اكد الكاتب الأمريكي « توماس فريدمان » ان الانقسام بين الأحزاب الإسلامية والليبرالية وانخفاض الجنيه المصري أمام الدولار في أقل من شهرين، وزيادة وحشية الشرطة ضد المتظاهرين، تعطى الانطباع الأول بأن الرئيس « محمد مرسي » والإخوان المسلمين يضيعون فرصتهم الأولى في السلطة. يقول « فريدمان » في مقالته بصحيفة « نيويورك تايمز » الأمريكية أن « مرسي » سوف يزور البيت الأبيض في الأشهر القادمة ولديه فرصة واحدة ليصنع انطباعًا ثانيًا إذا أراد أن يستمر في الحصول على المعونة الأمريكية.
ويشير الكاتب إلى أنه منذ ثورة 2011 كلما واجه الإخوان فرصة للتعامل إما بطريقة شاملة أو انتزاع سلطة أكثر يقومون بالحصول على سلطة أكبر مضحيين بالجميع ، ضاربًا المثال بالإجراء السريع للانتخابات قبل تنظيم المعارضة أو التصويت على الدستور قبل معالجة شكاوي المعارضة أو تعيين شخصيات معارضة في الحكومة، ملقيًا اللوم أيضًا على المعارضة، مؤكدًا ان استيلاء مرسي على السلطة يطارده.
ويتطرق « فريدمان » للحالة الاقتصادية السيئة لمصر ونتيجتها التي أدت إلى الحاجة لقرض النقد الدولي الذي سيؤدي إلى ألم اقتصادي يتضمن وقف الدعم على المواد الغذائية والوقود وهذا سوف يؤدي إلى ضرر، ومن ثم فإن « مرسي » يحتاج إلى حكومة وحدة وطنية ولكن حتى الآن فشل الإخوان في الوصول إلى تفاهم مع جبهة الإنقاذ.
كما أن مصر تحتاج إلى استثمار أجنبي لخلق الوظائف، فهناك مليارات الدولارات من رؤوس الأموال المصرية خارج البلاد بسبب خوف المصريين خاصة المسيحيين من مصادرة أموالهم أو إلقاء القبض عليهم بموجب اتهامات زائفة كما حدث أثناء عهد الرئيس السابق « حسني مبارك »، ومن هنا يرى « فريدمان » أن أفضل ما يمكن أن يفعله « مرسي » من أجله ومن أجل مصر أن يعلن العفو العام عن جميع من كانوا في عصر « مبارك » التي لم تلوث الدماء يده، مضيفًا أن مصر تحتاج لكل موهبة وكل رأس مال يمكنه تعبئة الوطن « فليس هناك وقت للانتقام »
وأكد « فريدمان » أن الإخوان لا يحتاجون إلى إستراتيجية حكم جديدة وإنما إلى فهم أن الإصدار الخاص بهم من الإسلام السياسي الذي يعارض تمكين المرأة والتعددية الدينية والسياسية قد يكون مستدام إذا كنت إيران أو المملكة العربية السعودية، وكان لديك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز لتشتري ذمم جميع التناقضات بين فكرك الخاص والنمو الاقتصادي.
ويشير الى أن الإخوان إما أن يتغيروا أو يصابوا بالفشل وسيكون من الأفضل إذا اكتشفوا ذلك في أسرع وقت، معربًا عن تفهمه لتفضيل فريق الرئيس الأمريكي « باراك أوباما » إبلاغ هذه الرسالة بشكل شخصي « كي لا تبدأ القوى السياسية في مصر بالتركيز علينا بدلا من التركيز على بعضهم البعض .. هذا أمر حكيم، ولكن لا أظن أننا نقوم بنقل هذه الرسالة بقوة كافية، و لا يقوم دعاة الديمقراطية المصريين بذلك بالتأكيد ».
في النهاية، يرى « فريدمان » أنه لن يكون من الصحي لأمريكا أن تعيد خلق الصفقة مع الإخوان كالتي كانت مع « مبارك »، مشيرًا إلى أن الشعب المصري كان متسامحًا تحت ظل « مبارك » لسنوات ولكنه الآن محتشد ولم يعد الخوف متملك منه « نحن ومرسي نحتاج لاستيعاب أن هذه الصفقة القديمة غير قابلة للاستمرار لفترة أطول ».