تشهد الساحة السياسية والشعبية اللبنانية حالة من القلق بعد أن أصبحت الضربة العسكرية لسوريا من الغرب قاب قوسين أو أدنى وسط مخاوف من توسع الضربة إلى لبنان نظرا لمشاركة "حزب الله" بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد، إلى جانب مخاوف من تجدد القتال بين الحزب وإسرائيل. وأكد مصدر أمني لبناني في تصريح لمراسلة وكالة الأنباء القطرية "قنا" في بيروت "أن ما يضاعف من وتيرة المخاوف من امتداد الصراع السوري إلى لبنان هو أن خطط الحرب الأميركية على سوريا تضع في حسابها احتمالات مواجهة مع "حزب الله"، وليس بين الحزب وإسرائيل فقط". وأشار المصدر إلى تخوفات من أن يقوم حزب الله بضربة لإسرائيل فتكون ضربة "انتقامية" لأمريكا التي تحرص على أمن إسرائيل. وكان مارتن ديمبسي رئيس أركان الجيوش الأميركية المشتركة قال، في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ورداً على سؤال حول احتمال استهداف "حزب الله" مصالح أميركية إبان الضربة العسكرية لسوريا، إن بلاده مستعدة لأي تصعيد محتمل من الحزب، مؤكدا أن المواقع الأمريكية البحرية جاهزة لمثل هذا الإحتمال. وأضاف أن سفارات بلاده محمية من أي هجوم محتمل، في إشارة إلى سفارات الولاياتالمتحدة في بيروت ودمشق والأردن وتركيا. وأكد الجنرال ديمبسي أن إسرائيل وضعت قواتها في حالة تأهب، واسرائيل لن تكون بمأمن عن الضربة، مضيفا أن بلاده على تواصل مع وزير الدفاع الإسرائيلي. وقال "لدينا معلومات سرية لن نستطيع البوح بها عما إذا كان حزب الله يملك سلاحاً كيميائياً أم لا، مع الإشارة إلى أن التفويض الذي طلبه الرئيس أوباما لا يطال لا إيران ولا الحزب". وأشار المصدر الأمني اللبناني إلى أن بعض سفارات الدول الأجنبية في بيروت اتخذت إجراءات احترازية. وقال "من المؤكد أن ما لا يقل عن عشر دول ستكون ضمن الائتلاف الذي ستقوده الولاياتالمتحدة لتنفيذ الضربة ضد جملة من الأهداف في سوريا والتي تهدف الى فتح الطريق أمام المعارضة لاستعادة ميزان القوى لصالحها مع نظام الأسد بعد إضعافه". وبحسب المصدر هناك تخوف من انفجار الوضع الداخلي في حال الضربة العسكرية لسوريا في ظل الإنقسام بين القوى السياسية والشارع اللبناني بين مؤيد لنظام الأسد من قوى "الثامن من آذار" واتباعهم وخاصة حزب الله المنخرط بالقتال في الداخل السوري، وبين مؤيد لسيطرة المعارضة والقضاء على نظام الأسد من قوى "الرابع عشر من آذار" ومناصريهم من الشعب اللبناني. وسط هذه الأجواء تنشط الجهود الرسمية اللبنانية والدعوات لمنع وقوع سيناريو الفتنة الداخلية على وقع طبول الحرب السورية. وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان دعا امس مجددا الفرقاء اللبنانيين إلى تحييد بلادهم عن الصراع السوري، معتبرا أن التطورات الراهنة في المنطقة، وخصوصا في سوريا، تحتم على الجميع في بلاده التزام "إعلان بعبدا" والنأي بالنفس عن مشكلات الآخرين وصراعاتهم. وضمن السياق نفسه، حث نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية القوى والأطراف السياسية ببلاده على التمسك بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الأمور التي لا يمكن أن يغير لبنان أي أمر فيها، في إشارة منه إلى تسارع الأحداث الدموية التي تشهدها سوريا. وقال ميقاتي أمس"إن الأمور ليست بأيدينا كلبنانيين، ولا يسعنا سوى التكاتف من أجل مواجهة الأعاصير القادمة من كل حدب وصوب".