افتتح الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية معرض الفنان السكندري إبراهيم الطنبولي الذي أقامه مؤخرا بقاعة اكسترا بالزمالك. محيط رهام محمود تتغنى جدران القاعة بسبعة وعشرون عملا للفنان إبراهيم الطنبولي الذي دوما ما تؤثر علية الأحداث الجارية التي تحدث حوله, وسرعان ما تعبر ريشته عن إحساسه الصادق بمجريات الأمور. فهو يرصد كل ما حوله ويعبر عنه برؤيته الخاصة, حيث أنه يهتم بإظهار الحالة الروحية لأشخاصه دون افتعال, فهو ينفعل بالحدث ويعمل على اللوحة مباشرا من مخزون اللاشعور الذي ينطلق على اللوحة من خلال الألوان المتداخلة الواضحة والصريحة المثيرة للفنان التي يؤكدها إلى لغة تشكيلية , وبهذا يظهر الحالة النفسية دون أي افتعال, راصدا معاناته مع المجتمع وكل ما حوله. يقول الفنان " في تاريخ الفن الفنان المصري عمل كل شيء, لكن الجديد أن الفنان يبحث عن نفسه, ولذلك يقوم بعمل شيء جديد خاص به, فمن الواضح أن أعمالي لم تنتمي لمدرسة فنية بعينها, لكنها تحمل أسلوبي الخاص, تجربتي وحالتي التي اشعر بها دون تحكم بالعقل بل بالوجدان فقط, ففي تصوري أن هذا هو الإبداع". استخدم الطنبولي خامات مختلفة في أعماله كالألوان الزيتية, والباستيل, والألوان المائية, والأكليريك, وقد اعتمدت أعماله على التشخيص, الذي يوحي كلا منها بحالة خاصة, ومن الأعمال المميزة بالمعرض والتي أثرت كثيرا بالفنان لوحات حادث العبارة "السلام 98" التي نرى بها شحنة كبيرة نلحظها من خلال ضربات فرشته السريعة والقوية التي تجسد حالة الغرق التي شهدها معظم راكبي العبارة, فبرؤية جديدة صور الطفل الغريق الذي يلتف حوله الأسماك لتأكله هو وأجساد الغارقين المتناثرة في مياه البحر, فهذه اللوحات نتيجة احتكاك الفنان مباشرا بهذا الحادث حيث يقول "أنا عاصرت الحادث؛ لأنني في تلك الفترة كنت أعمل بشركة قامت بإنقاذ الكثير من الأفراد الغارقين, من الشركات التي كانت تعاني الفساد من "ممدوح إسماعيل" وسيطرته على الملاحة, ومن مشاهدتي للواقعة والعبارة وكثرة الضحايا, عبرت عن هذه الحالة في مجموعة من اللوحات". ولم يتطرق الفنان لهذا الحادث فقط, بل تطرق أيضا لحادث قطار الصعيد, ووقعة سقوط بغداد, كما أنه عبر عن شخصية المهرج الذي يقوم بإسعاد الناس بالرغم من أنه لم يكون سعيدا, فهو شخصية تحب أن ترى البسمة على وجوه الناس. كما أنه عبر عن الأسرة المصرية, والمرأة التي احتلت عددا كبيرا من أعماله, فصور سلطة رب الأسرة "سي السيد", والعلاقة بين الرجل والمرأة, وتقدير الرجل وحبه واحترامه للمرأة في مصر, وعبر أيضا عن خصوبة المرأة في الأراضي التي تمثل مصر. ووجدنا أيضا بالمعرض أعمالا عن "سيوة" تلك البلد الصغير الذي عبر عن طبيعتها البكر في بعض أعماله. يقول الفنان: "من أساسيات العمل تحطيم المقاييس وجميع الأسس الأكاديمية, لتعطي قوة في التعبير, فالعمل يجعل المتلقي يكمل المشهد بعينه, كما أنه يوجد علاقة خاصة بينه وبين المتلقي, فأنا لا أبحث عن المعاني الأدبية, ولكني أبحث في لغة الشكل, فعلى الرغم من أن أعمالي تعبيرية إلا أنها بعيدة عن الماديات, ولكنها قريبة جدا من الروحانيات. وأنا فنان حر بعيد عن الأكاديمية ولكنني درست كل ما هو أكاديمي وطبقته في حياتي, وأنا أعمل بشكل حر, ولا أنتظر أي شيء من خلال الفن فأنا أعمل الفن من أجل الفن, مثلما قالت عني الصحف الألمانية عندما أقمت معرض هناك "الطمبولي إذ لم يمارس الفن يموت".