إلى تمرين للتلقي مثل الموسيقى الكلاسيك والبالية. كل يوم في ملتقى 'ليلة وفنان' كان بمثابة احتفال بمولد عمل جديد، حيث يفتتحه المهندس محمد الصاوي مؤسس الساقية، مع لفيف من الجمهور، حيث يتناقش الجمهور مع الفنان. شارك في 'ليلة وفنان' حوالي خمسة عشر فنانا من أجيال مختلفة من بينهم: الفنان أحمد إمام، مجدي الكفراوي، سوزي شكري، أحمد رومية، نسرين جويد، أحلام فكري، رمضان عبدالمعتمد، سحر عبدالله، مروة الأمير، أحمد مصطفى أمين. ومنطلقا من فكرة الملتقى اختار المنظمين أن تقام 'ليلة وفنان' في حديقة الساقية وسط الجمهور مباشرا، حيث تقع الحديقة وسط الساقية ومن حولها المسارح التي يقام عليها الفاعليات المختلفة للساقية يوميا، وقد قدم كل فنان عملا واحدا مستخدما اسلوبه ورؤيته وتأثره بالمكان مع الجمهور الذي يحيط به، حيث ظهرت الأعمال في نهاية الملتقى ذات تنوع واختلاف واضح بين اسلوب واتجاه كل منهم. رسم الفنان مجدي الكفراوي بورتريها لامرأة ترتدي زيا شعبيا وتغطي رأسها بمنديل ملون، ومن ورائها انقسمت الخلفية إلى قسمان، الأول يمثل ضوء الشمس البرتقالي، وبجانبه يأتي اللون الأزرق الذي اشتهر به الفنان ليمثل زرقة السماء. كما رسمت الفنانة سوزي شكري تكوين مائل يحمل امرأه تظهر وكأنها تميل نحو النيل من شرفة البلكونه، وتمتد مياءه على ثيابها وكأنها تتخيله فينطلق من ذاكرتها ليظهر على اللوحة. أحمد رومية يتناول البورتريه في شكل جديد ومختلف عن باقي الأعمال، فهو يخفي الجزأ العلوي من الرأس ويحيطه بمساحة لونية بيضاء تلتف من فوق عينه في شكل حلزوني إلى مالا نهاية. تأثرت الفنانة مروة الأمير بالأحياء التاريخية التي تشعرنا بالأجواء الرمضانية، حيث ترسم مسجدا كبيرا يتضح فيه لمسات فرشاها وخطوطها القوية وألوانها الواضحة الصريحة. أما الفنانة سحر عبدالله فتتناول عمل موجه للأطفال عبارة عن قطة مرسومة بطريقة الكولاج على خلفية برتقالية اللون، ومن حولها مجموعة فراشات، وبجانب الرسمة تركت مساحة بيضاء تكتب عليها كلمات بسيطة موجهة للطفل في صورة شعر. في حين ترسم الفنانة نسرين جويد منظرا طبيعيا مجردا، عبارة عن شاطىء بحر به مراكب بأشرعة بيضاء تظهر من بعد، ومن وراءه تأتي ببيوت على جزيرة، خلفها سماء صافية بمجموعة لونية هادئة. بينما رسمت الفنانة أحلام فكري لوحة خط عربي تحمل الآية الكريمة 'شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه'، وقد كتبت الآية الكريمة على خلفية ملونة بألوان ساخنة صفرائ، تحيطها الزخارف من جميع الجهات. وسوف تفتتح الساقية معرضا لنتاج هذا الملتقى في أول أكتوبر ثاني أيام عيد الفطر المبارك، وسيستمر المعرض حتى 10 من نفس الشهر.