مجاذيب نجم يستعيدونه ويروون ذكرياته بمعرض الكتاب وكأن أصدقاءه ينظرون إليه وهم يتحدثون عنه، وربما ظن الحضور أنه أتى بالفعل من العالم الآخر ليرى ماذا سيقولون عمن غافلهم ومضى دون أن يلقي عليهم قصيدته بعد الأخيرة! . في حفل تأبين الفاجومي مساء أمس ضمن البرنامج الثقافي الذي تنظمه هيئة الكتاب على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب كانت القاعة "مكتملة الحنين". قدم الاحتفالية الشاعر محمود الشاذلي، وغنى الملحن والمطرب أحمد إسماعيل أغاني نجم "كل ما تهل البشاير من يناير ،هما مين وإحنا مين؟، شال الهوى"، وغنت الفنانة فردوس عبد الحميد بصحبة الملحن أحمد إسماعيل أغنية "بتغني لمين يا حمام، ورجعت يا قمر، في المشمش". لم ينس محمد الهادي زميل المعتقل مع الشاعر أحمد فؤاد نجم، قصة قصيدة كتبها نجم بعد المظاهرات الطلابية عام 1973 سردها أمام الحضور: "قبض علينا لنرحل إلى سجن القلعة وعندما دخلنا سمعنا أصوات التعذيب في الخلفية ليشق ذلك صوت نجم الذي قال قصيدته "صباح الخير على الورد اللى فتح في جناين مصر" وكتبتها بمسمار على الحائط وحفظتها وعندما خرجت توجهت بها إلى الشيخ إمام ليلحنها ويغنيها في فرح أختي بعدها بأسبوع". أما صديقه الشاعر زين العابدين فؤاد فقد كان يفتش المكان بعينيه باحثا عن الفاجومي وصمت قبل أن يقول: اليوم هو ذكرى سعد الموجي الذي قابل فيه الشيخ إمام للمرة الأولى بنجم، وكنت أحد شهود هذا اللقاء وهذه المقابلة كانت ثاني محطة هامة في حياة نجم كشاعر، قبلها تعرف نجم على شعر فؤاد حداد أثناء حبسه للمرة الأولى وهي لم تكن لها أي علاقة بالسياسة بل كانت قضية عادية ، تأتى المحطة الأخرى هي نكسة 67. ويشرح فؤاد أن لقاء الشيخ إمام ونجم مع الجمهور كان في أكتوبر 68 في جامعة القاهرة لأول مرة في كلية الآداب أمام أكثر من 5 آلاف شخص وكنت متخوفًا أن يعرف الشيخ إمام أن العدد كبير بهذا الشكل خاصة أنهم لم يغنوا أمام أكثر من 40 شخصًا. يذكر أن المحطة التالية كانت ما بين 69 إلى 71 برفقة باقة كبيرة من المفكرين، لتصل نهاية رحلة نجم الأخير إلى القبر بصحبة كل من سمعوه وغنوا أشعاره في ميدان التحرير ومن الطلاب. وحكت فردوس عبد الحميد ذكرياتها مع نجم قائلة: "منذ طفولتي وأنا أسمع كلمات أحمد فؤاد نجم عبر شرائط الكاسيت التي كان يحتفظ بها والدى وعندما أصبحت حيازة تلك القصائد تهمة يعاقب عليها لم يقم والدى بإتلاف تلك الشرائط بل قام بإخفائها داخل البيانو الخاص بنا في البيت". وذكرت فردوس أن نجم كان يسكن في حوش آدم وهذه المنطقة من أكثر المناطق شعبية والحمامات بها مشتركة وعندما قرر أن يكون له حمامًا خاصًا قام بدعوتنا لافتتاح الحمام الجديد الذي أقامه. وأكدت فردوس أنه رغم رحيل نجم عن عالمنا بجسده إلا أنه باقٍ معنا يعلمنا الوطنية والحياة. وقال سيد عنبة أنه ألَّف كتابًا عن أشعار أحمد فؤاد نجم وسجل معه كافة أشعاره وهو يحكى عن أسباب وظروف كتابته لكل قصيدة من قصائده، واعتبر عنبة هذا الكتاب هو أكبر إنجاز قام به في حياته وهو جمع وتسجيل كافة أشعار نجم بصوته.