قال رسول الله صلي الله عليه وسلم مبلغا عن ربه عز وجل : (( ..يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر..)) حول الحديث:
بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربّه - شيئا من مظاهر الكمال الذي يتصف به الله جل وعلا ، مبتدئا بالإشارة إلى استغناء الله عن خلقه وعدم احتياجه لهم ، كما قال تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } ( فاطر : 15 ) ، فالله تعالى غني حميد ، لا تنفعه طاعة عباده ، ولا تضره معصيتهم ، بل لو آمن من في الأرض جميعا ، وبلغوا أعلى مراتب الإيمان والتقوى ، لم يزد ذلك في ملك الله شيئا ، ولو كفروا جميعا ، ما نقص من ملكه شيئا ، لأن الله سبحانه وتعالى مستغن بذاته عن خلقه ، وإنما يعود أثر الطاعة أو المعصية على العبد نفسه.
والتحقيق أن ما عنده لا ينقص البتة، كما قال تعالى: مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ. فإن البحر إذا غمس فيه إبرة ثم أخرجت لم تنقص من البحر بذلك شيئاًوذلك لكمال غناه جل وعلا وسعته، فيستفاد من هذه الجملة: أن الله سبحانه وتعالى واسع الغنى والكرم .