قدمت طهران "تهانيها" لمقاتلي التحالف الدولي الشيعي، الذي دخل مدينة "القصير" السورية السنية، بعد شهر من الحصار والتجويع والذبح المنظم لسكانها. حزب الله الشيعي اللبناني نظم احتفالات أسطورية في الجنوب، ابتهاجا بسقوط "القصير" في يد مقاتليه.. وكذلك احتفلت كل الجماعات الشيعية في العالم، التي كان لها مقاتلون في سوريا وشاركوا في احتفاليات الذبح الجماعي لأهل السنة في "القصير" المدمرة. في العراق احتفلت "عصائب الحق" و"جيش المهدي".. وفي اليمن تبادل الحوثيون التهاني واحتفالات أخرى في الأوساط الشيعية بأفغانستان وباكستان. عشية سقوط "القصير".. رحب وزير الأوقاف المصري، المحسوب على الإخوان ب"السياحة الدينية" الإيرانية.. بالتزامن مع ابتهاج رسمي، بالوجود الإيراني في صعيد مصر الأقل تعليما والأكثر فقرا تحت لافتة "السياحة".. فيما لا يخفى على المصريين، استنادا إلى خبرات "التنصير"، بأن تلك الأماكن "الهشة" هي الأكثر قابلية للتبشير الديني. المدهش.. أن القيادة السياسية المصرية، التزمت الصمت إزاء الفتح الشيعي ل"القصير".. وهو صمت لا يليق على مستوى المكانة الدينية لمصر، بوصفها بلد الأزهر، الذي يمثل أكبر مرجعية في العالم الإسلامي السني، ولا يليق أيضا على صعيد الموقف السياسي، خاصة أن القاهرة تورطت في تصريحات، لا يمكن بحال تفسيرها إلا ب"التواطؤ" مع طهران ، بشأن الأزمة السورية، تتعلق بمستقبل "الإخوان" بسوريا في مرحلة ما بعد الأسد. جماعة الإخوان المسلمين في مصر تعاملت مع الأزمة بشكل "تحايلي" يفترض "غباء" الرأي العام.. فهي موجودة الآن في السلطة وتملك "القرار".. فما الذي يمنعها من مناصرة الثورة السورية؟! أنا حريص هنا على استخدام عبارة "الثورة السورية".. وليس "الشعب الثوري".. لأن الأخير شعار، يستخدمه الأسد في إعمال القتل والذبح والاغتصاب الجماعي.. وكله باسم "الشعب السوري". الإخوان في مصر لا يتحدثون عن نصرة "الثورة السورية"، وإنما يستخدمون ذات مفردات الأسد.. ويتكلمون عن دعم "الشعب السوري".. وهو استخدام "تحايلي" يحول دون توريطهم فيما يبدو في أية أزمة مع الحليف الشيعي في "قُم". ومن الطرائف السياسية أن الإخوان الذين يحكمون الآن فعلا ينظمون المظاهرات مرة لنصرة "القدس" .. ومرة لدعم "الشعب السوري"!.. ولأول مرة نرى "سلطة" تتظاهر للضغط على نفسها!! فمن المعروف أن المعارضة هي التي تتظاهر ضد السلطة "المقصرة".. ولا تتظاهر السلطة ضد نفسها.. ولكن الجماعة تعتقد بأنها أذكى من الآخرين، وترى بأن "الضحك" على الرأي العام، بمظاهرة لا يحضرها إلا المئات منهم، ل"نصرة السوريين" يمكن أن يعفيها ويعفي رئيسها من مسؤوليته الوطنية والأخلاقية والإنسانية والدينية أيضا تجاه الوجود العربي السني في سوريا، والمهدد بالاختفاء تحت عمليات التطهير الديني الذي يقوم به حلف شيعي دولي واسع النطاق على الأراضي السورية. مصر دون غيرها لأسباب كثيرة، ينبغي أن تجيب على سؤال مستقبل الوجود السني العربي وفي العالم الإسلامي أيضا.. فالتبشير الشيعي في العالم السني لم يعد "سلميا" وإنما ب"السلاح" وباجتياح المدن السنية كما يحدث الآن في سوريا.. فماذا بعد؟!