بغض النظر عما يمكن أن يقال عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات وزيارته التاريخية للقدس المحتلة، ومن ثم مقتله بعد العزلة التي فرضت على العزيزة مصر قبل تولي الرئيس محمد حسني مبارك الحكم في أعقاب حادثة المنصة الشهيرة، إلا أن الرئيس القتيل سيظل واحداً من مشاهير عصرنا وأحد الزعماء المتميزين الذين تركوا خلفهم ثقافة وفكراً خاصين. أنور السادات لم يكن أسطورة لكنه رجل غير تقليدي في أمور كثيرة ربما تتاح الفرصة.. ل «امحيط لنشرها بقلم زميلنا العزيز الكاتب الكبير محمود صلاح رئيس تحرير مجلة «الحوادث» المصرية ضمن حزمة قصص وروايات وأحداث أعاد صلاح كتابتها أو الخوض فيها ومنها حلقة اليوم. بعد فترة وجيزة من تولي الكاتب الصحافي إبراهيم سعدة مسؤولية رئاسة تحرير جريدة «أخبار اليوم» أوسع الصحف المصرية انتشاراً. وكان الذي اختاره لهذه المسؤولية في مفاجأة للأوساط الصحافية المصرية الرئيس أنور السادات. كانت بصمات إبراهيم سعدة قد بدأت تظهر واضحة على صفحات وسياسة «أخبار اليوم». وذات صباح فاجأ إبراهيم سعدة. والذي كان واحداً من أخلص تلاميذ عملاق الصحافة وصاحب دار «أخبار اليوم» ومؤسسها مصطفى أمين مع توأمه علي أمين. فاجأ إبراهيم سعده ملايين القراء، بسبق صحافي أصاب الناس في مصر والعالم العربي بدهشة كبيرة وهي مجموعة صور فوتوغرافية مثيرة وجريئة للرئيس أنور السادات. وكان المصور الصحافي الموهوب فاروق إبراهيم صاحب هذه الصور. قد اقنع الرئيس السادات بأن يقوم بتصوير يوم كان في حياته. ووافق الرئيس السادات بكل بساطة. وهكذا ذهب إليه المصور فاروق إبراهيم في ساعة مبكرة من الصباح. وانتظر حتى استيقظ الرئيس السادات. وبدأ في تصويره. في مشاهد كانت غريبة على القارئ. فقد قام بتصوير الرئيس وهو يدخل حمامه ويحلق ذقنه. وهو يرتدي ملابس النوم. ثم قام بتصويره وهو يؤدي بعض التمارين الرياضية الصباحية.
وعندما نشر إبراهيم سعدة رئيس تحرير «أخبار اليوم» هذه الصور على مساحات واسعة في الجريدة. كانت محط اهتمام ودهشة الملايين من القراء. لكن أكثر الناس غضباً من نشر هذه الصور كانت السيدة جيهان السادات. التي حاول المصور فاروق إبراهيم عبثاً أن يوضح لها أنه حصل على موافقة الرئيس السادات على تصوير ونشر هذه الصور.
لكن الحقيقة أن تلك لم تكن المرة الوحيدة التي تنشر فيها الصحافة مثل هذه الصور الجريئة للرئيس أنور السادات. فقد سبق أن قامت مجلة المصور بنشر مجموعة صور نادرة للسادات على الشاطئ بملابس السباحة. في الخمسينيات وقت أن كان يتولى منصب وزير الدولة!
ونشرت «المصور» أيامها الصور الست النادرة للسادات وهو يحمل كرسيه بنفسه ليضعه على الشاطئ في بور سعيد. ثم هو راقد على الرمال يشرب. وصوراً أخرى وهو يقوم بتأدية بعض التمارين الرياضية.
وقالت «المصور» انها وجدت القائمقام أنور السادات «وزير الدولة» على الرمال الناعمة في فيلا ببور سعيد. من بين مجموعة فيلات بنتها البلدية على الشاطئ. وكان قد هرب من القاهرة بمشاغلها وأعمالها الكثيرة. وسافر إلى بور سعيد ليقضي عدة أيام هناك بين الشاطئ والبحر والقلم!
وكان السادات يجلس في شرفة الفيلا على كرسي البحر. يضع على عينيه نظارة شمس. وهو يداعب ابنته الصغرى «لبنى». بعد أن ترك وراءه في القاهرة برنامجه اليومي الحافل بالعمل. والذي يبدأ حين يستيقظ في الصباح الباكر. يغتسل ثم يتناول فطوراً خفيفاً. ثم يتوجه في الساعة التاسعة صباحاً إلى مكتبه بالوزارة. حيث يباشر عمله كوزير للدولة. أو يتجه إلى مكتبه بالمؤتمر الإسلامي. ويبقى هناك إلى حوالي الثالثة بعد الظهر. ويتوجه بعد ذلك إلى حمام سباحة النادي الأهلي. حيث يسبح مسافة ألف متر كل يوم. وكثيراً ما يتناول في النادي وجبة غذاء خفيفة.
وأكملت «المصور» بقية تفاصيل الحياة اليومية للسادات في ذلك الوقت. بأنه بعد ذلك يعود إلى منزله ويستريح حتى الساعة السابعة مساء. ثم يتوجه إلى جريدة «الجمهورية» ويبقى هناك لمباشرة مسؤولياته الصحافية حتى الواحدة صباحاً.
أما في أيام الجمعة وهي أيام عطلة فانه كثيراً ما يتوجه مع أسرته إلى ضاحية من الضواحي حيث يقضون النهار ثم يتوجهون في الليل إلى إحدى دور السينما الصيفية. وقالت «المصور» ان السادات انتهز فرصة العطلة وذهب إلى بور سعيد. وقد بدأ يومه بالاستيقاظ في الساعة الثامنة صباحا وتناول طعام الفطور. ثم ترك بور سعيد متجهاً إلى بور فؤاد. وهناك على الرمال الناعمة قام ببعض الألعاب السويدية. ثم نزل إلى الماء وسبح الألف متر المعتادة.
وعند خروجه من البحر شرب فنجاناً من الشاي «المظبوط» ثم عاد إلى بور سعيد حيث تناول طعام الغذاء وجلس يستريح في الفيلا. وفي الساعة الخامسة تنزه على البلاج ولم ينس رغم العطلة أن يكتب مقاله الأسبوعي لجريدة الجمهورية. ولم يفت الوزير الشاب السادات أن يقوم ببعض الزيارات وهو في بور سعيد. وقد زار القنصل الفرنسي. كما زار معسكري الحرس الوطني والرواد.