الوطنية للصحافة تصدر قرارات تشكيل مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية    تعرف على أسعار الزيت مساء اليوم الأحد 26-5-2024 في الأسواق    محافظ الأقصر يبحث تفعيل اتفاقية التعاون مع مقاطعة يانغتشو الصينية    المتطرف بن غفير يقتحم حي الشيخ جراح وسط حراسة مشددة (فيديو)    رئيس وزراء اليابان ورئيس مجلس الدولة الصيني يصلان إلى كوريا الجنوبية لعقد قمة ثلاثية    لاعب الزمالك يمدح إمام عاشور بعد التتويج بلقب أفريقيا ويثير غضب الجمهور    حسام البدري: مصطفى شوبير الأحق بحراسة مرمى المنتخب    سقوط عنصر إجرامى شديد الخطورة هارب من 293 سنة سجن    ديربي الزمالك وقمة بيراميدز.. جدول مباريات الأهلي بعد انتهاء الرحلة الأفريقية    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    «كان» الدورة 77.. فرنسيس فورد كوبولا يسلم صديقه جورج لوكاس السعفة الفخرية    هل يجوز للمرأة الذهاب للأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج في فترة العدة؟.. «الإفتاء» تُجيب    البورصة تغلق مرتفعة 1.23% في نهاية تداولات اليوم    الاثنين.. طب قصر العيني تنظم يوم التوظيف لخريجيها    بالنسبة لهم العمر مجرد رقم.. 3 أبراج يمتلكون قلوبًا شابة    الموعد والمكان المبدئي لمباراة الأهلي والزمالك بنهائي السوبر الإفريقي    وزير الأوقاف خلال اجتماعه مع الأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج : مهمتكم خدمة ضيوف الرحمن في المشاعر والمناسك المقدسة    غدًا.. قافلة طبية لقرية شماس بسيدي براني    محافظ الغربية يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية استعدادا لتطبيق التأمين الصحي الشامل    «مياه القاهرة» تكشف عناوين مراكز شحن العدادات مسبقة الدفع: الخدمة متاحة 24 ساعة    شبانة: بطولات إفريقيا أظهرت الروح الجديدة للقطبين    3 أجيال في صورة تتويج الأهلي بدوري أبطال إفريقيا.. 2 بيبو وواحد شناوي    "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا عن نجاحات مصر في التعامل مع الأزمة بقطاع غزة    الأحوال المدنية تستخرج بطاقات الرقم القومي للمواطنين بمحل إقامتهم    محافظ الدقهلية يسلم 355 حاجا و8 مشرفين تذاكر وتأشيرات الحج    ترحيل زوج المذيعة المتسبب فى مصرع جاره لأحد السجون بعد تأييد حبسه 6 أشهر    قتل خطأ وتعاطي مخدرات.. إحالة مطرب المهرجانات عصام صاصا إلى المحاكمة    "الوحدة الاقتصادية العربية": الشعب الفلسطيني يتعرض لطغيان غير مسبوق    «شكري»: «مصر ترفض محاولات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم»    «الأعلى للثقافة» يعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة 2024 الثلاثاء    فيلم تاني تاني ل غادة عبد الرازق يحقق 39 ألف جنيه إيرادات خلال 24 ساعة    فرقة مكتبة دمنهور للتراث الشعبي تمثل محافظة البحيرة بمهرجان طبول الدولي    دعوات لمقاطعة نجوم إعلان بيبسي الجديد    الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا جزئيا    البورصة المصرية تربح 15.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    حماية المنافسة يعلن بدء سريان العمل باختصاص الرقابة المسبقة على التركزات الاقتصادية أول يونيو 2024    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    اعرف قبل الحج.. الركن الثاني الوقوف بعرفة: متى يبدأ والمستحب فعله    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    أول تعليق من محمد مجدي أفشة بعد تتويج الأهلي باللقب    فرصة ذهبية لنجم برشلونة بعد رحيل تشافي    «سلامة الغذاء»: المرور على 6 محافظات لمتابعة سير عمل لجان استلام القمح المحلي    انطلاق الحملة التنشيطية لتقديم خدمات تنظيم الأسرة «حقك تنظمي» بالشرقية    الهجرة تستعرض أنشطتها خلال أسبوع| الموازنة العامة أمام "النواب".. والوزيرة تشارك بالملتقى الأول للشباب في الإسماعيلية    وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة    أستاذ علوم سياسية: مصر ملتزمة بإرسال المواد الإغاثية لغزة رغم معوقات الاحتلال    الأرصاد تحذر من منخفض خماسيني يضرب البلاد: ذروة ارتفاع الحرارة غدا    برامج بيت الزكاة والصدقات يغطي احتياجات 800 أسرة في الشرقية    وداعًا للأخضر.. واتساب يتيح للمستخدمين تغيير لون الشات قريبًا    رئيس تايوان يدعو إلى تعزيز التفاهم والمصالحة مع الصين    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي سبل التعاون في تصدير وتسجيل الأدوية (تفاصيل)    ضبط قضايا إتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 8 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    أستاذ الصحة العامة: 1.5 مليار شخص حول العالم يعانون من ضغط الدم    أدعية الطواف السبعة حول الكعبة وحكم مس البيت.. «الإفتاء» توضح    أطول إجازة للموظفين.. تفاصيل إجازة عيد الأضحى المبارك    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    هنا الزاهد تطل بالأبيض في ختام مهرجان «كان» السينمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة يناير‏..‏ وأغاني الوطن والحرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2011

لم يمهل القدر د‏.‏ احمد عبدالله رزة ليري ثورة الشباب التي حلم بها طويلا الي أن أصابه اليأس‏.‏ فقد رحل عن عالمنا معتقدا ان شباب مصر سلبي خانع‏,‏ وان شعبها بات كما مهملا‏.‏ كانت تجربته في انتخابات مجلس الشعب عام2005‏ محبطة ومؤلمة‏. .‏ خاض هذه الانتخابات في دائرة كان قد ملأها نشاط مع الشباب ومن أجلهم لسنوات طويلة‏.‏ ولكن سطوة المال الانتخابي وقوة التزوير هزمتاه‏.‏ فكانت صدمته هائلة بحجم النتائج التي افصحت عنها صناديق اقتراع لايمكن أن تنطق لغة الحق في ظل التسلط والظلم والفساد‏.‏
لم يستوعب رزة ان يخذله الشباب مهما كانت الظروف‏,‏ وهو الذي قاد ثورة طلابهم عامي‏2791‏ و‏3791‏ من أجل تحرير الوطن والمواطن‏,‏ وآمن بقدرتهم علي ان يحققوا مثل ما أنجزه جيل أواخر الستينات وبداية السبعينات في الجامعات المصرية‏.‏
وبالرغم من أنه رحل متشائما ومستبعدا إمكان نشوب ثورة‏52‏ يناير ناهيك عن انتصارها‏,‏ فقد كان هو احد صانعي التراكم الثوري الذي سبقها‏.‏
لم يكن د‏.‏ احمد رزة وحده الذي ساهم في صنع هذا التراكم ولم يقدر له أن يشهد ثورة‏52‏ يناير التي ساهم في صنع تراكم ادي اليها‏.‏ آخرون في جيله واجيال اسبق رحلوا ايضا قبل نشوبها‏,‏ بينما اسعد الحظ بعضهم مثل الشاعر المناضل احمد فؤاد نجم الذي ملأت اغانيه التي انشدها رفيق دربه الشيخ إمام عيسي ليالي الثورة في ميادين التحرير والاربعين والمنشية وغيرها نورا وحماسا‏.‏
حلم الشاعر والشيخ كثيرا بهذا اليوم الذي اشرقت شمسه في‏52‏ يناير
غني الشيخ لاحمد رزة ورفاقه امام أبواب سجن القلعة‏.‏
أنا شفت شباب الجامعة الزين
أحمد وبهاء ولطفي وزين‏.‏
وظل الشباب محورا رئيسيا في اعمال هذا الثنائي الثوري‏(‏ نجم وإمام‏)‏ إلي أن افترقا في مرحلة كان اليأس قد غلبهما وغيرهما فيها‏.‏
كان الفاجومي يبحث عن الولد الذي كشفت ثورة‏52‏ يناير ان مصر مليئة بمثله‏.‏ ولكنهم لايظهرون إلا في اللحظة التي تكتمل فيها مقومات التغيير‏.‏ فقد كتب‏:‏
مصر الحبيبة الطيبة أم البنية والبنين
إيش حالها في عز الصبا إيش حال ولادها المخلصين
البلد عاوزة ولد ياخد بتار المظلومين
ولد يعوض اللي راح ويعلا فوق كل الجراح
وربما يكون معني الارتفاع فوق الجراح اختلف الآن‏,‏ في لحظة تشهد روحا جديدة يمكن ان تنتشر في ظلها ثقافة قبول الآخر بغض النظر عن الخلاف معه‏,‏ والحوار الحر والتسامح‏,‏ وان تفرز تقاليد المساءلة والمحاسبة وتغيير الحكام وتداول السلطة‏.‏
كان الفاجومي ينادي الولد الذي ملأ ملايين منه أرجاء مصر في الأيام الماضية ويقول‏:‏
فيكم ولد ياسامعين
طيب هو فين وهو مين
ياابن البلد‏..‏ ياابن البلد
أجدع ولد
ابن البلد
الوقت وقتك ياولد
ولعله فوجئ بأن هذا الولد ينتمي الآن إلي مختلف فئات المجتمع وشرائحه‏,‏ وليس فقط تلميذا من التلامذة الذين كانوا هم الاولاد الجدعان في بداية سبعينات القرن الماضي عندما كتب اغنية رجعوا التلامذة عام‏2791:‏
رجعوا التلامذة ياعم حمزة للجد تأني
يامصر انتي اللي باقية وانتي قطف الأماني
وقد وصف التلامذة بانهم ورد الجناين الذي ألقي عليه السلام قائلا‏:‏
صباح الخير علي الورد اللي فتح في جناين مصر
صباح الخير علي ولادك صباح الياسمين والفل
تعيشي ويفنوا حسادك ويسقوهم كاسات الذل
وهكذا كان الشباب هم رهان الفاجومي في قصائده التي دبت فيها الحياة من خلال الحان واداء الشيخ إمام وحماس الطلاب وغيرهم ممن تفاعلوا معها‏,‏ وكان الشباب هم الذين غني لهم‏:‏
قال الشباب المداوي شقشق يانور الصباح
تظهر اصول البلاوي تظهر عيون الجراح
يخضر عود الاغاني يسري العبير في الجراح
وفي هذه الاغنية‏(‏ غنوة للشباب‏)‏ يقول ايضا ما ينطبق علي اللحظة الراهنة‏,‏ وكأنه كتب من قلب ثورة يناير وتعبيرا عنها‏:‏
هلي ياشمس البشاير طابت وآن الأوان
طلي وحلي الستاير
مصر الشباب العزيزة قامت وكان اللي كان
وفي الاتجاه نفسه‏,‏ كان الشاعر الكبير سمير عبدالباقي يكتب والفنان الراحل عدلي فخري ينشد كلماته سعيا الي مصر الفتية أو الشابة التي تولد الآن‏:‏
إملي قلبك بالشجاعة
وارجعي مصر الفتية
واصرخي بصوت الجواعي
لا مصر بدون الحرية
يامصر الحرية
يا مصر الحرية
كان حلم عبدالباقي وفخري مرتبطين بالشباب فتيانا وصبايا‏,‏ وإن بدرجة اقل من حلم الفاجومي والشيخ امام الذي راهن علي الاجيال الجديدة‏.‏
ولذلك كتب عبدالباقي في قصيدة‏(‏ باحلم بك يابكرة‏):‏
باحلم بك يابكرة في عيون الصبايا
تمسح دمع عيني وتغسل آسايا
فالشباب في شعر عبدالباقي وفن فخري يتقدمون الصفوف دائما وفق ما يشي به نبض السنين‏:‏
أنا الولاد أنا البنات أنا التلامذة‏..‏ التلميدات
أنا الرجال السهرانين عالمكن والموتورات
أنا تاريخ نبض السنين عمري ما يغلبني الوت
وهكذا كان للاغنية الوطنية الديمقراطية الاجتماعية التي نشرت الحلم بمصر جديدة يصنعها شباب حر مقدام أثر مهم في التراكم الثوري الذي تتوجه الآن ثورة‏52‏ يناير‏.‏ تبدو هذه الثورة كما لو انها اخر الصبر الطويل الذي تساءل الفاجومي عنه قائلا‏:‏
إيه اخر الصبر ياشيخ ايوب
لامتي الحر يبات مغلوب
كانت هذه الاغاني هي عيون الكلام التي تضرب جذورها في اعماق تاريخ المصريين عبر الفيات عدة تعيدنا إلي مواقف الفلاح الفصيح في الالف الثالثة قبل الميلاد‏.‏ لم تكن عيون كلام الفلاح الفصيح مجرد شكاوي‏,‏ بل كان فيها تعبير حر باللغة الهيراطيقية عن مغبة الظلم وغياب العدل واحتكار الثروة وشيوع القهر‏.‏
وقد يستهين كثير منا بعيون الكلام التي لايبقي غيرها حين ينتشر الظلام‏.‏
ولكن الفاجومي لم يستهن بها حين كتب‏:‏
إذا الشمس غرقت في بحر الغمام
ومدت علي الدنيا نور الظلام
ومات البصر في العيون والبصاير
مافيش لك دليل غير عيون الكلام
وقد ساهمت عيون الكلام فعلا في التراكم الذي انتج في النهاية ثورة‏52‏ يناير التي أثبتت مرة أخري ان مصر تظل شابة مهما شاب الزمن‏:‏
مصر يامة يابهية ياأم طرحة وجلابية
الزمن شاب وانتي شابة هو رايح وانتي جاية
جاية فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية
يابهية
المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.