يلقب الأطفال بملائكة الله في الأرض لكن يبدو أن الوضع تغير في الوقت الحالي، وذلك بعد أن تحولوا إلى مقاتلين ومجندين يحملون السلاح، وبرأسهم أفكار قتالية بعيداً عن البراءة التي خلقهم الله عز وجل بها، فبالتأكيد الذنب ليس ذنبهم بل الظروف والبيئة المحيطة بهم والتغيرات السياسية التي شهدتها الدول العربية أرغمتهم على أن يكبروا قبل الأوان. إلى ذلك، اتخذ استغلال الأطفال أثناء النزاعات المسلحة أشكالا متنوعة مثل: العمل القسري أو العبودية في الحالات القصوى، وقد يكون ذلك مصير الأطفال الذين جندتهم القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة أو الأطفال رهن الاحتجاز .
ولا ينجو أحد من أثر النزاعات التي غالباً ما تكون اليوم نزاعات داخلية بطبيعتها، ويتعرض فيها الأطفال للسجن والاغتصاب والتشويه على مدى الحياة، بل ويُقتلون، وتمزق النزاعات المسلحة شمل العائلات كل التمزيق، مما يُرغم آلاف الأطفال على إعالة أنفسهم ورعاية أشقائهم الصغار.
مصر .. الطفل الثائر ففي مصر يدفع الأطفال ثمن الأحداث السياسية، ولذلك طالب العديد من نشطاء حقوق الأطفال بضرورة وقف تعريض الأطفال للعنف الناتج عن المواجهات المتواصلة بين عناصر الشرطة والمتظاهرين في مصر، مؤكدين على أنه أمر يناقض المعايير الدولية.
وفي هذا السياق، قال محمود البدوي وهو محامي ومدير الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، لشبكة الأنباء الإنسانية «إيرين»: "شاهدت مئات الأطفال يشتبكون مع الجيش والشرطة في مظاهرات عنيفة في مختلف أنحاء البلاد خلال الأشهر الأخيرة، وهذا أمر مناقض تماما لكل المعايير المحلية والدولية".
وكان العديد من الأطفال شوهدوا في اشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة الذين يتولون حراسة مبنيي الحكومة والبرلمان في السابع عشر من ديسمبر الماضي، كما شوهد العديد منهم وهم يرشقون الشرطة بالحجارة ويحرقون المباني العامة.
وتسبب اشتراك الأطفال في المواجهات المستمرة منذ بدء المظاهرات ضد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، في شهر فبراير 2011 في إصابة عدد منهم بجراح ووفاة آخرين.
وفي تعليق له على الموضوع، قال ممثل منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة «اليونيسف» في مصر فيليب دوامال، في الثاني والعشرين من ديسمبر إن "الأطفال غالباً ما يعْلقون في دوامة الصراع، لقد رسمت عدد من التقارير وشهادات الأطفال أنفسهم صورة مرعبة عن مدى الأذى الذي تعرض له الأطفال أثناء الاشتباكات الأخيرة". كما وجد العديد من الأطفال أنفسهم عالقين في المواجهات الدامية التي حدثت بالقرب من ميدان التحرير في الثالث والعشرين من نوفمبر، حيث أشار عدد من الناشطين إلى أن أغلب المنخرطين في أعمال العنف هم من أطفال الشوارع مما يجعل قضية أطفال الشوارع إحدى الأولويات التي يجب أن تحظى باهتمام حكومة الإنقاذ الوطني.
سوريا .. دروع بشرية وبالانتقال إلى دولة أخرى نجد أن منظمة «أنقذوا الأطفال» ذكرت في تقرير لها أن أطفال سوريا يتعرضون مباشرة للأذى كما يجري تجنيدهم من جانب الجماعات المسلحة والقوات الموالية للحكومة، مشيرة إلى أن هناك تقارير عن استخدام أطفال في سن الثامنة كدروع بشرية.
وذكر التقرير أن المخاطر التي تحيط بالأطفال تبدأ قبل مولدهم، إذ تتعرض المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية للهجمات وتحجم النساء عن الذهاب للمستشفيات، وأضاف أن نحو مليوني طفل سوري في حاجة للمساعدات.
وقال التقرير "يعني هذا أن المزيد من حالات الولادة تتم في المنزل في غياب قابلة ماهرة" . مضيفا أن الحصول على الغذاء مشكلة خطيرة أيضا تعاني منها العائلات السورية.
وقالت المنظمة في وقت سابق، وهي منظمة خيرية غير حكومية مقرها الولاياتالمتحدة إن "أطفال سورية يتعرضون لاطلاق النيران والتعذيب والاغتصاب". وذكرت كارولين مايلز المديرة التنفيذية للمنظمة في مقابلة أن "التعهدات بحماية الأطفال في سوريا لا تزال غير ممولة فعلياً".
وذكرت مايلز أن "الأطفال يتعرضون للاستغلال الجنسي وأن بعض الآباء يقولون إنهم يزوجون بناتهم لحمايتهن"،ودعت قوات الأسد ومقاتلي المعارضة إلى الكف عن تجنيد الأطفال وتسريح أي طفل مجند في صفوفهم وضمان عودته لأسرته.
اليمن.. أطفال في الجيش وفي اليمن تفاقمت ظاهرة تجنيد الأطفال منذ الثورة ، حيث كشف تقرير دولي عن تفاقم ظاهرة تجنيد الأطفال اليمن خصوصاً منذ اندلاع حركة الاحتجاجات والأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد منذ مطلع العام الماضي.
وأشار تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 2012م، إلى مجلس الأمن الدولي إلى أن المنظمة الدولية وشركاءها رصدوا تجنيد الأطفال في اليمن في صفوف الجيش والجماعات القبلية المسلحة وأيضاً من جانب جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة.
ولفت تقرير بان كي مون السنوي حول الأطفال في الصراعات المسلحة إلى أنه "تم توثيق تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الجيش المناصر للثورة الشبابية وأيضاً من قبل القوات التي يقودها أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح فضلاً عن تجنيدهم ضمن الميليشيات القبلية المسلحة".
ونوّه التقرير الأممي إلى أن حملات التجنيد التي تقوم بها جماعة الحوثي في صعدة "شمال البلاد" شملت الأطفال، كما أن التقرير رصد في أبين جنوبي اليمن قيام جماعة أنصار الشريعة المنتمية إلى تنظيم القاعدة بتجنيد الأطفال في خنفر وزنجبار ومناطق أخرى، مشيراً إلى أن تجنيد عناصر أنصار الشريعة للأطفال يتم في المساجد.
وأدرجت الأممالمتحدة الأطراف المتورّطة في تجنيد الأطفال ضمن لائحة العار السنوية للذين يجندون ويستخدمون الأطفال في أعمال القتال ولمن يقومون بقتل وتشويه واستغلال الأطفال جنسياً والاعتداءات على المدارس والمستشفيات حول العالم.
وزير ستان.. «جيش الطفولة» ونحو هذا السياق ظهر الاثنين الموفق 22 إبريل فيديو يؤكد صحة تقارير سابقة لم يكن عليها دليل يلبي الفضول تماما، بأن أطفالا أعمارهم من 7 إلى 12 سنة تقريبا، يتم تدريبهم على عمليات تفجير وقتل بالمدافع الرشاشة والمسدسات كقوة احتياط إرهابية باسم "جيش الطفولة" المؤلف من صغار الأفغان بشكل خاص، كما ومن أطفال "الايغور" من تركستان الشرقية، المعروفة بمقاطعة "شينجيانغ" الذاتية الحكم بأقصى الشمال الغربي من الصين.
الفيديو الذي عرضته "العربية.نت"، أظهر أطفالا من الأفغان والايغور يانعين وهم يتدربون مع صيحات "الله أكبر" على استخدام المسدسات ورشاشات الكلاشينكوف في معسكر للتدريب سري بشمال وزيرستان، الفاصلة كمنطقة حدودية بين أفغانستانوباكستان، حيث استخدام المسدسات والرشاشات هو مرحلة أولى، يليها التدريب على نسف المباني وشن هجمات بقنابل مزروعة على جوانب الطرق، ثم تمضي المراحل لتخريج أخطر الإرهابيين.
والقائمون بالتدريب هم من "حركة شرق تركستان الإسلامية" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" عبر خلايا لها في أفغانستانوباكستان والتي تستخدم المدارس الدينية كغطاء لتجنيد جيش من الانتحاريين، بدءا من تركهم حين تكون أعمارهم أقل من 3 سنوات يلهون أوقات الفراغ بألعاب على شكل أسلحة، ثم يتلقون تعليمات دينية مع تفاسير معقدة تقنعهم بأنهم مميزون وتم اختيارهم للجهاد، بحسب ما طالعت "العربية.نت" من تقارير سابقة عنهم، لم تكن مرفقة بأشرطة تؤكد إخضاعهم للتدريب، إلا واحد بثوه في 2010 وكان معظمه عن تعليمهم الديني.
والأطفال الذين ظهروا في الفيديو المنشور، هم أيتام من صغار الأفغان "تم إقناعهم بأن آباءهم قتلوا على أيدي قوات التحالف في أفغانستان".
ميانمار .. تجنيد إجباري وعلى جانب أخر يقوم الجيش في ميانمار بانتهاكات لتجنيده الأطفال دون العاشرة إجباريا بسبب ارتفاع معدلات الهروب من التجنيد وقلة عدد البالغين الذين يمكن تجنيدهم.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي » عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» في أكتوبر 2007، إن الصغار يتعرضون للضرب والتهديد بالاعتقال لإجبارهم على الالتحاق بالجيش ، وكانت ميانمار قد ذكرت في وقت سابق إنها ستعمل على الحيلولة دون تجنيد الأطفال.
وحثت «هيومان رايتس» مجلس الأمن على فرض عقوبات على ميانمار بسبب المزاعم المتعلقة بانتهاك حقوق الأطفال.
وقال تقرير أصدرته المنظمة تحت عنوان «بيعوا ليكونوا جنودا، تجنيد واستغلال الأطفال في الجيش في بورما» إن هناك الآلاف من الصغار في الجيش البورمي.
وأضاف التقرير إن الأطفال يؤخذون من الأماكن العامة على أيدي الجنود أو سماسرة من المدنيين الذين يحصلون على المال من الجيش مقابل الأطفال.
وأشار إلى أنه عادة ما يدرج الطفل الصغير على أن عمره 18 عاما وهو سن التجنيد القانوني؛ ويقال إنه يتم إرسال هؤلاء الأطفال على الفور إلى ميادين المعارك أو المشاركة في أنشطة تعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان مثل إحراق القرى.
من جانبه، قال النظام العسكري الحاكم إنه عين لجنة رفيعة المستوى للنظر في هذا الأمر. ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا في القريب العاجل لبحث استخدام الأطفال كجنود في بورما.
باكستان .. الطفل المقاتل أما في باكستان أفادت تقارير إعلامية قيام المقاتلين الذين يديرون بعض المدارس الدينية في وادي سوات، شمال غربي باكستان، بتدريب وتجنيد الأطفال للقتال معهم.
ومن جانبه قال شوكت سالم، منسق لجنة حقوق الأطفال التابعة لجمعية حماية حقوق الطفل، وهي منظمة غير حكومية مقرها إسلام أباد، شبكة الأنباء الإنسانية «إيرين»، أن تجنيد الأطفال شهد ارتفاعاً ملحوظاً في المنطقة.
وأشار سالم إلى أن المتطرفين في وادي سوات استغلوا ما بين 20 إلى 30 طالباً من طلبة المدارس الدينية، تتراوح أعمارهم بين 7 و15عاماً، لتنفيذ بعض الهجمات، وقد قامت قوات الأمن باحتجاز هؤلاء الأطفال في سجن سوات.
وأشار سالم إلى قصة عابد، البالغ من العمر 12 عاماً، الذي قال بأنه أجبر على ارتداء سترة ملغمة لتنفيذ عملية انتحارية تستهدف محاكم الإقليم. ولكن السلطات ألقت القبض على عابد وهو الآن بين المحتجزين في سجن سوات.
وذكر صحفيون أنهم شاهدوا فيلم فيديو حول أولاد مراهقين يقومون بإعدام من يُعتَقد أنهم أعداء المقاتلين، في حين أظهرت صور أخرى فصلاً مدرسياً من الأولاد الذين يخضعون لتدريب قتالي.
ووفقا لإحصائية رسمية، فإن العديد من العمليات الانتحارية لطالبان ترتكب من قبل المراهقين - عادة من الذكور - ممن اختُطفوا وأخضِعوا لعمليات غسيل الدماغ بفعل «تحريك طالبان باكستان».
وقد صرحت مصادر في طالبان بأن لديها ما يتراوح بين المئات والآلاف من المراهقين المدربين على تنفيذ العمليات الانتحارية، في حين أكدت المصادر الحكومية أن نحو 5000 مراهق قد خضع للتدريب من قبل المقاتلين.
ولا يبُث أطفال باكستان الرعب في بلادهم فقط، إذ لا يُستغل سوى 10 % من الانتحاريين محلياً، في حين يعبر الباقون الحدود إلى أفغانستان، كما أكد أحد المسئولين في قسم الطب الشرعي لمديرية شرطة بيشاور.
ونحو هذا السياق تبدأ العملية بالتجنيد، الذي عادة ما يعني الاختطاف والإخضاع لعملية غسيل الدماغ؛ وتختطف جماعة «تحريك طالبان باكستان» المراهقين من المنطقة القبَلية المدارة اتحاديا، أثناء عودتهم من المدرسة أو العمل، أو تستقطبهم من المدارس الدينية التي يرتادونها، ثم ترسلهم إلى أحد مراكز التدريب العديدة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ويعد الأطفال الفقراء الأكثر تعرضا للاختطاف والتدريب على العمليات الانتحارية، فالأسر الفقيرة تعجز عن سداد الفدية المطلوبة لتحرير أبنائها.
كما أن المراهقين من الفقراء يكونون عرضة سهلة لغسل الدماغ التي تخضعهم لها الجماعة، وذلك نظراً ليأسهم من تحقيق آمالهم في الحياة، بالإضافة إلى عدم تلقيهم التعليم، مما يتركهم فريسة سهلة للوقوع في براثن طالبان.
الصومال .. التلميذ المسلح ومع تصاعد القتال في أنحاء الصومال منذ شهر يناير 2011، وردت تقارير عن قيام الجماعات المسلحة بتجنيد المزيد من الأطفال في صفوفها، في الوقت الذي يقوم فيه بعضهم بإجبار المدرسين على تجنيد التلاميذ.
ففي الهجوم الأخير ضد الجماعات المتمردة في بلدة بلد حواء على الحدود مع كينيا، ذكرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف» في 17 مارس 2011 أن الأطفال شاركوا كمقاتلين وأن عدداً كبيراً منهم قد لقي مصرعه.
وطبقاً لما ورد من تقارير، فإن القتال العنيف في المنطقة بين دوسامارب وسيل في جالجادود قد أسفر أيضاً عن العديد من الضحايا من الأطفال".
وقال مسئول يعمل مع منظمة غير حكومية تراقب وضع الأطفال في البلاد أن "قوات الحكومة الفيدرالية الانتقالية وحلفائها وجماعات أهل السنة والجماعة والشباب مشتركون في عمليات تجنيد الأطفال.
المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه قال انه بالرغم من أن العدد الدقيق للأطفال الجنود غير معروف، إلا أن منظمته تعتقد أن العدد يتراوح ما بين 2,000 و3,000 طفل منخرطين في جماعات مسلحة مختلفة.
وأوضح أن حركة الشباب كانت تجبر مدرسي القرآن وغيرهم من المعلمين على إحضار تلاميذهم لكي يتم تدريبهم، وأضاف: "لقد لاحظنا زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال منذ يناير 2011. وقد تصادف ذلك مع التصاعد الحالي للقتال في مقديشو وأجزاء من جنوب ووسط الصومال".
وقالت روزان شورلتو ممثلة اليونيسف في الصومال أن "وضع الأطفال في خط النار وقتلهم وتشويههم في سياق النزاع المسلح هو من بين أخطر انتهاكات القانون الدولي الذي يتوقع من جميع أطراف النزاع الالتزام به. ويعد استخدام وتجنيد الأطفال تحت سن الخامسة عشر بمثابة جريمة حرب".
وقال مسئول المنظمة غير الحكومية :"إن الأطفال الذين لم يتم تجنيدهم يواجهون مشكلات أخرى حيث ترد تقارير عن أن قيام قوات الأمن الحكومية بالقبض على الأطفال في العاصمة مقديشو للاشتباه في أنهم يعملون لصالح حركة الشباب".
وقال المسئول أن "هناك عدداً كبيراً من الأطفال في السجون الحكومية لمجرد أن شخصاً ما اشتبه في أن الطفل قد يكون من المسلحين".
تعقيبا على ما ذكر أعلاه، وصفت سكرتيرة الدولة في وزارة التنمية والتعاون الدولي جودرون كوب إرغام الميليشيات المسلحة على تجنيد أطفال لديها لأعمال السخرية وإرغامهم أيضا على حمل السلاح مناف لقيمة الطفولة وبراءتها .
وأشارت كوب بمناسبة اليوم العالمي لحماية الأطفال من التجنيد في 2010م، أن تجنيد الأطفال يساهم بإصابتهم بأمراض نفسية وخاصة أولئك الأطفال الذين لا تتراوح أعمارهم ال 14 عاما إذ يوجد وعلى حسب تقارير الأممالمتحدة حوالي 250 ألف طفل تتراوح أعمارهم ما بين ال 7 و 15 عاما يعملون لدى الميلشيات المتنازعة كعمال سخرية ويحملون السلاح.