فى الذكرى الثانية لتنحى الرئيس السابق حسنى مبارك(11-2-2011) ذلك الرئيس الذى كانت تسميه اسرائيل يالكنز الاستراتيجى لها ،وفى الوقت الذى شُغلت فيه مصر ، نخبة وجماهير ، بصراعات داخلية سياسية واجتماعية ، بعضها مهم والغالب ، لا قيمة له ، وفى الوقت الذى استنزفتنا فيه (معركة الدستور) وما تلاها من خلافات وصراع للديكة ؛ فى هذا الوقت تتحرك إسرائيل العدو التقليدى لهذا الوطن ناحية سيناء محاولة احتلالها مجدداً وإن بوسائل أكثر تطوراً من احتلال الجيوش ، فتبدأ فى بناء جدار عازل مع مصر ، وتتزايد فى داخلها الدعوات التى تتحدث عن احتلال ثان جديد لسيناء ، وأن العداء مع مصر لا يرتبط بأنظمة مسالمة ولا تزيله اتفاقات تسوية مثل كامب ديفيد (1978) أو معاهدة السلام (1979) ، وأنها ستظل كدولة ، عدواً استراتيجياً تاريخياً لها، ولأن البعض من نخبتنا مستغرق فى الشأن الداخلى ، فلم يلتفت إلى ما يموج فى الداخل الإسرائيلى من مخططات ، ومؤامرات لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم بل وبالأساس ، مصر، الدولة والدور . * بيد أن الأطماع الصهيونية التى تتجدد فى الكتابات الإسرائيلية هذه الأيام عن حنين العودة لسيناء ، عبر جماعات التكفير السلفية أو عبر قطر والولايات المتحدة ، ليست مجرد آراء عشوائية ، أطلقها البعض ، أو بالونات اختبار ، لقياس ردات الفعل المصرية ، أو توجيه لأنظار واشنطن ناحية فكرة " توطين الفلسطينيين " فى سيناء ، إن الأمر فى تقديرنا أكبر وأخطر ، ولعلنا لا نبالغ فى القول بأنه إن لم يواجه بتصدى سياسى ، مصرى ، وفلسطينى واضح فإن إسرائيل ستتمادى فيه ، لماذا لأنه ببساطة (حلم قديم) ، يراود الصهاينة منذ المؤسس (هرتزل) ، وبين أيدينا إحدى الوثائق القديمة والخطيرة فى آن واحد ، والتى أرسلها هرتزل إلى وزير المستعمرات البريطانية تشمبرلين فى (12/7/1902) والتى يضمنها مشروعه الاستعمارى ، والاختيارات المفتوحة أمام هذا المشروع يأتى فى مقدمتها خيار التوطين فى سيناء ، أو العراق ويبين ولأول مرة – وعلى عكس ما هو رائج لدى بعض المؤرخين وكثير من الإسلاميين أن السلطان العثمانى قد عرض عليه توطين اليهود الصهاينة فى العراق وليس فى فلسطين أو سيناء ولكنه – أى هرتزل – كان يفضل سيناء .
يقول هرتزل ل (تشمبرلين) : [ الرجاء أن تجد طيه ملخصًا عامًا لمخطط تسكين اليهود المشردين في شبه جزيرة سيناء وفي فلسطين المصرية (ربما يقصد قطاع غزة) .
ولمنع أي سوء تفاهم قد يحصل الآن أو في المستقبل دعني أذكر أنني أعددت هذا المخطط لك لأنك أبديت معارضة بخصوص فلسطين إنك أعظم قوة مؤثرة على شعبنا منذ تشرده وإني لأشعر أنه من واجبي أن أقدم لك نصائحي المتواضعة شرط أن تكون عندك النية لعمل أمر مهم لتعسائنا. ويجب ألا أكون فقط شديد التمسك بالمثل وأرفض المساعدة السريعة لأفقر فقرائنا مهما كان شكل هذه المساعدة بل يجب أن أكون أكثر من ذلك يجب أن أعطي نصحي حسب ما أراه أفضل عندي إلى جانب الناحية الإنسانية غاية سياسية أيضًا. إن توطين اليهود شرق البحر الأبيض المتوسط سيقوي إمكان الحصول على فلسطين.سيكون يهود الشركة الشرقية في المستعمرة الإنجليزية صهيونيين مخلصين تمامًا كيهود هيرش المستعمرين في الأرجنتين" .
ثم يقول هرتزل فى وثيقته : " لا أدرى إذا كنت سأستطيع أن أساعد في تحقيق المشروع أي إذا كنت سأجعل منظمتنا الصهيونية تعمل له لأن هذا يعتمد على قرار حزبي. سأدعو أعضاء اللجنة من جميع البلدان إلى اجتماع سري وأبحث معهم الموضوع ".
وإلى جانب – يقول هرتزل - هذا فإن عندي مخططًا ثانيًا لك يمكن تحقيقه في الوقت نفسه ولكن على حدة. وهذا المخطط سري تمامًا يتعلق بالعراق.
لقد أخبرتك أن السلطان عرض عليَّ الاستيطان في العراق (وذلك في شباط/فبراير (1902) من هذه السنة لما ذهبت إلى القسطنطينية بناءً على دعوته) وقد رفضت العرض لأنه لم يشمل فلسطين. أستطيع أن أعود إليه غدًا ما دامت علاقاتنا ممتازة. وبدل هذا علينا أن نقدم له بعض المساعدات المالية (انظروا خطورة هذا الاعتراف السرى لهرتزل ومدى أهميته التاريخية!!).
يقوم بالمطالبة بهذا رجل أستطيع أن أسميه لك شفهيًا. ولكن السلطان يفضل أن يعهد بهذا المشروع لي لأنه يعرف أني شخصيًا لست أجرى وراء المنفعة المالية وهو بالطبع يريد شروطًا أفضل ولكن حتى ولو أُعْطي شروطًا أفضل يمكن وضع ما يقرب من مائتي مليون جنيه على الحساب. هذا الربح يذهب للشركة اليهودية لأنها تستطيع بذلك أن تبدأ حياتها بربح من مليوني جنيه وفي رأيي أن هذا يسهل تحقيق المخطط" .
ثم يقول هرتزل مخاطباً تشمبرلين : " لا أدرى إذا كانت عندك معلومات كافية عني ولكني أود أن أؤكد هنا أنه ليست لي في هذا المخطط أية غاية مادية ، لست أعمل لعمالة مالية ، إنما كل ما أريده هو أن يكون للصندوق القومي اليهودي حساب محترم فيما إذا سار هذا المشروع المالي أنا لا أضع هذا شرطًا لا بد منه " .
ثم ينهى وثيقته بالقول:"إني أفضل المخطط الأول (يقصد التوطين فى سيناء أو فلسطين المصرية على حد قوله!!) لأن ضمانات مشروع العراق السياسية للمستقبل قليلة.أما إذا لم نتمكن من إقامة المستعمرة اليهودية في المملكات البريطانية بسبب رفض الحكومة الإنجليزية أو إذا لم يرغب في هذا المخطط رجال المال فعندها فقط أقدم لك المشروع الثاني (يقصد العراق) ] .
هذه الوثيقة (طبعاً وغيرها عشرات الوثائق الصهيونية والبريطانية) بما احتوته من معلومات وأسرار ومخططات قديمة للحركة الصهيونية بقيادة هرتزل تؤكد، قدم الأطماع الصهيونية فى سيناء وهى أطماع مرتبطة بأهمية سيناء الاستراتيجية وبعلاقتها التاريخية بما يسميه اليهود أرض الميعاد (فلسطين) فضلاً عن علاقتها بالمشاريع الاستعمارية الغربية فى المنطقة طيلة المائة عام الماضية وهى أطماع ترجمتها اتفاقية كامب ديفيد (1978) ومعاهدة السلام (1979) واتفاقية (أو بروتوكول) القوات متعددة الجنسيات (3/8/1981) وهى الاتفاقيات التى تمثل الإطار العام للعلاقات المصرية الإسرائيلية وهى أيضاً تمثل إستراتيجية الاغتيال الممنهج لسيناءالتى نسيها الجميع سواء كانوا حاكمين اومعارضين، فهل لدينا فى هذا الوطن وفى نخب هذا الزمان الثورى من لايزال يتذكر او يعتبر ان اسرائيل لاتزال عدوا وان سيناء مستهدفة وانها فى طريقها للانفصال بفعل التامر الاسرائيلى والامريكى ؟سؤال يبحث عن اجابة.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه