"صباح الخير علي الورد اللي فتح في جناين مصر" ظلت هذه الكلمات التي كتبها "نجم" صباح أحد أيامه في سجن القلعة، تشد من عزيمتنا وتحرضنا علي استكمال مسيرتنا النضالية. من هنا بدأ محمد عبد الهادي، أحد مناضلي الحركة الطلابية في السبعينات، ليروي ذكرياته مع "الفاجومي"، خلال حفل تأبين الشاعر الراحل، الذي نظمته ورشة الزيتون مساء أمس، الاثنين. البداية كانت في سجن القلعة، حيث تم القبض على "عبد الهادي" -حسبما يحكي- في جامعة عين شمس، خلال مشاركته في مظاهرات الطلبة عام 1973. وقال عنها "طوال الفترة التي قضيتها في سجن القلعة كنت أسمع كل صباح صوت يأتي من إحدى الزنزانات يقول "صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر، ولم أكن أعرف أنه "نجم"، إلا من خلال شتيمة المخبرين له، وبعد سجن القلعة انتقلنا إلى سجن القناطر، وكان معنا -وفي عز البرد- جاء لنا بالبطاطين والطعام، ولم أنس هذا اليوم طوال حياتي، فكنا نموت بردًا وجوعًا لولا طيبة قلب "الفاجومي". وتابع "عندما خرجت من السجن، ذهبت إلي بيت الشيخ إمام عيسى وسمعته قصيدة نجم (الورد اللي فتح في جناين مصر)، ثم خرجت لأشتري أكل، وعندما عدت وجدته انتهى من تلحين مطلعها، وكنت أول شخص يستمع إلى هذه الأغنية، وظل نجم طوال هذه الفترة صديقًا مقربًا لي، وسيظل جزءً من وجداني وتاريخي". وللشاعر "محمود الشاذلي" الكثير من المواقف الطريفة التي جمعته مع الفاجومي في السجن، وفي حجرة الشيخ إمام، ومنطقة الدرب الأحمر؛ قائلًا: "كنا في سجن مزرعة طرة في زنزانة رقم 18، أنا ونجم وزين العابدين فؤاد، وفجأة سمعنا حالة هرج ومرج في السجن، وكانت المفاجأة هي مجيء مدير عام سجون مصر ليستمع إلى أغنية شرفت يا نيكسون بابا من الفاجومي، وفي البداية لم يكن نجم موافقًا على مقابلته حتى ضغطنا أنا وزين العابدين فؤاد عليه". ل"الفاجومي" الكثير من الحكايات في شارع الدرب الأحمر التي يرويها الشاذلي: "كان نجم عاشقًا للكوتشينة والكرة الشراب، ففي إحدى المرات كان يلعب كرة، وكان في انتظاره وفد ألماني لإجراء لقاء معه، لكنه لم يترك الكرة، التي يعشقها من أجل اللقاء، لكنه تركها عندما علم بوفاة العامل محمود البنا في نقطة المتولي من قسوة التعذيب، حيث خرج نجم ثائرًا وكنت معه وشاركنا في الكثير من المظاهرات التي نددت بقتل العامل، وهذان الموقفان يوضحان صدق نجم وإيمانه بالقضية، وعدم اهتمامه بالظهور، فلم يفضل نجم طوال حياته الوصول على جثث الفقراء، لكنه كان مشاركًا لهم في معاناتهم واختار أن يعيش معهم ويموت معهم أيضًا". واختتم الشاذلي حديثه عن الفاجومي بقصيدة "ولسه في الميادين غليان بأشعارك"، وهي القصيدة التي كتبها بعد رحيل الفاجومي. ومن جهته، قال فريد زهران، نائب رئيس حزب المصري الديموقراطي، إنه إلتقي بنجم لأول مرة في منزلهم عام 1968، حينما جاءت به والدته من نقابة الصحفيين، وكان معه الشيخ إمام، وأكد أن مسيرة نجم النضالية جعلته ينتمي إلي جيل السبعينيات رغم أنه ينتمي عمريًا إلى جيل الأربعينيات، وأن الفاجومي هو أكثر الشعراء الذين صرخوا بقوة في وجه الدولة الأمنية والقمعية، وأن علاقته بالشيخ إمام طورت لديه ملكات إبداعية كبيرة جعلته ينتج الكثير من الشعر الغنائي. وانتقد زهران من يأخذون على نجم بساطة شعره، حيث قال إن البساطة لا تعني السطحية، وأنه لا تناقض بين العمق والبساطة. كما أوضح الشاعر يسري حسان أن الفاجومي كان أحد المساهمين على طريقته في إعمار المدينة الشعرية، وأن تجربته الحياتية والنضالية شبيهة بتجربة الروائي الراحل خيري شلبي. أخبار مصر- البديل