ساقية الصاوي تجسد آلام أطفال السجينات بمعرض جديد هناك أكثر من 150 طفلا في مصر يفتحون عيونهم على الدنيا في زنزانة داخل سجن, ومن أجل هؤلاء الأطفال نشأت جمعية "رعاية أطفال السجينات" التي نظمت معرضا تشكيليا بقاعة الكلمة "1" في ساقية الصاوي لوحات-معرض-جمعية-اطفال-السجينات يضم مجموعة من الفنانين التشكيليين الذين يتطوعون بريع أعمالهم لصالح أبناء السجينات. محيط رهام محمود br "زهور بريئة" هو العنوان الذي اختارته الجمعية لهذا المعرض الذي افتتحة المهندس محمد الصاوي مؤسس الساقية, بحضور الفنان طارق زايد مدير قاعات الفن التشكيلي بساقية الصاوي, ونخبة من الفنانين والاعلاميين. ضم المعرض ثمانية فنانا وهم: الفنان سيد سعد الدين, الناقد إبراهيم عبد الملاك, محمد الطراوي, إبراهيم غزالة, الناقد عز الدين نجيب, عمرو فهمي, وليد عوني, محمد نصر. تأسست الجمعية عام 1990 بعد حملة صحفية ممتدة قامت بها الكاتبة الصحفية نوال مصطفى, وفي هذه الحملة كشفت النقاب لأول مرة عن هذه المأساة الانسانية لهؤلاء الأبرياء الذين يعيشون خلف القضبان في سجن النساء, فتعاطف القراء مع القضية, وسارعوا بتشجيع فكرة إنشاء جمعية أهلية ترعى هؤلاء الأطفال. يحتاج هؤلاء الأطفال ميزانية لرعايتهم لأن لائحة السجون المصرية تسمح بتواجدهم مع أمهاتهم داخل سجن النساء حتى يبلغوا من العمر عامين, ولكن لا توجد ميزانية للأنفاق عليهم بل لأمهاتهم فقط, فهم يعانون من سوء التغذية ونقص النمو والعديد من الأمراض الجلدية, ولذلك توجه فناني الجمعية بنحو خمسة وأربعين لوحة من أعمالهم لساقية الصاوي لكي يساعدون هؤلاء الأطفال بعائد هذه اللوحات.
هناك أكثر من 150 طفلا في مصر يفتحون عيونهم على الدنيا في زنزانة داخل سجن, ومن أجل هؤلاء الأطفال نشأت جمعية "رعاية أطفال السجينات" التي نظمت معرضا تشكيليا بقاعة الكلمة "1" في ساقية الصاوي, لوحة لسيد سعد الدين
أما اللوحة الثانية فهي "العودة من الحقل" صور رجلا يحمل عصاه ويركب حمارا يمشي وسط مجموعة أخرى من الحمير, الذين تتدلى رؤسهم ليظهر الرجل بطل اللوحة في الواجهه, وقد تميزت أعماله باسلوبه الخاص الذي اشتهر به, من نعومة الألوان ونقائها, والتصغير في حجم الرأس بالنسبة للجسد سواءا للرجل أو الحمار, كما أن خلفيات لوحاته أخذت ملمسا مميزا كأنه يرسمه ويستوحاة من ظهر الحمار. أما الفنان محمد الطراوي الذي يهذب الطبيعة بألوانه المائية فقد قدم لوحتين لمناظر طبيعية اتسمت بالمشهد التخيلي المعادل للواقعي وتكريس المساحات المجردة, والبعد عن الحالات المباشرة, فأعماله ليست بها أفراطا للواقع بل تجميلا له, فهو يستوحى لوحاته من أماكن معينة يختارها بعناية فائقة, فاللوحة الأولى صور نيل أسوان بالوانه الدافئة, أما الثانية فكانت عن بحر إسكندرية, فأعماله أتسمت بالروحانية والمشاعر الفنية التي تعكس رؤيته عن الأماكن, على اعتبار أن الروح ليست كيانا مباشرا أو مرئيا, إنما جزء من المشاعر والاحاسيس الفياضة. وفي ركن من أركان المعرض نرى أربعة أعمال للفنان إبراهيم غزالة الذي دوما ما يخرج إلى الطبيعة "عشقه وجنونه" ليرسم منها مباشرا, فأعماله يصحبها سلسلة من الرحلات, حيث يسافر غزاله إلى بلد من بلدان العالم ليكشف عن جماله عائدا إلى وطنه بمعرض جديد, وفي هذا المعرض أختار أربعة أعمالا كل عمل ينضم لمجموعة كبيرة عبر فيها الفنان عن بلد معين مستخدما الألوان الزيتية في لوحاته التي أتسمت بالتنقيطية, كما استخدم ألوان الباستيل في لوحات أخرى. فاللوحة الأولى عن اليمن, والثانية اوركانيا, والثالثة مصر, والأخيرة هي تونس, اعتمد اسلوبه في لوحتين على التنقيطية التي اشتهر وتميز بها, والآخرين تناول فيهما الطبيعة برؤية واقعية جديدة. ابراهيم غزالة بينما قدم الناقد إبراهيم عبد الملاك لوحتين لفتاتان الأولى تحت عنوان "صيفية" استخدم فيها خامة الباستيل وهي تصور فتاة ترتدى قبعة تنظر ألينا وتجذبنا لنتفقد اللون الأحمر الذي يعتريها أمام خلفية زرقاء لتكسر حدة اللون الساخن بجسدها, الذي يشعرنا بأن الفتاة متوهجه تخرج من دائرة الدفيء العميقة التي تمثل الخلفية, أما اللوحة الثانية عرضها الفنان تحت عنوان "العازفة" وهي بخامة الباستيل أيضا, تصور فتاة تمسك بآلتها الموسيقية وتنظر ألينا أيضا وكأنها تتطلع فينا لتقتنص لحظة تستلهم منها حالة إبداع. وضم المعرض أيضا ما يقرب من عشرون عملا وهم للفنان عمرو فهمي الذي تناول الزهور بأشكالها المتنوعة, في صياغات مختلفة لكلا منهم مستخدما الألوان الزيتية, ففي لوحة نرى الورود تتجمع بداخل فاظة وتتناثر أوراقها على المنضدة, وهذا في لوحاته "الفاظة الزرقاء", و"زهرة الليل", كما رسم زهرة عباد الشمس في لوحة "الشمس" متعددة المناظير حيث كانت الزهرة بمشهد أفقي, بينما باقي اللوحة صورها بمشهد أمامي, وفي لوحة "الفراشة" ظهرت الفراشة تقف على وردة حمراء لتشتم رحيقها, أما "بحيرة الزهور" فهو يصور الورود التي تنشأ في جزر صغيرة بداخل البحيرة. أما وليد عوني فقد قدم خمسة أعمال عبر فيهما عن أطفال السجينات الذين نشأوا وولدوا في بيئة منهارة, ففي لوحة "العائلة" وهي بالقلم الرصاص, صور الطفل تحمله أمه ليلامس بطنها, وهي متزاحمة بين الأخريات في سجن, وهم بداخل شكل بيضاوي يحبسون فيه, وفي لوحة "طفل المجتمع" وهي بالألوان الباستيل تصور شخصا يمسك بملابس طفله ويعض زراعه كي يصرخ وينزف دما. قدم محمد نصر نحو ستة لوحات عن الطبيعة الصامتة فهو يرسم الليمون متفرق فوق المنضدة في لوحة " الليمون", وفنجان الشاي الفارغ بجانب البراد في لوحة "طبيعة صامتة", كما عبر عن إحساسه بالموسيقى في رسم لوحات لبعض الآلات الموسيقية كلوحة "الكمان" و "العود", وقد استخدم الألوان الزيتية في رسم هذه الوحاته. لوحة لإبراهيم عبد الملاك وفي جولتنا الأخيرة بالمعرض نشاهد أعمال الناقد عز الدين نجيب الذي قدم لوحتين الأولى هي لوحة "الصعود" استخدم فيها خامة الألوان الزيتية, وقد عبر عن هذا المعنى برسمه لسلم من من زاوية سفلية نصعد معه بأعيننا لنرى شبح أمرأة يقف أعلى السلم, أما اللوحة الثانية وهي تحت عنوان "ظل الجدار" رسم الفنان مساكن بيئة ريفية, يترامى ظلالها على الجدار المقابل ليكون خيال لوجة رجل ينعكس على هذا الجدار, وقد استخدم الألوان الباستيل في إنجاز هذه اللوحة. ولم يشمل المعرض لوحات الفنانين فقط, بل شمل أيضا عروض فيديو لمادة تسجيلية كتعريف بأهداف وإنجازات الجمعية وذلك على مسرح قاعة الكلمة "2" بجوار قاعة الأعمال التشكيلية. تقول الكاتبة الصحفية نوال مصطفي: "زهور بريئة نبتت في غير مكانها وزمانها! وقطفتها أيدي الغدر من بساتين الريحان لتقذف بها في هاوية المجهول, جسدت مأساتهم فرشات فنانين تأملوا من أجلهم فقرروا أن يساهموا بإبداعاتهم, خطوطهم وألوانهم ليبددوا ظلمة واقعهم! المؤلم, وما أروع الفن عندما يجسد دراما الحياة. أضافت: من أجلهم نقدم هذا المعرض الخيري, ومن أجلهم نضيء شمعة الأمل, ونصر على أن نعبر بهم سفينة الأحزان, ونصل! معهم إلى شاطيء أمل, فالحلم يولد أحيانا من رحم الأحزان.