انتقد الروائي الدكتور يوسف زيدان الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية دكتور محمد مرسي فى اجتماع مجلس الأمناء "الدولى" لمكتبة الإسكندرية؛ وكتب زيدان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، كلمة تحت عنوان "أخطأتَ مُجدّداً ، يا رئيس الجمهورية". وذكر زيدان في رسالته أن مكتبة الإسكندرية ليست مصرية الجذور، فقد أقيمت على أرض مصرية لكن أصولها كلها يونانية.
وأوضح أن الملوك البطالمة هم الذين أقاموها وقاموا برعايتها "وهم يونانيون"، فُمدراؤها الكبار لم يكن فيهم شخص مصري، في أي يوم من أيام نشأتها الأولى "وكلهم يونانيون"، وعلماؤها لم يكتبوا حرفاً باللغة المصرية طيلة القرون الطوال الأولى "وكتبوا باليونانية".
وعلق على ما جاء في كلمة الرئيس المصري، معتبرا أن العقيدة الإسلامية أصل لوهج مكتبة الإسكندرية، و"مثالا للنهضة المتأصلة فى عقيدتنا وتاريخنا وحضارتنا"، موضحا أنه :"ليس لمكتبة الإسكندرية شأن بعقيدتنا، على علوٍ قدرها، فقد قامت المكتبةُ وازدهرت في زمنٍ يصفه الجُهال بالزمن الوثني، ثم خرّبها المتعصّبون لعقيدتهم سنة 391 ميلادية، احتفالاً بصدور مرسوم إمبراطوري من "ثيودوسيوس الأول" ينصُّ على أن المسيحية هي الديانة الرسمية للإمبراطورية".
وتابع الروائي الذي عمل مستشارا بمكتبة الإسكندرية: "يا رئيس الجمهورية: العقيدةُ التي تظنُّها أصلاً لوهج المكتبة القديمة، هي معول الهدم الذى أفنى المكتبة، من قبل ظهور الإسلام بعشرات السنين. وهنا، كان يجب عليك "التمييز" وليس الخلط بين الحق والباطل، بين تاريخ المكتبة ومشروعك المسمى "النهضة".
وذكر زيدان في رسالته: "تقول يا رئيس الجمهورية، أو جعلك كاتُبك تقول، إن الترجمة السبعينية للتوراة تمت في المكتبة . فهل أردتَ مغازلة اليهود؟ حتى إذا أردت ذلك، فاجعل كلامك على النحو الصحيح".
وأوضح أن الترجمة السبعينية تمت في مدينة الإسكندرية، أثناء إنشاء المكتبة أو في أيام افتتاحها، ولم تتم في المكتبة ولا قام بها أهلُ الإسكندرية، ولا علماؤهم. وإنما أنجزها أثنان وسبعون حَبراً يهودياً، استقدمهم من فلسطين "بطليموس الثاني" الذى افتتح المكتبة، واستقدم من أثينا مديراً لها .
وأشار زيدان إلى أنه "ليس صحيحاً يا رئيس الجمهورية ما كتبوه لك من أن المكتبة "كانت بمثابة أكاديمية للعلوم ومركز للأبحاث".. هذا خطأ، يا رئيس الجمهورية، ففي الإسكندرية كان المعهد العلمي أو الموسيون "بيت ربّات الفنون" هو مكان البحث العلمي والأكاديمي، و كانت ملحقة به مكتبةٌ، هي التي اشتهرت لاحقاً وسطع اسمها في سماء الإنسانية باعتبارها مكتبة الموسيون، الذى كان يديره "كاهن".
وأضاف: والمكتبة لم تستقبل "الفتيات" كما زعمت في كلمتك التي كتبوها لك، يا رئيس الجمهورية، ووضعوا على فمك العبارات ذاتها التي طالما كتبوها لسوزان مبارك، وقرأتها على الملأ.. ويمكنك إذا أردت التأكد، مقارنة ما قلته بالأمس بما قالته سوزان مبارك، مراراً .
وكيف يصحّ، يا رئيس الجمهورية ، أن تقول في كلمتك "كنيسة الإسكندرية هي الكنيسة الكبرى في العالم المسيحي لعدة قرون، و حتى مجمع خلقيدونية سنة 451 ميلادية ".. هذا خطأ يا رئيس الجمهورية، ففي الإسكندرية كانت آنذاك كنيسة كبيرة، لكنها لم تكن يوماً هي الأكبر، ولم ينعقد بقربها أي مجمع مسكوني (عالمي) لرؤساء الكنائس الكبرى، ولم تعترف بسلطتها الكنائس الكبرى والأكبر: كنيسة روما، كنيسة أنطاكية، كنيسة القسطنطينية. فإذا أردت، يا رئيس الجمهورية، مغازلة المسيحيين لسببٍ أو لآخر فغازلهم بالتي هي أدقُّ وأفصح !
وفي النهاية قال زيدان: "يا رئيس الجمهورية، يعلم الله أنني لا أكرهك "و لا أحبّك" وأنني لا أنتظر منك خيراً "ولا شّراً". فما أنا إلا ناصحٌ، يحزنه الكذبُ ويحزّ في نفسه التخليطُ وعدمُ التمييز، لاسيما إن جاء على لسان رئيس مصر ! أصلح اللهُ الأمير".
يُذكر أن يوسف زيدان هو باحث ومفكر مصري متخصص في التراث العربي وعلومه، وكتب عددا من المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي، فضلا عن إسهامات أدبية ومقالات في عدد من الصحف المصرية والعربية، وعمل مستشاراً لعدد من المنظمات الدولية الكبرى مثل منظمة اليونسكو، منظمة الإسكوا، جامعة الدول العربية، وغيرها.