استضافت قاعة الحكمة بساقية الصاوي مؤخرا معرض "همسات ملمسية" للفنانة الدكتورة أمنية رشاد الأستاذ بقسم التصميم في كلية التربية الفنية. محيط - رهام محمود اهتمت الفنانة بملامس السطوح وتبايناتها المختلفة التي تعد من المكونات المؤثرة في قيمة العمل الفني الواحد, والتي تعبر عن أكثر من مغزى فني من خلال الإدراك البصري لها وفقا للتآلف بين أوضاعها ومساحاتها وألوانها. ولذلك تعرض الفنانة نحو عشرون لوحة تتطرق فيها للملامس المختلفة التي تستلهما من شجرة الخوخ, وتظهر التغيرات التي تحدثها تلك الملامس عندما تصيغها في تصميم واحد, فقد استخدمت تصميمين فقط لجميع أعمال المعرض, اختلف استقبالنا لهم من خلال الملامس المتنوعة التي تضيفها الفنانة للعمل, حيث يتغير الإحساس باللوحة تبعا للملمس المضاف. فالمعرض يقدم الملمس الإيهامي المرسوم كعنصر يضفي إلى هيئة العمل وفرة وغنى وتنوعا للمجال المرئي, أكثر من كونه ذا دلالات مادية للنعومة والخشونة دون اتصال فعلي بالسطح واختياره بحاسة اللمس, وذلك من خلال التنوع في تشكيل أسطح التصميم وتبايناتها التشكيلية المختلفة لخلق تأثيرات ملمسية تؤثر في العلاقات الجمالية ذات القيمة الفنية المتنوعة للتصميم. استخدمت د. أمنية ألوانا مختلفة, ولكنها تتفق في أن جميعها وسائط مائية, كالأكليرك, والأكولين, والأحبار, والجواش, والرليف, والسوفت باستيل, والرابيدو, واللاتراسيت "نوع من أنواع الإضافات للوحة", كما استخدمت ألوان المعادن لكي تعطي إحساس النحاس والفضة, ومثبتات اللون, والكلور "لكي تزيح به اللون". أما عن الأدوات فقد استخدمت الفرشاة المتنوعة المقاسات, والدفرات, كما أنها استخدمت اللون من الأنبوبة مباشرا لكي تعطي تأثير ملمسي مختلف. تقول الفنانة: "أنا أستلهم الملمس من شجرة الخوخ فهي شجرة غنية بالملامس, فأنا أأخذ ملمس الساق, والأوراق, ومن الثمرة, والبذرة, وكسر بذرة الخوخ, والنواة لبذرة الخوخ, فأنا قمت بدراسات كاملة لهذه الشجرة, وتعرضت لها في معرضين سابقين. أما في هذا المعرض بدأت أقوم بعملية إحلال للملمس من العنصر الطبيعي نفسه من الأرض والتربة, فتارة أأخذ ملمسي من قانون النمو للشجرة "من الأرض ليعلو على السماء في ارتفاع", وتارة أخرى أأخذه في اتجاه الجاذبية الأرضية للجذور, كما أأخذ ملمس آخر من الشبكات التي تزرع عليها الشتلات نفسها, فأنا مازال بذاكرتي أعمال لا نهائية عن شجرة الخوخ وملامسها". تناولت الفنانة لوحاتها بطرق مختلفة ففي لوحة تقوم بتجسيم الألوان الأكليريك على مسطح الورق؛ لتعطي الإحساس بلزوجة الشجرة, وفي مجموعة أخرى كان الملمس قائم على الخط العربي في الشكل والخلفية التي استخدمت فيها الألوان الجواش لتظهر التباين واضحا بين الشكل والخلفية. كما استخدمت د. أمنية ورق الجرائد في بعض الأعمال كخلفية ولعبت بالأجزاء البارزة لتعطي الإحساس وكأنها مأخوذة من الخلفية. نرى في لوحات أن الشكل هو الذي يرسم ملمسه, فالفنانة تأخذ قطاع من الشكل وتصغره, ثم تبنى به الشكل الأساسي للعمل, مراعية تساقط الضوء من فاتح وقاتم, استخدمت الألوان الجواش لكي تثقل العمل, أما في الخلفية فقد استخدمت الأكولين لأنها بها خاصية الانتشار فلا تحتاج الفنانة لاستخدام الفرشاة, وأضافت ألوان السوفت باستيل أيضا للخلفية لتعطي الإحساس بالهدوء اللوني فيتعادل الشكل مع الخلفية. تستدعي لون البحر والشباك في عمل, وفي آخر تشعر بتأثير معدني يعطي الإحساس بالحديد الفورفورجية الذي نتج عن الخط اللولبي أو تتحول اللوحة إلى شكل معدني مجسم ابتعد عن الإحساس بحيوية الطبيعة في شجرة, كما تستخدم الفنانة لون ثمرة الخوخ في خلفية بعض الأعمال. تحول الشكل الأساسي في لوحة ليصبح صخورا مجسمة, خلفيتها متنوعة الخطوط العضوية والدائرية, مع إظهار المساقط الضوئية التي تبرز تجسيم الشكل والخلفية معا. كان عملها في بعض اللوحات قائم على الاسطوانات وكأن الشكل يتكون من مسامير مكونة شكل القنفذ, كما بنت الفنانة أيضا عملها على تأثيرات متنوعة أخرى كالخطوط المتقطعة, وشفافية الألوان, والخداع البصري. لم تستخدم اللون في مجوعة أخرى "أبيض وأسود" من أعمال المعرض, اعتمدت فيها علي النقطة التي تقوم على بناء الشكل موضحة قيمة الملمس التنقيطي, أو على الخطوط العضوية والهندسية التي تظهر التباين بين الشكل والأرضية, والظل والنور وكأنها تكون ملونة.