حذرت وزارة الداخلية السعودية، الناشطات اللاتي دعون إلى قيادة السيارة، يوم السبت المقبل، بأنها ستطبق الأنظمة بحق المخالفين كافة "بكل حزم وقوة". وقال اللواء منصور التركي المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الأربعاء: "إن الأنظمة المعمول بها في المملكة تمنع كل ما يخل بالسلم الاجتماعي ويفتح باب الفتنة ويستجيب لأوهام ذوي الأحلام المريضة من المغرضين والدخلاء والمتربصين؛ لذا فإن وزارة الداخلية تؤكد للجميع بأن الجهات المختصة سوف تباشر تطبيق الأنظمة بحق المخالفين كافة بكل حزم وقوة". وبين أن هذا التحذير يأتي "عطفاً على ما يثار في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض من وسائل الإعلام من دعوات لتجمعات ومسيرات محظورة بدعوى قيادة المرأة للسيارة". وبينما لم يحدد التركي طبيعة العقوبات التي تصدر بحق من تقود السيارة، كشف الرائد منصور الشكرة، المتحدث الرسمي باسم مرور المنطقة الشرقية بالسعودية، في تصريحات صحفية قبل يومين، إنه عند ضبط المرور حالات تقود فيها المرأة السيارة، سيتم تحرير مخالفة على ولي أمر المرأة أو الشخص الذي مكنها من قيادة سيارتهلإعطائه المركبة لشخص غير مؤهل. كما بين أنه سيتم تحرير مخالفة على المرأة نفسها لقيادتها السيارة دون رخصة، مؤكداً أن الرخصة إذا لم تكن صادرة من السعودية لن يعتد بها. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلقت ناشطات سعوديات حملة لرفع الحظر المفروض عن قيادة المرأة للسيارات في بلدهن، وأعلن أنهن سيتحدين ذلك الحظر يوم السبت المقبل الموافق 26 أكتوبر/ تشرين الأول. وأطلقت القائمات على الحملة موقعا خاصا للترويج لحملتهن، دعون خلاله إلى توقيع بيان يطالب برفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة في المملكة. وحتى الساعة 1:00 تغ من صباح اليوم الخميس، وقع نحو 16 ألفا و500 شخص على البيان التي نشرته الناشطات على الموقع تحت عنوان: "26 أكتوبر.. قيادة المرأة للسيارة اختيار وليس إجبار". ودعا بيان الحملة إلى إصدار "قرار حازم" يدعو إلى "ضرورة توفير السبل المناسبة لإجراء اختبارات قيادة للمواطنات الراغبات وإصدار تصاريح ورخص للواتي يتجاوزن هذا الاختبار"، وأشرن إلى أنه يجب أن "يكون المعيار القدرة على القيادة فحسب، بغض النظر عن جنس المواطن او المواطنة". وقال البيان: "إنه وكما كانت الصحابيات يركبن الخيل والإبل في التنقل والترحال حسب إليات عصرهم، فمن حقنا الأصيل بالقيادة وحسب آليات عصرنا الحديث". وأكدن أنه " لا يوجد نص شرعي واحد او مانع فقهي يحظر علينا ذلك". ولا يوجد في المملكة - البلد الوحيد في العالم الذي يحرم على المرأة قيادة السيارة - قانون يحظر قيادة المرأة للسيارة، لكن لا يسمح لها باستخراج ترخيص القيادة، كما القي القبض في أوقات سابقة على نساء بتهمة الإخلال بالنظام العام بعد ضبطهن وهن يقدن سيارات. وفي 8 أكتوبر الجاري، أوصت ثلاث سعوديات من أعضاء "مجلس الشورى السعودي" (البرلمان) المجلس بأن "يعترف بحقوق المرأة في قيادة السيارة". في المقابل، كشف الأمين العام لرابطة علماء المسلمين الشيخ ناصر بن سليمان العمر على موقعه الإلكتروني أنه قام بزيارة مع وفد ضم قرابة 200 من المشايخ والدعاة إلى مقر الديوان الملكي بمدينة جدة "غرب السعودية" الثلاثاء الماضي، لبيان "خطورة" السماح للمرأة بقيادة السيارة. وقال العمر: "جئنا إلى ولي الأمر لبيان خطورة هذه المرحلة، فإن كان أصحاب مؤامرة قيادة المرأة للسيارة أرادوا أن يأتوا البيوت من ظهورها، فالمشايخ أرادوا أن يأتوا البيوت من أبوابها". ويشهد المجتمع السعودي منذ عام 2005 جدلاً واسعًا حول قضية قيادة المرأة السعودية للسيارة والتي تُعَدّ مطلبًا لفريق من السعوديين يصنفون من وسائل الإعلام الغربية على أنهم من التيار الليبرالي. وفي مايو/ آيار 2005، اقترح محمد بن عبد الله آل زلفة، عضو مجلس الشوري السابق، على المجلس مناقشة موضوع قيادة المرأة للسيارة بالسعودية، لكن الاقتراح أثار ضجة كبيرة، ورفض مجلس الشورى في فبراير/ شباط 2006 ، طلب آل زلفة مناقشة تلك القضية. وفي عام 2007، أرسلت ناشطات سعوديات خطابا للعاهل السعودي زيل بتوقيع 1100 شخص معظمهم من النساء طالبن فيه بالسماح للمرأة بقيادة السيارة. وفي 17 من يونيو / حزيران 2011، أعلنت نسوة سعوديات يوما لتحدي حظر قيادة السيارات؛ حيث قام عدد منهن بقيادة سياراتهن فعلا، إلا أن الشرطة اوقفت بعضا منهن، وأجبرتهن على توقيع تعهد بألا يعاودن قيادة السيارة مجددا. وكانت هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في السعودية، نشرت في عام 1990 فتوى تعتبر أن قيادة المرأة السيارة أمر مخالف للدين الإسلامي. ويستند معارضو قيادة المرأة للسيارة إلى القاعدة الفقهية التي تقول إن الشريعة الإسلامية جاءت بسد الذرائع والوسائل المفضية إلى المحظورات والمفاسد، حتى إن كانت هذه الوسائل مباحة في الأصل. ويرون أن هناك عددا من المفاسد المترتبة على السماح للمرأة بقيادة السيارة أهمها: كثرة خروج المرأة من البيت وعدم القرار فيه، وخلع الحجاب بحجة رؤية الطريق، والسفر وحدها بدون محرم. كما يعتقد المعارضون أن المرأة قد تتعرض لإيذاء كبير أثناء قيادة السيارة، مثل: التحرش والمضايقات والاختطاف والاغتصاب من ضعاف النفوس في الطرقات وعند التوقف وتعطل السيارة. أما المؤيدون، فيستندون إلى أنه ليس هناك نص من القرآن الكريم أو السنة المؤكدة يمنع المرأة من قيادة السيارة، فضلا عن أنه قد تحدث "خلوة محرمة" بين المرأة السعودية والسائق الأجنبي الذي تضطر للجوء إليه بسبب عدم السماح لها بقيادة السيارة.