قالت « نيرفانا محمود »، الكاتبة البريطانية في شئون الشرق الأوسط، أن مصر تعج بالشائعات بين العامة والنخبة السياسية بشأن كيفية تعامل الجيش مع الاضطرابات الحالية خاصة إذا تصاعد الموقف وأدى إلى مزيد من العنف والفوضى ، مشيرة إلى أنه من الظاهر أن العديد يعتبر بعض التدخل أمرًا لا مفر منه في مرحلة ما في المستقبل. تتحدث الكاتبة في مقالتها المنشورة بموقع « المونيتور » المتخصص في شئون الشرق الأوسط, عن « عبد الفتاح السيسي » وزير الدفاع الذي تبنى سياسة المراقبة عن قرب والتدخل عندما يكون الموقف ضروري للغاية، موضحة أن « السيسي » , الذي كان يعتبر في البداية رجل الإخوان المسلمين في الجيش , أثبت أنه رجل يتحدث بعقله، ويحصل على تأييد من قبل جنوده، ولا يخجل من الاعتراض على الأفكار يرى أنها غير مناسبة أو خطر على المصلحة القومية المصرية.
وترى « محمود » أن الخيارات المتاحة للجيش ليست عديدة كما يعتقد البعض، وكل منها له مخاطره وإمكانية فشله، ومن ثم تستعرض الكاتبة الخيارات الثلاثة المتاحة، وأولها ينطوي على القيادة في محاولة لمنع دوامة العنف من خلال المفاوضات خلف أبواب مغلقة لفرض نوع من التوافق، ويعتقد البعض أن « السيسي » يمكنه تقديم أداء أفضل في هذا الأمر من سابقه ولكن إذا حكمنا من خلال جهود الجيش في أعقاب مرسوم نوفمبر ودعوة الغداء المقدمة إلى المعارضة – ولكن يقال أن الرئيس عارضها – أصبح من المشكوك فيه أن ينجح « السيسي » في التوفيق بين متناقضين « إن نافذة التوافق في الآراء يبدو أنها تضيق بسرعة هائلة ».
أما عن الخيار الثاني فهو مساعدة القيادة الإسلامية في إخماد أي تمرد أي احتجاجات عنيفة، ولكن تشكك الكاتبة أيضًا في هذا الأمر ضاربة مثالا بالتطبيق الفضفاض الذي تم لقانون الطوارئ الذي أصدره الرئيس في منطقة قناة السويس مما يشير إلى أن الجيش غير مستعد لمواجهة الحشود المضادة ل « مرسي »، موضحة أن الجيش المحترف ليس بديلاً للشرطة وغير مدرب للصراع الحضري، كما أنه من غير المرجح أن يخاطر الجيش بخسارة شرعيته بين المصريين عبر سحق المدنيين لفرض تمكين الإسلاميين، ومن هنا تعتقد الكاتبة أن القيادة الإسلامية القوية ستسعى لإزالة الكوادر العليا من غير الإسلاميين في الجيش.
وينتهي الخيار الثالث ليكون « الانقلاب العسكري »، فقد قدم العديد هذا الخيار كما لو كان ممكنًا مع إمكانية نجاحه ولكن يمكن استنتاج أن قادة الجيش يمكنهم ولكن لن يقوموا باللجوء إلى هذه الخطوة، وتوضح « محمود » أن الرأي السائد بين المحللين هو أن « الجيش لا يريد أن يحكم مجددًا »، ولكن الكاتبة ترى أن الأمر لا يتعلق بانعدام الرغبة وإنما انعدام وجود الوصفة الصحيحة للنجاح على المدى الطويل.
أشارت إلى أن الجيش لن يرسل قواته للقصر الرئاسي بدون نسخة طبق الأصل من يناير 2011 مع سير الملايين في جميع أنحاء مصر للمطالبة بإسقاط « مرسي » - وهو الأمر غير المرجح في ضوء فشل المعارضة في استقطاب المشاركين لتظاهراتهم – والأمر الثاني هو الانهيار الكامل في الحكم مع العصيان المدني واسع النطاق.
وفي السيناريو الأخير سيحتشد الإسلاميون, الإخوان والسلفيون, وراء « مرسي » لمنع حدوث سيناريو 1954 الواقع دائمًا في ذاكرتهم « إن الإسلاميين في عام 2013 أكثر تحديًا ولديهم دائرة انتخابية واسعة، فالمواجهة مع الجيش سوف تكون دموية وهو سيناريو كابوسي سيحاول الجيش تفاديه ».
تشير الكاتبة إلى أن الانقلاب العسكري « السلمي » يعد أمرًا مستحيلا، فأي تدخل عسكري سوف يؤدي إلى مواجهات محتملة مع إما المعسكر الإسلامي أو غير الإسلامي، وقادة الجيش والإسلاميون يعلمون هذه الحقيقة وهذا ما جعلهم يعدلون قانون الانتخابات وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية، فبالنسبة لهم فالشرعية هي سياسة التأمين التي تحميهم من المجلس العسكري، ولكن مع المقاطعة الانتخابية فإن الشرعية بعيدة المنال ربما لا يمكن الوصول إليها بسهولة.
من هنا، ترى « محمود » أن افتراضية أن الجيش بإمكانه حماية مصر خاطئة وخطيرة، فثمن الخلاص العسكري سوف يكون ضخمًا ودمويًا وهي الحقيقة المرة التي يجب أن يعرفها العامة والنخبة، مشيرة إلى أنه حتى الآن يبدو أن الجيش قد اعتمد سياسة إعادة الانتشار لاعبًا دور حراس الدولة ناظرًا من مسافة ليرى إذا كانت إدارة الإخوان ستعوم أم ستغرق، كما أنه مستعد لإعادة التقييم وفقًا لتطور الأحداث.