ألقت مجلة « فورين بوليسي » الأمريكية الضوء على الأولتراس متسائلة بشأن كيفية تطور مجموعة غامضة من مشجعي كرة القدم لتصبح قوة سياسية لا يستهان بها. ويرى « جيمس دورسي » الدارس لثقافة الكرة في الشرق الأوسط أن الأولتراس أصبحوا المنظمة الأولى التي تعارض قوات الشرطة المصرية. توضح المجلة أنه مع تضخم صفوف الأولتراس وارتفاع سمعتها ازدادت كراهيتهم للقوات الأمنية والتي كانت أساليبها الوحشية التي تستخدمها لقمع المعارضة سيئة السمعة. ويشير « دورسي » إلى أنه لمدة أربعة سنوات قبل الثورة كان هناك اشتباكات أسبوعية بين الطرفين في الملاعب « لقد كانوا لا يعرفون الخوف .. ليس لديهم ما يخسرونه .. وأصبحوا متمرسين في القتال. »
ووفقًا لدورسي فبالنظر إلى جذور الأولتراس والطريقة التي أصبحوا بها قوة قوية في الحركة الاحتجاجية سوف يكون من الخطأ نبذ الأولتراس مثل البلطجية ومشاغبي الكرة كما يفعل الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنه يتعمد عدم استخدام كلمة " المشاغبين " وذلك لأنه في بريطانيا تكون في مجتمع ديمقراطي مفتوح وتعددي يكون لدى الفرد العديد من الخيارات للتعبير عن الاستياء ولكن في مصر يتم فرض العنف « لقد كان النظام عنيفًا، ولم يكن هناك أي سبيل للتعبير وكان يتم قمع أي سبل متاحة».
يعتقد « دورسي » أن الأولتراس عبارة عن عالم مصغر لصراع مصري أوسع مع تطبيق الديمقراطية في ديكتاتورية سابقة، مشيرًا إلى أنه إلى جانب توحد الأولتراس في بعض النواحي إلا أنهم أيضًا مجموعة متنوعة للغاية وهم يتصارعون مع جميع ما تتصارع معه المجموعات الشبابية الآن وهو « كيفية التحول من الشارع إلى النظام، إن هؤلاء الشباب يعرفون الشارع السياسي، إنها السياسة الحقيقية التي تعد التحدي في هذه المرحلة. »
يقول « أحمد » أحد الأعضاء المؤسسين لأولتراس أهلاوي، أنهم بعد تعرضهم للعنف في الملاعب كان الأمر مسألة وقت قبل أن يصبحوا في صدارة الثورة ضد الرئيس السابق حسني مبارك « لذلك بدأنا كمجموعة مبنية على الحرية داخل وخارج الملاعب، وموقفنا هو عدم البدء بالعنف أبدًا ولكن إذا هاجمنا أحد لن نظل صامتين، لقد علمنا أننا يجب أن نكون جزءًا من الثورة. » وبالرغم من أن « أحمد » يعلم أن الاختيار بين حكومة الرئيس « محمد مرسي » المسيطر عليها الإخوان المسلمين وبين الحكم العسكري ليس شيئًا يستسيغه إلا أنه يرفض فكرة أن الأولتراس يبحثون عن سبب لخلق مشكلة « ليس معنى أننا لم نجد بديلًا عظيمًا أن علينا الموافقة على ديكتاتور آخر »، مشيرًا إلى أنهم قاموا بذلك من قبل وشاهدوا ماذا حدث وليس بعدما خسروا جميع هؤلاء الأفراد وبدئوا ثورة « لم نقاتل لننتهي بما بدأنا به. » ويشدد « أحمد » أن الأولتراس يحافظون على الوقوف على مسافة واحدة من جميع المشتركين في السياسة، على الرغم من أنه يتهم بعض النشطاء بإثارة الأولتراس للعنف سعيًا وراء أهدافهم الخاصة، مؤكدًا أن إرادتهم حرة ولا يستطيع أحد استخدامهم من الجانب السياسي، مشيرًا إلى أن الكثير حاولوا إقناعهم للمشاركة في أحزاب سياسية ولكنهم ما زالوا يحافظون على كونهم مجموعة كروية وغير مهتمين بالسياسة.
توضح المجلة إلى أنه من غير الواضح ما الدور الذي سوف يلعبه الأولتراس في أي حل سياسي مستقبلي من الممكن أن يتم طرحه من أجل الاضطراب الذي ساد مصر منذ سقوط مبارك، ومهما كانت النتيجة فأحمد يصر على أنه لن يتوقف عن القتال ضد ثقافة الإفلات من العقاب أو السماح من أن تخطف ثورته بأيدي الإسلاميين أو أعضاء من النظام القديم « إن السلام لن يحدث إذا لم يعرف الناس قيمة دمائهم، فإما نرى العدالة أو سترى الفوضى. »
يقول طارق مسعود أستاذ مشارك في السياسة العاملة في جامعة هارفرد أن المشكلة مع الاولتراس والحركة الاحتجاجية في العموم هي أن أي حكومة في مصر من المرجح أن تكون هدفًا لغضبهم، مشيرًا إلى أن الأولتراس متظاهرين محنكين للغاية وقادرين على لفت الانتباه لمطالبهم وخلق مشكلة للحكومة مهما كان من يحكم، موضحًا أن الكثير من الحركة الشبابية لديهم مظالم والحكومة عاجزة عن تخفيفها؛ بسبب طبيعة التحديات « ليس بسبب عدم كفاءة محمد مرسي وإنما لأن الدولة المصرية ليست قوية أو كفء .. إنها دولة ضعيفة. »
ومن جانبهم أعرب العديد من النشطاء عن شكرهم لدعم الأولتراس لهم في الثورة بالإضافة إلى العديد من المظاهرات الأخيرة، فبعد معاناتهم من أيادي الشرطة أثناء الثورة يبدو تعاطفهم مع كراهية الأولتراس للقوى الأمنية. ويعتقد « شريف عبد المقصود » الناشط السياسي، أن الكثير لديهم انطباع بأن الثورة كانت سلمية ولكنها لن تكن كذلك، موضحًا أنه « الكثير من المقاومة الجسدية كانت ضرورية للتغلب على القوى الأمنية، وكان الأولتراس مهمين للغاية في الصراع».
ولكن هناك علاقة معقدة تربط بين الأولتراس والنشطاء مع وجود الغيرة والتنافس بين كلا الطرفين. يشير « عبد المقصود » إلى وجود ناشطات من الفتيات يشعرن بالاستياء من الاولتراس لرفضهم وجود فتيات بعد الساعة الثامنة مساءًا في اعتصامهم « هناك الكثير من كراهية النساء وأشياء من هذا القبيل »، ولكن « أحمد » يشرح أنه بعد سفك الدماء الذي حدث أثناء الثورة تولى الأولتراس موقف حماية تجاه المتظاهرين الآخرين وخاصة النساء.