"ملكة الانتخابات".. هكذا وصفها عدد من المحللين في أمريكا الجنوبية لقدرتها الفائقة على مساعدة حزبها للفوز في الانتخابات البرلمانية، وهي اليوم تؤكد هذا الوصف فأصبحت "بارك كون هيه"، أول رئيس (امرأة) لكوريا الجنوبية بعد الفوز على منافسها الليبرالي مون جيه-إن، وتواجه بارك كون ايه عدة تحديات على المستويين الداخلي والخارجي، مع ذلك تتعهد بفتح عهد جديد لسعادة الشعب الكوري الجنوبي. تحديات ومواجهات : حيث تولت بارك منصبها بعد أيام قليلة من إجراء كوريا الشمالية تجربتها النووية الثالثة، وهو ما يمثل تهديداً وتحدياً كبيراً لبارك خاصة في ظل استمرار القدرات النووية الكورية الشمالية على حالها وهو ما يمثل تهديداً خطيراً للشعب الكوري الجنوبي. ولهذا أعربت رئيس كوريا الجنوبية الجديدة، عن عدم قبول أية تهديدات من شأنها الإضرار بحياة الشعب الكوري، واستقراره وأمنه، وحثت كوريا الشمالية على التخلي عن طموحاتها النووية فوراً، والتوقف عن إهدار مواردها النادرة على تطوير الأسلحة. وتعهدت أيضاً باتباع نهج أكثر اعتدالاً مع كوريا الشمالية من موقف سلفها المتشدد، الذي توترت العلاقات بين الجارتين أثناء توليه الرئاسة. وأشارت إلى أنها ستخطو خطوة لبناء الثقة بين الكوريتين، على أساس الحد من القدرة النووية الكورية الشمالية، مشيرة إلى إمكانية إجراء الحوار، والوفاء بالتعهدات بين الطرفين. لكن المراقبين يرون أن التجربة النووية لكوريا الشمالية، قد تزيد من صعوبة مهمتها في إدارة وتحقيق السعادة لشعبها حسب تعهداتها.
مشاكل اقتصادية وعلى المستوى الداخلي تواجه كوريا الجنوبية تحديات اقتصادية كبيرة، فهي طامحة بأن يكون لها تأثير في المجتمع الدولي، وتسعى لامتلاك قدرات تمكنها من فرض موقفها على الدول الكبرى وعلى جيرانها بصفه خاصة، كما تعاني من مشكلات في الاقتصاد الداخلي مثل الرعاية الاجتماعية، حيث أشار البعض إلى ارتفاع نسبة الشيخوخة بصورة أسرع عن العالم كله هناك. ولهذا قدمت الرئيسة الجديدة عدد من الوعود، فأشارت في حفل أقيم في ساحة الجمعية الوطنية، إلى أن خطة الحكومة تركز على توفير مزيد من فرص العمل، وتوسيع الدعم للرعاية الاجتماعية، وتقوية الدفاع الوطني. وتعهدت في خطابها باتباع إجراءات حازمة بشأن الأمن القومي في البلاد وبعهد من الازدهار الاقتصادي. وفي هذا السياق خصصت بارك القسم الأكبر من خطابها للاقتصاد، فوعدت ب"نشر ديمقراطية اقتصادية"، مشيرة إلى أن "العديد من السياسيات ستسن لمساعدة المشاريع الصغيرة والكبيرة "، كما وعدت ب "حكومة نظيفة وشفافة وقديرة"، كما أكدت على ضرورة تمكين العلوم والتكنولوجيا واعتبرتها إحدى الأولويات في خطتها الحالية.
وبالرغم من هذه الوعود الكثيرة، يرى البعض أنه من الصعب الحكم على الأشياء قبل وقوعها ويجب الانتظار لحين تكتمل الصورة كاملة، ووقته نستطيع تقييم مدى نجاح الرئيسة الجديدة في تحقيق آمال وسعادة الشعب الكوري.
مسيرة حافلة تبلغ بارك من العمر 61 عاماً، وقد نشأت نشأة سياسية، فهي ابنة زعيم كوريا الجنوبية السابق بارك شونج-هيه الذي استولى على السلطة في سول بانقلاب عام 1961 وحكم البلاد 18 عاماً. وتخرجت من مدرسة سونغ سيم للبنات عام 1970م ثم حصلت على شهادة البكالوريوس في الإلكترونيات بجامعة سيغانغ عام 1974م. أما عن التوجه الفكري فهي تنتمي إلى حزب سينوري الحاكم وهو أحد التيارات الرئيسية في كوريا الجنوبية، وتؤمن بارك بضرورة الوحدة الوطنية بين الشعب الكوري، كما ترى ضرورة بناء الثقة مع كوريا الشمالية عن طريق الحوار والمفاوضات، وقد ظهر هذا التوجه في مايو 2002، حينما زارت كوريا الشمالية وقابلت الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل. وتتمتع بارك بخبرات طويلة في العمل السياسي، ففي عام 1997م انضمت إلى حزب الوطن الكبير، الاسم السابق لحزب سينوري وأيدت الحملات الانتخابية للمرشح الرئاسي "لي هوي تشانغ" في وقتها، وفي أبريل من العام نفسه، فازت بمقعد في البرلمان عن مدينتها ديغو وتمت ترقيتها إلى مناصب رفيعة في الحزب. وفي عام 2001م، عندما رفضت مطالبها للإصلاح من قبل الحزب، لجأت إلى تشكيل حزب جديد،ولكن انضمت "بارك" إلى حزب الوطن الكبير مرة أخرى بعد قبول مطالبها بالإصلاح الحزبي، وحققت قيادتها عدداً من الانتصارات في الانتخابات البرلمانية، حيث حصلت على لقبها "ملكة الانتخابات"، فشغلت منصب العضو الأعلى لحزب الوطن الكبير الحاكم في الفترة (3/2004- 2006م)، وكانت المرشحة الرئاسية لسباق حزب الوطن الكبير الحاكم عام 2007م. كما شغلت منصب رئيسة اللجنة الطارئة لحزب سينوري الحاكم في الفترة (12/2011-5/2012م). وقبل أن تصبح بارك رئيسة الجمهورية الكورية الجنوبية، كانت نائبة برلمانية للبرلمان في دورته ال19.