لوحة لخالد الأمير محيط - رهام محمود "رؤية" هو العنوان الذي اختاره الفنان خالد الأمير لمعرضه الأخير الذي أقامه في قاعتي الأرض, والكلمة "1و2" بساقية الصاوي, وعرض به نحو خمسة وتسعين لوحة بأحجام مختلفة.
كعادته يصور الأمير حياة الإنسان بكل تعقيداتها, والعجائب المندثرة بداخلها, ويتناوله أحيانا من منظور إنساني بحت, وأحيانا أخرى يحمل إسقاطات سياسية ودينية, وهذا ممتزجا بأسلوبه الذي تميز به وهو ربطه بين الأسطورة والواقع, والحقيقة والخيال, مركزا في رسمه على إظهار الدراسة التشريحية للجسد بتفاصيلها الدقيقة.
يعشق الأبيض والأسود, واستخدام القلم الرصاص الذي يعد من أصعب ألوان الرسم, يخرج منه درجات مختلفة, وأبعاد تظهر عمق اللوحة وتشريح الجسد مع الظل والنور, ولكنه في هذا المعرض ادخل اللون في قليل من اللوحات برقه شديدة وكأنه يستخدمه على استحياء.
في إحدى اللوحات يبحث الفنان حول القيمة الحقيقية التي تفرق بين الأصل والصورة, فتصور لوحة "المستنسخ" وجهان لطفل أحداهما أصل تعبر عينيه عما يجول بخاطره , والأخرى صورة تخلو تماما من أي إيحاء.
أما لوحة "سجين بلا نوم" التي تتضمن بعدا سياسيا وسيكلوجيا, صور فيها الفنان رجلا مكبلا بسلاسل حديدية, تارة ينظر لشباك زنزانته أملا في الخروج من سجنه, وتارة أخرى يكون نائما على بطنه أو متكئا على يده أو في أوضاع مختلفة محاولا النوم ولكنه لا يعرف.
كما رصد الأمير مظاهرات كفاية في لوحة "بلا تعليق", ورسم أشخاصها يحملون علما يحمل صليبا ملونا وكأنه بطل للوحة, بينما تأتي لوحة "تطهر" لتطهر العاصي من ذنوبه الذي يندم عليها بشدة, وجسده وجروحه تحترق ألما من إخلاص التوبة.
وفي "وطأة حذاء" نستشعر المهانة والذل الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان, فاللوحة تصور حذاءا يوضع في وجه إنسان, رمزا إلى حال العالم العربي اليوم ، بحسب الفنان.
يعبر الفنان عن العنف الذي يقدم في التليفزيون ويدمر عقل النشيء في رسمه لوحة "المدمر", الذي يصور بها طفلا جالس يشاهد التليفزيون وبجانبه الفشار وكوب البيبسي, ويخرج من التليفزيون مسدسا كبيرا يصوب في رأس الطفل, فالفنان يرى أن السبب في الإرهاب والدمار ينتج من مشاهد العنف بالتليفزيون.
من الملاحظ وجود بعض الكتابات باللغة الإنجليزية في لوحات الأطفال, وهي معلومات موجزة عن اللوحة كأسطورة, يحاول فيها الفنان أن يربط الطفل بالمعلومة كقصة صغيرة مع الصورة.
يقول الفنان " لوحاتي لا غموض بها, وأنا لا أؤمن بالمدارس الفنية بخلاف الكلاسيكية والواقعية, كالسريالية وغيرها, واعتبرها نوع من العبثية وتغييب وإفساد للذوق, فإذا أردت أن تضع أي فنان في محك أو امتحان أجعله يرسم رسما كلاسيكيا, وأنا أرى أن المشاهد المصري البسيط لا يحب الغموض ويريد رؤية الأشياء واضحة, فأنا جائزة معرضي الحقيقية هي شهادة البسطاء وإعجابهم بالمعرض. اهتممت في مجموعة من لوحاتي بالطفل, فصورته في شكل أسطوري به خيال, كالتنين, فأنا أحاول تحريك مخيلة الطفل؛ فواقعنا الآن أصبح مرير ينقصه الكثير من الخيال, أما عن اللون فأنا أدخلته في اللوحات بشكل بسيط دون أن أفقد روح الأبيض والأسود, ففي بعض الأعمال استخدمت اللون في الخلفية ليحدث نوع من التنوع وليخدم الموضوع. يضيف: للأسف الثقافة المصرية ضعيفة جدا وقلة المهتمين بالفنون الجادة, ففي معرضي تزامن وقت الافتتاح مع عرض بطولة لكرة القدم, فطبعا توجه الأشخاص لمشاهدة المباراة وهذا دليل على عدم اهتمام الإنسان المصري بالثقافة".
ينتقي الفنان براويزه بعناية ؛ فهو يؤمن بأن البرواز المناسب يضيف جمالا للوحة ، وأن الأعمال العالمية جميعها توضع في براويز فخمة جدا ، كما أن مراجع الفن التشكيلي تقول أن البرواز نصف العمل .