اتصلت بي قيادات إسلامية رفيعة، بعضها كان ولوقت قريب مقربا من الرئيس مرسي، وتحدثت معي عن "سيناريوهات الرعب" المتوقعة يوم 30 يونيو الحالي. كان من الواضح أن ثمة نشاطا واسعا، لاستطلاع رأي النخبة، بشأن "الحل" والخروج من المأزق، والبحث عن "مبادرات" أو إبداعات سياسية، تحقن الدماء.. خاصة وأن كل من تحدث معي، أكد لي أن لديه معلومات بأن يوم "الكارت الأحمر" لن يكون سلميا كما هو معلن الآن. في هذا السياق، جاءت مبادرة حزب "الوسط"، التي أعلنها ظهر أمس 15 يونيو، الصديق العزيز المهندس أبو العلا ماضي. اللافت أن "ماضي" تحدث عن "المخاوف" وليس عن "الحل".. وربما اكتفى ب"الأولى" لحث الجميع على البحث عن "الثاني".. وذكر قائمة بالشخصيات والقيادات السياسية التي اتصل بها، بدون أن يذكر، ما إذا كانت قد قبلت دعوته للحوار. كان متوقعا، أن ترفض المعارضة، عرض "الوسط".. لأن المشكلة ليست في المبادرة ذاتها، ولكنها تتعلق بالطرف الذي يعرضها "الوسط".. والتوقيت.. فضلا عن الثقة المفقودة بين كل الأطراف. فالمبادرة، جاءت من طرف غير محايد، بل "حليف" قوي للإخوان، وبالتبعية، ستفسر بوصفها "تسوية" لإنقاذ الرئيس والجماعة.. فضلا عن أنها جاءت فيما يبدو بعد فوات الأوان.. إذ ارتفع سقف مطالب المعارضة، إلى المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وفي وقت بدت الأمور، تتجه صوب سيناريو، يغري المعارضة بالمضي قدما، نحو تفكيك "دولة الإخوان".. فيما فقدت كل القوى السياسية الثقة في جدوى أي حوار مع الرئيس أو مع الجماعة. أضف إلى ذلك أن المبادرة لم تأت من طرف أصيل الاتحادية أو المقطم وإنما من أحد حلفائه، ما يثير أسئلة بشأن موقف الرئيس والإخوان، وما إذا كان اختفاؤهما خلف الوسط، من قبيل "التعالي" على المعارضة، أم وساطة تقف ورائها، إرادة سياسية رسمية جادة؟! بعد ساعات من مبادرة الوسط، بدأت القوى السياسية، ترفض تباعا عرض أبو العلا، لأنه بات من الواضح أن الظهير الإسلامي المساند للرئيس، هو الأكثر فزعا وارتباكا، وهو الوحيد الذي يتحدث عن "رعبه" من "بشاعة" يوم 30 يونيو.. بل إن البعض منهم بدأ يتحدث عن أن سقوط مرسي، يعني عودة الإسلاميين إلى السجون مرة أخرى، ما يعني أن تثبيته في السلطة بالنسبة لهم بات قضية حياة أو موت.. وانقسم حلفاؤه إلى قوى معتدلة مثل "الوسط"، و"جبهة الضمير"، تحاول استمالة المعارضة، والبحث عن تسوية "سلمية" للأزمة.. وقوى متشددة مثل "البناء والتنمية" و"الراية"، تهدد صراحة باللجوء إلى العنف للدفاع عما تسمية "الشرعية الدستورية". في المقابل فإن المعارضة حسمت خياراتها بشكل نهائي، واستقر في ضميرها، أن لا حل إلا بالبحث عن شرعية جديدة، عبر الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. وتتحدث بثقة بأنها قادرة على إزاحة مرسي عن الحكم يوم 30 يونيو الحالي. وأيا ما كان الأمر.. فإن الحقيقة الوحيدة، التي تكاد تعبر عن وجودها، بشكل لا تخطئه عيون المراقبين، هو أن مصر الآن لا تبحث عن "حوار وطني" .. ولكن عن "تغيير سياسي" كبير، أقرب ما يكون إلى زلزال 25 يناير 2011