وصف خبراء صينيون قرار الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور تكليف الاقتصادي البارز الدكتور حازم الببلاوي برئاسة الحكومة المصرية الجديدة وإعلان بعض الدول الخليجية عن تقديم مساعدات مالية ضخمة لمصر بأنها مجرد "مسكنات مؤقتة" للاقتصاد المصري العليل. وقال الخبراء الصينيون، فى تحليل لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا" اليوم الخميس، إنه "ثمة حاجة ملحة إلى استقرار سياسي وتعديل النظام الاقتصادي ووضع إستراتيجية محددة للنمو الاقتصادي المستدام..مشيرين إلى أن تصاعد الاضطرابات السياسية منذ عزل الرئيس محمد مرسي مطلع الشهر الجاري، ما زال الاقتصاد المصري يدفع فاتورته حيث أعلن البنك المركزي تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 9. 14 مليار دولار في يونيو مقابل 39. 16 مليار دولار في نهاية مايو الماضي". واستبشر الخبراء الصينيون خيرا بتعيين الببلاوي رئيس لوزراء مصر، ووصفوه بأنه صاحب الخبرة الكبيرة في التعامل مع الجهاز التنفيذي للدولة حيث سبق أن تولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في عهد حكومة عصام شرف التي أدارت شئون مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، ويعد أيضا خطوة مبشرة في الإتجاه الصحيح..مشيرين إلى أن التعيين جاء استشعارا للوضع الاقتصادي الحرج وصعوبة التوافق بين القوى السياسية الموجودة على الساحة حاليا. وفي هذا الصدد لفت يانج قوانج مدير معهد دراسات غرب آسيا وشمال أفريقيا التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية إلى أن "الاقتصاد المصري يترنح" بسبب النمو المنخفض والذي بلغ 6. 2% فقط للعام المالي السابق، فيما بلغت نسبة البطالة 13%، وتزايد التضخم وكذلك العجز المالي، ومع قلة الاستثمارات الأجنبية، فى وقت أسهم الوضع الأمني المتدهور في تراجع الأداء الاقتصادي لدرجة كبيرة في مصر منذ العام 2011". وأشار يانج إلى أن "مصر حصلت على قليل جدا من القروض والمساعدات المالية من دول مثل قطر وليبيا في السنوات الأخيرة، كما لم تحرز اختراقة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بغية الحصول على قرض ضروري بقيمة 8. 4 مليار دولار أمريكي، حيث تخشى دول غربية تقديم الدعم لها بسبب الأوضاع المتوترة". وقال تيان ون لين الباحث في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، إنه "قبل سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، كان ما يقرب من نصف سكان مصر البالغ عددهم قرابة 90 مليون نسمة، يعيشون تحت خط الفقر بأقل من دولارين يوميا، ما أثار حالة غضب شعبي إزاء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية". وأضاف تيان أنه "بعدما تولى الرئيس محمد مرسي الرئاسة، تعهد بحل المشكلات القائمة منذ وقت طويل في البلاد، فيما يتعلق بالأمن والطاقة والصحة والبيئة والغذاء والمرور، ما أحيا آمال الشعب المصري في العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، لكن معظم التعهدات والأهداف لم تتحقق بعد سنة، ما جعل المصريين يشعرون بخيبة أمل أدت في نهاية المطاف إلى اضطرابات سياسية وأعمال عنف". وقال تيان ون لين إن "تعيين الببلاوي يثبت أن القيادة الجديدة بمصر تريد أن تركز على نمو الاقتصاد من خلال الاستفادة من خبرة هذا الاقتصادي البارز ليقود مصر في المسار الصحيح، فيما يرى يانغ يوه الباحث الاقتصادي في اللجنة الوطنية للإصلاح والتنمية في الصين، أن تعيين الببلاوي "يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد المصري ويظهر أن جميع الأطراف السياسية غير راضية عن الوضع الاقتصادي، وأن ما يهمها في المقام الأول هو الاقتصاد". ومن التطورات المبشرة طبقا لوصف الخبراء الصينيين أيضا إعلان كل من السعودية والإمارات والكويت عن مساعدات مالية وعينية لمصر بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 12 مليار دولار، لكنهم قالوا أنه مع ذلك، تعد هذه التطورات المبشرة مجرد "مسكنات مؤقتة" للاقتصاد المصري العليل حسب وصف الباحث يانج يوه. وأضاف يانج أن هذه المساعدات تكفي لأن تنفق الحكومة لفترة تتراوح ما بين 3 و6 أشهر فقط، وربما تستغلها الحكومة لزيادة احتياطي النقد الأجنبي بغية المشاركة في التجارة العالمية بينما تخصص جزءا منها لرفع مستوى المعيشة". ولفت يانج إلى أن "هذه المساعدات المالية حافز مؤقت للنمو الاقتصادي"، مضيفا أن "دول الخليج ربما تتابع الوضع في مصر عن كثب لتقرر ما إذا كانت ستقدم المزيد من المساعدات أم لا"، وذلك بفضل الموقع الإستراتيجي والبعد التاريخي والجيوسياسي لمصر..موضحا أن هذه المساعدات قد تؤدي إلى تخفيف حدة التوتر السياسي والمشكلات الاقتصادية مؤقتا، لكنها لا تساعد على حل الأزمة الاقتصادية بشكل جذري". واتفق الباحث الصيني تيان ون لين، مع رأي يانغ وأضاف أنه يعتقد أن "المساعدات قليلة مقارنة مع حجم الأزمة الاقتصادية، كون الوضع الاقتصادي في مصر حاليا سئ للغاية، ويحتاج النشاط الاقتصادي المستمر إلى كثير من الأموال". وأضاف تيان أن "السعودية، أغنى دولة في المنطقة، قدمت مساعدات مالية لمصر، ما من شأنه أن يزيد ثقة الشعب المصري والمستثمرين الأجانب في إمكانية خروج مصر من الأزمة"..موضحا أنه على الرغم من أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، لكن ما يهم غالبية المصريين أن يرتفع مستوى المعيشة، وهو أمر لا يأتي وسط اضطرابات سياسية وركود اقتصاد. ويعتقد المحللون الصينيون أن المؤشرات الاقتصادية السيئة، بما فيها التضخم الخطير ومعدل البطالة المرتفع والفجوة الضخمة بين الأغنياء والفقراء، تظهر أن الأوضاع الاقتصادية في مصر لن تتحسن في وقت وجيز أيا كانت القيادة الجديدة، مشيرين إلى أن وضع إستراتيجية صحيحة وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي هو السبيل الوحيد لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام ورفع مستوى معيشة الشعب المصري. وقال تيان ون لين إن "الحكومة الجديدة تواجه تحديات كبيرة في نمو الاقتصاد"، موضحا أن "المشكلات الاقتصادية في مصر تتراكم منذ عقود، واشتدت مع توترات الأوضاع السياسية وخاصة بعد عزل الرئيس مرسي، وفي الوقت نفسه يؤثر الوضع الاقتصادي السئ على الوضع السياسي والعكس بالعكس". ولفت تيان إلى أنه ينبغي لمصر أن تحافظ على الأمن والاستقرار السياسي وتبذل جهودا لتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الأطراف والحد من الخلافات بحيث يتسنى للاقتصاد أن ينمو، حيث يعتقد أن "وضع إستراتيجية صحيحة وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي هو السبيل الوحيد لتحسين الأوضاع الاقتصادية بمصر". ويرى يانج قوانج أنه "ليس لدى مصر إستراتيجية محددة للنمو الاقتصادي المستدام منذ وقت طويل، كما لم تستفيد من ميزاتها المتمثلة في العمالة الكثيفة والموارد الوفيرة .. مضيفا أن "الحكومات المصرية المتعاقبة لم تضع أية سياسات لتطوير الصناعات كثيفة العمالة، واعتمدت بشكل مفرط على المساعدات الخارجية في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية السيئة، ولذا، لم تتمكن مصر من التحكم في مصيرها". وأوضح يانج يوه أنه "يتعين على المصريين معالجة الأزمة السياسية الجارية سريعا والبحث عن حلول طويلة الأمد للمشكلات الاقتصادية عبر إيجاد نمط جديد للنمو الاقتصادي المستدام وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي الذي أثبت لسنوات طويلة عدم قدرته على إحراز تقدم كبير".