شهدت "مصر" خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التغييرات فيما يتعلق بمجال الطاقة والكهرباء، لاسيما بعد سيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد السلطة، ولم يقف الحد عند انقطاع الكهرباء بصورة متكررة في عدد كبير من محافظات "مصر" فحسب، بل امتد الأمر إلى أماكن ومواقع حساسة في الدولة، ولاسيما بعد إعلان وزير الطيران مؤخرًا انقطاع التيار الكهربائي عن المطار يوميًا لمدة (4) ساعات. وتزايدت المخاوف عقب إشارة "مجدي صالح" (المدير التنفيذي لشركة طاقة للبترول)، أن "مصر" سوف تشهد أزمة في الطاقة والكهرباء لمدة (3) سنوات مقبلة.
كل هذه الأمور تستوجب الوقوف على أسباب تكرار أزمة انقطاع الكهرباء في الفترة الحالية، ومدى إمكانية التوصل لحلول لها، وتأثيرها على المواطن بشكل خاص، والاقتصاد المصري بشكل عام.
مشكلة خطيرة: لخص البعض أزمة الكهرباء في ثلاثة محاور: تتمثل في النقص في مصادر الطاقة سواء كان غازاً أو زيتاً، والإمدادات التي تتعلق بالطاقة وتوصيلها لمناطق الاستهلاك أو العجز، وإنتاج الطاقة من المصادر البديلة.
ومن ناحية أخرى، أرجع البعض هذه الأزمة إلى سوء إدارة الحكومة الحالية، علاوة على فشل الحكومات السابقة في التعامل معها، بالإضافة إلى غياب القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الطاقة.
من جانبه، أشار أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية "صلاح عرفة"، أن منظومة الطاقة تشهد قصوراً في التكامل، والنظرة الشمولية، والرؤية المستقبلية لملف الطاقة، وغياب الاهتمام بالمصادر الجديدة والمتجددة.
ويبرر البعض ظهور تلك المشكلة إلى عدم التخطيط والتنسيق الجيد، وعدم عدالة التوزيع في الكهرباء بين المناطق المختلفة.
وسادت حالة من الغضب الشديد لدى العديد من فئات الشارع المصري، عقب وقوع العديد من الحوادث بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كان من بينها وفاة سيدة إثر اشتعال النار بشقتيها، بعد أن حاولت إشعال شموع للإنارة عقب انقطاع التيار، فضلاً عن رصد العديد من حالات الاختناق.
وتفاقمت حدة الاحتقان بعد أن قام أهالي قرية "شطانوف" بمركز "أشمون" ب"المنوفية" مؤخراً، بتشييع إحدى الجنائز وسط ظلام دامس.
آثار سلبية: يؤكد عدد من الخبراء الاقتصاديين، أن تكرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تشهدها "مصر" الآن، تعد أزمة كبيرة، وسوف تصيب الاقتصاد في مقتل، وخاصة في الأماكن الحساسة في الدولة (مطار "القاهرة" والأماكن السياحية)، كما أن تكرارها سيتسبب في تفاقم حالة الغضب بين المواطنين، ولا سيما في ظل توقف عدد من المستشفيات عن العمل، وتهديد بعض الأهالي بقطع الطرق والسكك الحديدية.
وفي هذا الإطار أطلق بعض الشباب على موقع التواصل الاجتماعي ال"فيس بوك" حملة " مش دافعين"، والتي تهدف إلى عدم دفع فواتير الكهرباء الفترة القادمة، إلا بعد توصيل التيار الكهربائي بطريقة مستمرة بدلًا من الانقطاع الدائم، نتيجة توقع البعض باستمرار هذه الأزمة.
ويشير الدكتور "رشاد عبده" (رئيس المنتدى المصري للاقتصاد والخبير الاقتصادي)، إلى أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي سوف تزداد عن الصيف الماضي.
توصيات وحلول: ونظراً لخطورة هذا الأمر على المواطن المصري والاقتصاد بصفة عامة، يقدم البعض عدداً من المقترحات والتوصيات، ومنها:
استخدام ما يعرف ب "الخلية الشمسية"، والتي يمكن من خلالها توفير الطاقة في القرى، التي تعد من أكثر المناطق معاناة من انقطاع الكهرباء، كما يقدم البعض عدداً من المشاريع مثل مشروع (شبكة الكهرباء الذكية)، وهو ابتكار جديد يساهم في توفير استهلاك الطاقة الكهربائية، من خلال حلول جديدة تعتمد على العداد الذكي، لترشيد استخدامات الطاقة، وتخفيف الحمل الكهربائي، دون الحاجة لفصل التيار عن المنزل أو العقار بالكامل.
وفي هذا الشأن، من الضروري أن تتجه الدولة إلى إنشاء محطات جديدة، فضلاً عن ضرورة إعداد المؤسسات الإعلامية لحملات توعية للمواطنين بخطورة هذا الأمر، من أجل عدم التفريط في استخدام الكهرباء.
وطالب البعض بضرورة تفعيل دور القطاع الأهلي في منظومة ترشيد الطاقة، حيث يوجد في مصر حوالي (35) ألف جمعية أهلية، يمكنها المساعدة في جهود التوعية بترشيد الطاقة، فضلاً عن ضرورة تفعيل البحث عن المصادر الجديدة والمتجددة، والإسراع بصورة مكثفة من قبل الحكومة الحالية، للتغلب على هذه الأزمة الخطيرة.