طالبت الجلسة الثانية من مؤتمر "التشريعات المصرية في ضوء المعايير الدولية " الذي ينظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان والتي ناقشت الدراسة التي أعدها عدد من الباحثين في وحدة البحث والتطوير التشريعي التابعة للمجلس تحت عنوان "الحق في السكن ومشكلة العشوائيات " بإعادة النظر في القوانين التي تتعامل مع السكن لتتواءم مع احتياجات المجتمع من حيث تحقيق التوازن المطلوب بين الملاك والمستأجرين وخاصة في قانون الإيجارات القديم الذي لا يحقق العدالة بين المالك الذي يحصل على مقابل هزيل وضعيف في مواجهة المستأجر . كما طالب المشاركون في الجلسة التي رأسها الدكتور حسن سعد سند أستاذ القانون العام بجامعة المنيا بضرورة إصدار تشريعات جديدة واضحة وقوية مع وجود آلية للرقابة علي تطبيقها خاصة فيما يتعلق بإستراتيجية منع الامتداد العشوائي خارج نطاق المنطقة المخططة.
وناقشت الجلسة ظاهرة العشوائيات باعتبارها أكثر القضايا المهمة لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع ، وأصبحت معالجتها مطلبا ملحا يتطلب تضافر جميع الجهود للحد منها.
وخلصت المناقشات إلى أن العشوائيات في مصر لم تلق الاهتمام الكافي من الدولة إلا في الآونة الأخيرة بعد حدوث زلزال أكتوبر 1992، حيث تعالت الأصوات من أجل إعادة النظر في هذه العشوائيات المنتشرة في أرجاء مصر، لذا أصبحت المناطق العشوائية من أهم موضوعات الخطاب السياسي، خاصة في ظل الأزمات التي شهدها المجتمع المصري مؤخرا، ومن أبرزها حادث الدويقة في 6 سبتمبر 2008، وحادث السيول في جنوبسيناء في 19 يناير 2010.
وأشار المشاركون إلى تباين التقديرات في أعداد العشوائيات ما بين مصدر وآخر ويرجع هذا التفاوت إلي عدم وجود طريقة سليمة للحصر، والاختلاف في تعريف الظاهرة، حيث لا يوجد تعريف موحد متفق عليه بين جميع الجهات التي تعمل في مجال دعم وتطوير العشوائيات.
وقال الباحث طه محمد القصراوى خلال استعراضه للدراسة إنه يجب أن يراعى التشريع الذي يعالج الحق في السكن ثلاثة أركان هي السكن الملائم لكل مواطن طبقا للاشتراطات الدولية، وحقوق السكان المحليين في تنمية وتطوير مناطقهم بأنفسهم ولأنفسهم، ومنع عمليات الإخلاء القسرى منعا باتا أو نزع الملكية بقوانين.
وقال الباحث إن هذه الاشتراطات تستلزم تعديل بعض المواد في بعض القوانين والقانون المدني وقانون الحكم المحلي لضمان تماشي إجراءات الإخلاء من الأراضي الشاغرة المملوكة للدولة مع ضمانات الأممالمتحدة ضد الإخلاء القسري وإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالتعاونيات من جميع جوانبها، بحيث تستعيد دورها الفعال في توفير السكن المناسب لأعضائها وتفعيل الامتيازات التي كانت قائمة لهذا القطاع، سواء في تخصيص الأراضي أو التمويل المصرفي بفوائد ميسرة والإعفاءات الضريبية وما شابه ذلك.
كما أوصت الدراسة التي ناقشتها الجلسة بالعديد من التوصيات للجهات التنفيذية أهمها وضع خطة شاملة تتماشي مع القانون الدولي لحقوق الإنسان للتصدي للتهديدات للحق في الحياة والحق في الصحة، ولعدم ملائمة ظروف السكن للأشخاص الذين يعيشون في المناطق غير الآمنة. وأن تتضمن الخطة تقديم السكن المؤقت للتمكين من إخلاء الأهالي في حالات الخطر المباشر، إلى جانب السكن الدائم.
كذلك توجيه الاهتمام إلي أهمية مشاركة القطاع الخاص ورجال الأعمال لتطوير المناطق العشوائية من خلال المشاركة في بناء مساكن اقتصادية ملائمة أو المساهمة في تطوير الأوضاع التعليمية والصحية والبيئية والاهتمام بالمشروعات التنموية الموجهة لقطاعات الشباب والأطفال والمرأة.
وناقش المشاركون في الجلسة آليات العمل علي توفير قاعدة بيانات حديثة ودقيقة عن عدد السكان بالمناطق العشوائية المختلفة بالمحافظات وخصائصهم الديموجرافية والاجتماعية والاقتصادية. وذلك لضمان فعالية التخطيط للارتقاء بهذه المناطق.
كما ناقشوا ضرورة إعطاء الأولوية لإخلاء المناطق والمباني التي تمثل خطرا وشيكا على الحياة، بما في ذلك توفير مساكن بديلة مؤقتة، كما ينبغي وضع ضمانات إجرائية تكفل أن تتماشى مع عمليات الإخلاء مع المعايير الدولية للإخلاء.
وأوصت الدراسة بتوجيه الاهتمام الخاص إلي مكافحة المخدرات في هذه المناطق من خلال تكثيف الوجود الأمني وحث أعضاء مجلس الشعب وأعضاء المجالس الشعبية علي التواصل مع مواطني هذه المناطق ونقل مشكلاتهم لصانعي السياسات والقرارات.