جاءت نتائج اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان - في جولتها الثالثة بالخرطوم- إيجابية بدرجة كبيرة، مقارنة بالاجتماعين السابقين ؛ ما يمهد الأجواء لتحقيق التقارب بين البلدين، وأن كان يوصف" بالتقارب الحذر" نظرا لوجود العديد من الملفات العالقة بين الخرطوموجوبا والتي لم تستطع اللجنة الأمنية حلها، نظرا لتشابكها وتعقدها، فضلا عن عدم ارتباطها فقط بالملف الأمني . ويرى المراقبون السياسيون من الجانب السوداني، أن الخرطوم أبدت حسن النية بخطوتها الإيجابية الثانية بتمديد المهلة التي منحتها لحكومة جنوب السودان لوقف تصدير النفط عبر الأنابيب السودانية حتى السادس من سبتمبر المقبل، مقابل تأكيدات قالت جوبا "إنها قدمتها لتنفيذ مصفوفة الاتفاقات الأمنية الموقعة بين البلدين . وأكد مدير إدارة شئون الجنوب بالخارجية السودانية السفير بر الدين عبد الله، أن أي تقدم يحدث في تنفيذ الاتفاقات الأمنية سيدفع بلا شك إلى مزيد من التطبيع والتقارب بين البلدين لإنهاء كافة الملفات العالقة. وكانت اللجنة الأمنية المشتركة بين الدولتين قد اتفقت أول أمس الخميس بالخرطوم على عدد من النقاط شملت تحمل القوات المسلحة بالبلدين كافة النواحي اللوجستية لعمل الفرق الميدانية المشتركة على أن يتم إنجاز ذلك خلال أسبوع من تاريخ انعقاد اللجنة، وتقديم كافة أشكال الدعم للآليات المكونة بموجب مقترح الاتحاد الإفريقي، وهي الفريق الفني للاتحاد الخاص ببرنامج الحدود والآلية الأفريقية للتحري . كما أوصت اللجنة لدى الآلية السياسية والأمنية المشتركة باستعجال الآلية الإفريقية للتحري لاستيفاء تفويضها. وشدد الطرفان، على الانسحاب وإعادة انتشار القوات على طول الحدود وفقا للخارطة المقدمة من الوساطة، كما جددا التزامهما بوقف كافة أشكال الدعم والإيواء للحركات والجماعات المسلحة، حيث تم تبادل الشكاوى والاتهامات بين الجانبين وتم الرد عليها كتابة. واتفق الجانبان، على استمرار التواصل بين رؤساء الاستخبارات العسكرية وقادة الأجهزة الأمنية بالدولتين، عبر القنوات المتفق عليها بغرض التبادل الجاد وحل شكاوى كل دولة، مع التأكيد على عقد اجتماع اللجنة القادم في 17 سبتمبر المقبل بجوبا. وفي سياق متصل، لازالت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو امبيكي، تواصل جهود المصالحة والتقارب بين الخرطوموجوبا، حيث من المقرر أن تستقبل أديس أبابا اجتماعات الآلية يومي الخميس والجمعة المقبلين في محاولة لدفع المسار الإيجابي بين الدولتين، وخاصة فيما يتعلق بالملفات الأخرى غير الأمنية . وييدو أن هذه الملفات أكثر صعوبة ومشقة وتحتاج لجهود سياسية ودبلوماسية للوصول إلى نقطة التقارب التي قد تبدو مفقودة حتى الآن في ظل تمسك الطرفين بموقفهيما، فيما يتعلق بمنطقة "أبيي" الحدودية الغنية بالنفط، وشروع جوبا في إجراء استفتاء بشكل منفرد على تلك المنطقة، ورفض الخرطوم التام لهذا الإجراء. كما تأتي هذه الملفات في ظل مشكلة تمديد سريان النفط الجنوبي عبر الأراضي السودانية، والتي تجدده الخرطوم على فترات زمنية محددة لا تتجاوز الأسابيع وعبر وساطات أفريقية، وكذلك الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بدعم المتمردين وإيواء الحركات المسلحة. ويأمل المراقبون للشأن السياسي للسودان وجنوبه، أن تتوج جهود ثابو أمبيكي بالنجاح، خاصة وأنه من المقرر أن يتوجه للخرطوم وجوبا للقاء الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت، مطلع الأسبوع المقبل عقب الانتهاء من اجتماعات الآلية الإفريقية والتحقق من شكاوى الدولتين .