دم طلاب جامعة الأزهر في السوق السوداء. اخصائي باحدى المستشفيات الخاصة: الموضوع بيزنس ضحيته المريض الفقير. "محيط" تحصل على نص الخطابات بين مستشفى الحسين والمستشفى الايطالي. مواطنون: فقدنا بعض ذوينا لعدم استطاعتنا الحصول على كيس دم. تحت عنوان "تبرع بدمك من أجل إنقاذ حياة مريض ونقطة دم تساوى حياة إنسان" تقوم مستشفى الحسين الحكومي ، بجمع الدم من الآلاف من طلاب جامعة الأزهر باعتباره مستشفىً تابعاً لجامعة الأزهر , وكذا من المواطنين الذين يأتون خصيصاً للتبرع بدمائهم من أجل إنقاذ حياة مريض ثم يقوم المسئولون عن بنك الدم بالمستشفى ببيعه للمستشفيات الخاصة بأسعار كبيرة . يأتي ذلك فى الوقت الذى ترفض فيه المستشفى طلبات المستشفيات الحكومية للحصول على كميات من الدم من أجل إنقاذ حياة المرضى , وكذلك قد يكون مصير مرضى مستشفى الحسين الموت قبل وصول كيس الدم إليهم. حصلت شبكة الإعلام العربية "محيط" على وثائق ومستندات تؤكد تلاعب المسئولين عن بنك الدم بمستشفى الحسين الجامعي ، بأكياس الدم وبيعه في السوق السوداء للمستشفيات الخاصة. البداية بلاغ كانت البداية ببلاغ تقدم به فني معمل يدعى أحمد محمد البنا لوزير الصحة الأسبق ، أتهم فيه المسئولين بمركز نقل الدم بالمستشفي بالتلاعب في الإحصائيات اليومية للدم ، مؤكداً أنهم يقومون بتبليغ غرفة الطوارئ التابعة لمديرية الشئون الصحية بصورة عشوائية وغير مطابقة للأعداد الحقيقية , كما أن المركز يقوم ببيع الدم والبلازما إلى المستشفيات الخاصة كالمستشفى الإيطالي ، والقصر العيني الفرنساوى. وأوضح أن المركز يكلف بعض الموظفين المختصين بفصل البلازما من عبوات الدم الواردة للمركز ، حتى يتم بيعها بسعر ، وباقي مكونات الدم بسعر آخر ، بعدها بدأ التحقيق فى هذا البلاغ ، وبعد التحقيق مع المسئولين ، تم حصر رأي اللجنة المشكّلة فى عدة نقاط، أهمها أن تبليغ البيان اليومي لغرفة الطوارئ يتم تليفونياً ويتم بصورة ودية . كما أضاف العضو الفني ، أن سبب مخالفة تبليغ البيان لغرفة الطوارئ أن ما يتم تبليغه ، هو ما يمثل الفائض الممكن الاستغناء عنه لإعطائه لأي مستشفى تحتاجه بعد توفير كامل احتياجات مرضى المستشفى ، وأكدت اللجنة أنه لوحظ وجود اختلاف في البيان الحقيقي الثابت من الدفاتر بشأن المجاني 111 ع .ح .و ، عن البيان الشهرى المبلّغ إلى إدارة الإحصاء وإدارة الحسابات. مصير العبوات وعن العبوات الواردة للمستشفى التي تم صرفها ، أكدت اللجنة أن هناك 956 عبوة بنسبة 20% لم يتضح طريقة صرفها ، ورغم المخالفات سابقة الذكر إلا أن الأمر انتهى بحفظ الموضوع لعدم الأهمية , بعدها تم نقل المُبلّغ لمعمل العيادة الخارجية بالمركز ، وقام مدير المستشفى الدكتور محمد أسامة الشكعة ، وقتذاك برفع دعوى قضائية ضده أتهمه بالبلاغ الكاذب والتشهير به ، وطالب في دعواه بتوقيع العقوبة القانونية عليه وتعويض مادي لما لحق به من أضرار معنوية. خطابات ومراسلات كذلك عثرت "محيط" على مخاطبات ومراسلات من المستشفى الإيطالي ، تطالب فيها بنك الدم بمستشفى الحسين بأعداد كبيرة من أكياس دم لفصائل مختلفة. وخطاب آخر مرسل من مدير عام مركز نقل الدم ، إلى مدير عام المستشفى أكد فيه وجود مجموعة من الموظفين والفنيين يعملون في غير تخصصاتهم مما يؤثر بالسلب على معدل الأداء بالمركز ويقلل من حجم الإنتاج. وما يؤكد قيام مركز الدم بالمستشفى ببيع الدم للجمهور ، والمستشفيات الخاصة خطاب أرسله مدير المستشفى إلى مدير مركز نقل الدم جاء فيه :"أنه تمت الموافقة على عمل الحالات الداخلي بالمجان أو لحين ورود القرار الخاص بالمريض ، وأن يكون القرار صادر من القسم التابع له المريض مشتملاً على كافة الخدمات والأبحاث والفحوصات الطبية اللازمة ، ويتم خصم مستحقات كل جهة علاجية بمعرفة الحسابات الخاصة بالمستشفى حسب المبلغ المدرج بقرار العلاج ، ويمكن تخصيص قرار علاج خاص ببنك الدم ، وسعر فصل البلازما ألفين وستمائة وخمسة جنيهاً قيمة الجلسة الواحدة لكل حالة ، وسعر فصل الصفائح الدموية ألف وأربعمائة وخمسة وثلاثون جنيهاً" وأوصى الخطاب بأن يتم بيع الدم للمستشفيات الخاصة وكذلك للجمهور حسب الأسعار الأتية : أسعار الدمسعر العبوة 250 سم كرات دم مركزة لبنك الدم الخاص 90 جنيهاً ، وللمريض بالمستشفى 130 جنيهاً ، وسعر العبوة 500 سم دم كامل لبنك الدم الخاص 90 جنيهاً ، وللمريض بالمستشفى 130 جنيهاً ، وسعر البلازما الطازجة المجمدة 40 جنيهاً للبنك الخاص ، وكذا للمريض بالمستشفى. وما يثبت قيام المستشفى ببيع الدم الذي يتبرع به طلبة جامعة الأزهر لمرضى مستشفى الحسين ، الكشف الذى حصلنا عليه ، والذي يوضح عدد أكياس الدم التى تم جمعها من هؤلاء الطلبة على فترات متوالية وتم بيعه ، كان منها 317 كيساً من طلاب كلية الدراسات والعلوم الإسلامية ، و2665 كيس دم من طلاب كلية الصيدلة ، و2567 كيساً من طلاب كلية اللغات والترجمة وغيرها من الكليات بالجامعة. شكاوى المواطنون يقول جابر غيث – نجل إحدى المريضات- ذقت الأمرّين من أجل الوصول لكيس دم لوالدتي المريضة بالمستشفى ، حتى تتمكن من إجراء العملية الجراحية ، وقمت بشراء كيس الدم ب280 جنيه ، رغم أن المستشفى واجبها توفير كيس الدم للمريض. ويضيف محمد مصطفى ، رغم أن المستشفى تحتوى على بنك كبير للدم ، وبها العديد من أكياس الدم التى تؤخذ من المتبرعين بحجة توصيلها للمرضى المحتاجين ، إلا أن فساد للمسئولين بالمركز-بحسب تعبيره- جعلهم يتجاهلون المريض الفقير المعدوم الذى لا حول له ولا قوة . وتحكي نعمة رمضان ، عن مأساتها فتقول دخلت شقيقتي إلى المستشفى منذ عدة أيام لإجراء عملية جراحية عاجلة ، وكانت بحاجة شديدة إلى كيس دم ورفض بنك الدم أعطائنا الكيس إلا بعد دفع 180 جنيهاً ، ولضيق ذات اليد وقلة حيلتنا في توفير المبلغ المطلوب ، وعدم تعاطف الأطباء معنا ، ذهبت إلى أحد المساجد وطلبت من المسئول عن المسجد مساعدتي في الوصول إلى متبرع وبعد ساعات طويلة نجحت فى الوصول لمتبرع ، لكن بعد فوات الأوان لأن شقيقتي توفيت قبل أن يصل إليها كيس الدم. وترى ماجدة السيد ، أن رياح التغير التى طالبت بها ثوره 25 يناير ، لم تصل إلى المستشفيات الحكومية وبنوك الدم التي يعجز اللسان عن وصف مدى قسوة وظلم القائمين عليها ، كما أن الفساد لازال مستشرياً في دفاتر هذه البنوك ، والتي يتم التلاعب فيها بهدف جنى آلاف الجنيهات حتى ولو كان الثمن روح إنسان في غياب تام من الجهات الرقابية. لن أتبرع ويؤكد ناصر عبد القادر ، أنه يتبرع بدمه كل ثلاثة أشهر ، من أجل المرضى الفقراء الذين يعجز ذويهم عن توفير ثمن كيس الدم لهم ، وفور علمه بما تفعله بنوك الدم بالمستشفيات الحكومية والتى تتربح من وراء هذه الأكياس ، قرر عدم التبرع بالدم ثانية ، لأن الفساد طال كل شيء حتى دم المواطن. ضوابط وشروط من جهته أكد الدكتور أحمد الديب -أخصائي التحاليل الطبية- أن بيع الدم بالمستشفيات الحكومية يتم استرشاداً بقرار وزير الصحة رقم 25 لسنة 1999 ، والذي يسمح ببيع الدم من البنوك الحكومية إلى البنوك الخاصة ، بعد إلغاء احتراف التبرع ، وقيام المستشفيات الحكومية بتوفير احتياجات المستشفيات الخاصة ، وذلك بعد موافقة إدارة المستشفى على الطلب ، ولكن هذا يتم وفق ضوابط وشروط خاصة ، أهمها توفير احتياجات المرضى ، وتوفير رصيد كافي للاحتياجات الطارئة المستقبلية. وأضاف ، لا يتم البيع إلا فى حالة زيادة الرصيد ، ويكون في هذه الحالة البيع ضروري للمحافظة على المال العام ، حيث أن عبوة الدم لها مدة صلاحية محددة وعندما توشك على الانتهاء تفقد قيمتها وتصبح غير صالحة للاستعمال وببيعها تتحول قيمتها المعدمة إلى قيمة مالية. بيزنس وأعمال ويتابع الدكتور أسعد الشريف -أخصائي التحاليل الطبية وأبحاث الدم بإحدى المستشفيات الخاصة- أن استجلاب الدم من بنوك الدم الحكومية إلى المستشفيات الخاصة يتم باستمارات 111 ع.ح ، بعد مكالمات تليفونية بين الطرفين ، والتأكد تماماً ، أن هناك فائضاً موجوداً بالمستشفيات الحكومية ولا تستطيع تصريفه ، ولكن الحقيقة على خلاف ذلك ، حيث أن المستشفيات الحكومية والقائمين عليها يبيعون الدم بأسعار مرتفعة للمستشفيات الخاصة ، دون مراعاة القوانين واللوائح. وتابع ، في بعض الأحيان يطلب الأطباء من المستشفيات الحكومية شراء دم من بعض المستشفيات الخاصة ، وهم في الحقيقة الذين قاموا ببيع دم المتبرعين لهذه المستشفيات الخاصة أى أن الموضوع بيزنس ضحيته المريض الفقير.