توقع القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور محمود الزهار انتهاء المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بالفشل الذريع. وقال: "إن نتيجتها ستكون صفرا كبيرا"، محذرا من أن "يهودية الدولة" فخ إسرائيلي منصوب للفلسطينيين والعرب.كما حذر من رد أكثر ايلاما للمقاومة على أي عدوان جديد على قطاع غزة. وقال الزهار في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط في غزة: "إن الرؤية الاسرائيلية للمفاوضات تستند الى مجموعة من المطالب غير المشروعة تشمل السيطرة على المعابر الدولية والأجواء الفلسطينية والمجال الكهرومغناطيسي والمياه الاقليمية والبقاء في منطقة نهر الأردن ورفض حق العودة وتوزيع المياه بنسبة 20% للفلسطينيين مقابل 80% للإسرائيليين، والحصول على نسبة 9ر1 من مساحة الضفة الغربية وتبادل للأراضي من خلال ضم أكبر قدر ممكن من المستوطنات لإسرائيل والتخلص من أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين العرب داخل الخط الأخضر". وتساءل: ماذا سيقول الرئيس محمود عباس "أبو مازن" للشعب بعد انتهاء الشهور التسعة المحددة لانتهاء المفاوضات دون تحقيق أي نتائج؟، إنه لن يستطيع أن يأتي للشارع الفلسطيني ويقول إنني تنازلت عن جزء من الأرض الفلسطينية بنسبة مثلا 2% الى5ر2% أو تنازلت عن حق العودة أو عن غور الأردن أو السيادة عن الجو والبر والبحر". وقال الزهار: "أبو مازن مصيره معروف إذا انتهت المفاوضات إلى عدم تحقيق ما يرغبه الإسرائيليون وهو إما أن يلقى مصير الرئيس الراحل ياسر عرفات على يد إسرائيل ويأتون ببديل له ، أو أن يهرب للخارج". واستأنفت إسرائيل والفلسطينيون مفاوضات السلام المباشرة في 30 يوليو الماضي عقب ضغوط كبيرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تعثرها لثلاثة أعوام بسبب البناء الاستيطاني..ورغم عقد 18 لقاء تفاوضيا على مدى الثلاثة أشهر الأخيرة ، تمر المفاوضات بأزمة حقيقية وهناك تباعد في موقفي الطرفين بحسب مسئولين فلسطينيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية. وقال الرئيس عباس في كلمة أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح الأحد الماضي: "بعد كل جولات المفاوضات لا يوجد شيء على الأرض". ويطالب المفاوضون الفلسطينيون بان تجري المفاوضات على حدود عام 1967 أي الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وقطاع غزة،وأن تكون دولة فلسطين صاحبة السيادة على أجوائها ومعابرها البرية وموانئها البحرية والمجال الكهرومغناطيسي وستقبل تبادلا طفيفا للأراضي بالقيمة والمثل. في المقابل، يرفض الطرف الإسرائيلي القبول بحدود 1967 والانسحاب من غور الأردن ويطالب بضرورة أن يتم تبادل الأراضي حسب احتياجات إسرائيل الأمنية وحسب التغييرات الديمجرافية التي حصلت منذ عام 1967 وحتى الآن. وأضاف الزهار أن إسرائيل تريد أن تعيد محمد دحلان "القيادي المفصول من فتح" إلى المشهد ليكون بديلا عن عباس الذي يدرك هذه الحقيقة وتدركها فتح في الضفة الغربية. وحول الحاح نتنياهو المتكرر بضرورة الاعتراف الفلسطيني بما يسمى "يهودية الدولة" والتنازل عن حق العودة ، حذر الزهار من أن "هذه القضية من أخطر ما يمكن .. وأثارها مدمرة على القضية الفلسطينية" . وأوضح قائلا: "عندما يقول طرف فلسطيني: "إن هذه الأرض يهودية معنى ذلك ان هذه الأرض تاريخيا كانت لليهود وان كل الجهاد والنضال الفلسطيني الذي سبق تأسيس الدولة (اليهودية المزعومة) وحتى هذه اللحظة كان غير مشروع لأننا وفقا لهذا المفهوم كنا نحارب اليهود أصحاب الأرض ..وبالتالي تسقط كل حقوقك التاريخية وتجرم على ما تم ضد اليهود في فلسطين خلال فترات المقاومة والجهاد". وتابع: "إن هذا الاعتراف أيضا يحرم أي فلسطيني من الأجيال القادمة أن يطالب بحق العودة ، وسيترتب عليه المطالبة بتعويضات لا حصر لها لكل يهودي عاش في هذه المنطقة وقتل أو جرح في معركة المواجهة ضد الاحتلال، كما أن سيسحب مصطلح الاحتلال وتصبح أرضا متنازع عليها وليست أرضا محتلة". وكرر: "تبعات هذا الموضوع سيكلفنا إدانة تاريخية لجهاد أجدادنا وآبائنا ، وأيضا سيكلف الدول العربية تبعات حرب 1948 عندما جاءت لتدافع عن فلسطين وتحارب اليهود الذين احتلوا الأرض الفلسطينية". ومؤخرا طالب نتنياهو الفلسطينيين "بالتنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين ومطالبهم الوطنية الأخرى وبالاعتراف بحق اليهود في إقامة دولة في وطنهم". وقال في مستهل اجتماع حكومته الأسبوعي الأحد الماضي إنه "لكي يتحقق السلام بيننا وبين جيراننا الفلسطينيين، يجب عليهم أن يعترفوا بحق الشعب اليهودي بدولة قومية خاصة به في وطنه، ومغزى ذلك هو أنه يجب عليهم أن يقروا في إطار التسوية النهائية بشطب مطالباتهم الوطنية، بما في ذلك حق العودة أو أي مطالبة وطنية أخرى من دولة إسرائيل". غير أن الزهار قال في نبرة ثقة ويقين: "نحن كفلسطينيين وعرب ومسلمين عائدون مائة بالمائة الى فلسطين، الذي يبنونه اليوم من مستوطنات في الضفة أو الأراضي المحتلة عام 48 سيكون سكنا للاجئينا الذين عاشوا خارج فلسطين". وشدد على أن "هذه قضية محسومة عندنا ..المسألة مسالة وقت وعمل ..بالنسبة للوقت ..نحن اليوم أقرب بكثير مما يتصور الناس من تحقيق هذا الهدف". وأردف: بالنسبة للعمل، وبشهادة العدو، نحن استطعنا في غزة التي تشكل 2% من مساحة فلسطين التاريخية أن نجبر قياداته أخيرا أن تقول إن إسرائيل التي كانت تخطط لإستراتيجية الهجوم الآن تخطط للدفاع". وحول أسباب إصرار نتنياهو على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية ، قال الزهار: "هو لا يريد أن يضم مستوطنات فقط وإنما يريد أن يأخذ أراض فلسطينية لها قيمة إستراتيجية كالقدس ولها قيمة ديمجرافية من خلال توطين نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربية حتى يقطع التواصل الجغرافي بين شمالها ووسطها وجنوبها، وأيضا هذه المنطقة غنية جدا بالمياه وتتمتع بأهمية إستراتيجية وعسكرية". وأضاف:"سيعطي في مقابلها للمفاوض الفلسطيني أراض في مناطق قاحلة ، وسيسعى للتخلص من مناطق فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948 معروفة بكثافتها السكانية العربية العالية وضمها للأراضي الفلسطينية – حسب تصوره- ليحافظ على عرق الأغلبية اليهودية في أراضى 48". واتهم نتنياهو قبل أيام الفلسطينيين بمحاولة "افتعال أزمة في المفاوضات" بمعارضتهم التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، معتبرا أنهم كانوا على علم ويقين عشية انطلاق عملية التفاوض أن إسرائيل لن تخضع لأي قيود تتعلق بالبناء وراء الخط الأخضر(الاراضى المحتلة عام 67) ". وعشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي بدأت أمس لتل أبيب، أعلنت إسرائيل عزمها على بناء 1859 وحدة سكنية استيطانية جديدة منها 1031 وحدة في الضفة الغربية و828 في القدسالشرقية . وعما إذا كان يتوقع اندلاع انتفاضة ثالثة حال الإعلان رسميا عن فشل المفاوضات ، قال الزهار: "الضفة الغربية مهيأة لانتفاضة كبرى بكل أشكالها المدنية والعسكرية ، وهذا بشهادة العدو الإسرائيلي". ورصد عددا من الشواهد والإرهاصات لذلك منها ان الشهور التسعة الأولى من هذا العام شهدت نحو 40 محاولة لاختطاف إسرائيليين وصلت إلى مراحلها النهائية، والمواجهات المسلحة بين المقاومين والاحتلال كان آخرها استشهاد محمد عاصي فى إحدى قرى رام الله، إضافة إلى الاحتجاجات الشعبية المتواصلة ضد جدار الفصل العنصري. وفيما يتعلق بموقف حماس من استهداف القدس والأقصى، قال الزهار: "القدس ليست ملكا لحماس أو للشعب الفلسطيني فقط..انها ملك لنحو ملياري مسلم حول العالم على اختلاف اعراقهم ودولهم..وبالتالي أي مساس بالمدينة القدسة معناه مساس بكل هؤلاء". غير أنه أوضح في الوقت ذاته أن "الذي يقود مقاومة المساس بالقدس والاقصى هم الفلسطينيون ، وإننا سنكون خط الدفاع الأول وفي خط المواجهة رقم واحد لمخططات العدو في القدس بانتظار الدعم والتحرك العربي والاسلامي". وتصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة التهويد للقدس الشرقية وسط دعوات رسمية من وزراء في الحكومة ونواب في الكنيست وغير رسمية من جماعات المستوطنين بتقسيم الاقصى بالتزامن مع اقتحامات شبه يومية للمسجد. وحول المسئول عن تعطيل المصالحة الفلسطينية، قال الزهار:لمعرفة مصير المصالحة لابد من الاجابة على ثلاثة أسئلة، الأول:هل أمريكا تريد مصالحة؟ والاجابة "لا" ، والثاني:هل إسرائيل تريد مصالحة؟ والاجابة أيضا "لا" ، والأخير:هل "أبو مازن" يستطيع أن يقوم بمصالحة بعكس توجه أمريكا وإسرائيل؟ والاجابة "لا". واعتبر أن المصالحة مرهونة بموقف أمريكي إسرائيلي وبضعف "أبو مازن" الذي لا يستطيع مغادرة هذين الموقفين وبالتالى يلجأ إلى طرح تبريرات معينة للإيهام بأن حماس تهرب من استحقاقات المصالحة مثل التسجيل في لجنة الانتخابات. وحول إمكانية شن عدوان إسرائيلي جديد على القطاع ، ، قال الزهار إن مسلسل الحرب الذي تشنه إسرائيل لا يتوقف..التاريخ يؤكد ذلك .. القضية هي متى (هذا العدوان)؟! . وأضاف:"مخطئ من يقول ليس هناك حرب أو يظن أن العدو سيتوقف عن عدوانه، ومخطئ أيضا من يظن أننا لن نستطيع إيلام العدو بكل قوة".موضحا أن الحرب ترتبط بتقديرات الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية وقدرتها على التأثير وتحقيق الأهداف". وأكد أن الحرب إذا بدأت ستبدأ من حيث انتهت معركة 2012 وأن المقاومة الفلسطينية فرضت معادلة جديدة على الصراع مع الاحتلال من خلال العملية الفدائية الاخيرة التي نفذتها نهاية الاسبوع الماضي شرق خان يونس جنوب قطاع غزة. وأضاف أن كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) اربكت قادة الاحتلال من خلال هذه العملية وفرضت عليهم معادلة جديدة وإستراتيجية للدفاع..وان الوقت الذي كان يغزون فيه القطاع وقتما شاءوا قد ولى". واستشهد أربعة مقاتلين من القسام وجرح خمسة جنود إسرائيليين مساء الخميس الماضي في اشتباك عنيف شرق خانيونس على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل هو الاخطر في هذه المنطقة منذ العدوان الاسرائيلي في نوفمبر الماضي.ووقع الاشتباك اثر تصدى كتائب القسام لتوغل عسكري إسرائيلي كان يستهدف تفجير نفق المقاومة من جهته الفلسطينية والذي اكتشفه جيش الاحتلال في 13 أكتوبر الماضي ويمتد الى داخل الاراضي المحتلة عام 48 لمسافة 5ر2 كم. وحول الحصار على غزة، قال الزهار:الشعب الفلسطيني في حصار منذ عام 1917 (وعد بلفور) والانتداب البريطاني الاستعماري على فلسطين ثم الاحتلال الاسرائيلي عام 1948..بما يعنى ان الحصار مفروض علينا منذ نحو قرن تقريبا". وتابع:"الحصار هو حياتنا ..تعودنا عليه واستطعنا ان نبدع في مواجهته في فترات مختلفة".مؤكدا أنه لا يوجد طرف عربي مستفيد منه وان المستفيد الوحيد هو اسرائيل. وقال الزهار "إن الشارع في قطاع غزة مضغوط حاليا لسببين الأول امتناع السلطة في رام الله عن توريد الوقود لمحطة كهرباء غزة واشتراط زيادة الضرائب على الوقود الداخل للقطاع ، وانقطاع وصول الوقود عبر الانفاق والذي كان يساهم في تخفيف الحصار المفروض على القطاع منذ سبع سنوات". وعبر عن خشيته من "أن يولد هذا الضغط انفجارا في الشارع لا نعرف الى أن يتجه، خصوصا مع قدوم فصل الشتاء والمخاوف من وقوع كارثة صحية وبيئية فى حال توقف محطة الكهرباء عن العمل بشكل نهائي".مؤكدا أن حكومة غزة وحركة حماس تبذلان جهودا كبيرة لضبط الشارع في الوقت الحالي. ومنذ أول نوفمبر الجاري ، أصبح جدول توزيع الكهرباء على مناطق القطاع يقوم على أساس 6 ساعات وصل مقابل 12 ساعة انقطاع، بسبب نفاد احتياطي الوقود وفرض حكومة الضفة ضريبة اضافية على أسعار السولار الصناعي المورد الى محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع..وهناك مخاوف من عجز المحطة عن إمداد القطاع ب 6 ساعات وصل كهرباء خلال الأيام المقبلة إن استمرت الأزمة. وطالب الزهار السلطات المصرية بادخال الوقود الى قطاع غزة بطريقة رسمية عبر معبر رفح البري على غرار ما تفعله مع إدخال الوقود القطري للقطاع. وحول حركة "تمرد غزة"، قال الزهار: من يقود هذه المجموعة فلسطينيون يتبعون "تنظيم فتح في اقليم مصر"..وهؤلاء هم الذين كانوا يقودون حملة الكذب والتحريض على حماس فى الاعلام المصري وتم كشفهم بنشر 3 وثائق فقط من قصصهم". وأضاف:حملة تمرد هدفها التشويش على برنامج المقاومة ضد إسرائيل..وهم كبير وليس لها وجود على أرض الواقع وهي عبارة عن صفحة الكترونية أغلب المشاركين فيها هم ضد التمرد. وتساءل مستنكرا: هل تريد تمرد ان تعيد فتح الى غزة؟ وأجاب بالقول "هذا طبعا من المستحيلات لان حماس ذاقت الأمرين من سلطة فتح منذ عام 1994 وحتى 2007 ". وحددت حركة "تمرد بغزة" التي استلهمت التجربة المصرية الحادي عشر من نوفمبر الجاري (ذكرى وفاة الرئيس ياسر عرفات الزعيم التاريخي للفلسطينيين) موعدا "لإطلاق مظاهرات لإسقاط حكم حماس". وأكد الزهار أن الشارع الفلسطيني مع المقاومة ويدرك أهداف مثل هذه الدعوات ولا يلتفت اليها ..وقال متحديا:"من يستطيع أن يقضي على قوات الأمن الموجودة وهي بالالاف.. أو يقضى على قوات الكتائب الموجودة وهي أيضا بالالاف".