منع القضاء التونسي الاثنين بث حوار مسجل مع "أبو عياض" زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي المتشدد المتهم بالتخطيط لهجوم استهدف في سبتمبر/ايلول الماضي السفارة والمدرسة الأمريكيتين في العاصمة التونسية، معتبرا انه "قد يتضمن بعض التسريبات والإشارات المشفرة والرموز" لأنصاره. واوضحت إذاعة "موزاييك اف ام" التي كانت ستبث الحوار ظهر الاثنين أن قاضي التحقيق بمحكمة تونس الابتدائية "قرر منع بث هذا الحوار وحجز الشريط المتضمن له"، مؤكدة أنها ستطعن في هذا القرار.
ونددت نقابة الصحافيين التونسيين بقرار قاضي التحقيق، ورأت فيه على لسان رئيستها نجيبة الحمروني "استهدافا لحرية الإعلام" وعودة إلى "الرقابة" التي كانت سائدة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، نقلا عن قناة "فرانس 24" .
وقالت نقيبة الصحافيين "نحن كنقابة ضد أي رقابة مسبقة على المنتوج الإعلامي لان الرسائل المشفرة التي تعللت بها النيابة العمومية في منعها لبث الحوار مع أبي عياض هو يقوم بتمريرها يوميا في خطبه في المساجد لذلك فليس الشخص هو المستهدف وإنما حرية الإعلام هي المستهدفة".
بدوره قال عضو النقابة زياد العاني في تصريح لإذاعة "موزاييك اف ام" ان "نقابة الصحافيين تعتبر هذا القرار قرارا تعسفيا لأنه كما تعرفون فان إيقاف البرامج الإذاعية والتلفزيونية هو اختصاص حصري منحه المرسوم 116 لسنة 2011 المتعلق بالاتصال السمعي البصري لرئيس الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري".
وأضاف العاني أن "رئيس الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري هو الوحيد المخول بحسب الفصل 30 من هذا المرسوم بإيقاف البرامج التلفزيونية أو الإذاعية إذا كانت تتضمن تهديدا للأمن العام".
وكان مئات من السلفيين هاجموا في 14 سبتمبر/أيلول 2012 مقر السفارة الأمريكية والمدرسة الأمريكية في العاصمة تونس احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولاياتالمتحدة ما أسفر عن مقتل أربعة من المهاجمين برصاص الشرطة.
وقال القاضي جلال الدين بوكتيف في مراسلة رسمية وجهها الاثنين إلى الإذاعة أن "المدعو سيف الله بن عمر بن حسين الملقب بأبو عياض، هو محل تتبع لدينا من أجل قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية القصد، وارتكاب مؤامرة واقعة قصد اقتراف احد الاعتداءات ضد امن الدولة الداخلي، وارتكاب اعتداء ضد امن الدولة الخارجي، وتكوين وفاق قصد الاعتداء على الأملاك والأشخاص".
وأضاف القاضي في المراسلة التي نشرتها الإذاعة على موقعها في الانترنت، أن أبو عياض متهم أيضا ب"الانضمام إلى تنظيم إرهابي داخل وخارج تراب الجمهورية، وانتداب أو تدريب أشخاص قصد ارتكاب عمل إرهابي، واستعمال تراب الجمهورية قصد ارتكاب عمل إرهابي ضد بلد أخر ومواطنيه والمشاركة في ذلك".
ونبه إلى أن "الحوار قد يتضمن بعض التسريبات والإشارات المشفرة والرموز مما يؤثر على سير الأبحاث ويعكر صفو النظام العام" مشيرا إلى انه "من شانه أن يؤثر على سير الأبحاث وعلى سلامتها، خاصة وان الأبحاث مازالت متواصلة، قصد محاولة إلقاء القبض على بقية المتورطين في القضية".
وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها القضاء التونسي عن قائمة الجرائم المنسوبة إلى أبو عياض الهارب من الشرطة منذ شهر سبتمبر/ايلول 2012، والتي تصل عقوبتها في القانون التونسي إلى الإعدام.
ويرأس أبو عياض تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي الذي يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في تونس. وهو يوصف بأنه "زعيم السلفية الجهادية" في تونس.
وقال ناجي الزعيري مدير تحرير إذاعة موزاييك اف ام انه "لم ير في الحوار ما يخل بصفو الأمن العام" وان الإذاعة ستطعن في القرار القضائي.
وأضاف "يبدو إن حرية التعبير في تونس مشروخة ومنقوصة، ويبدو أن الدائرة "نطاق الحريات" تضيق يوما بعد يوم".
وأوضح أن تنظيم أنصار الشريعة اجري الحوار "بوسائله التقنية" ثم سلم نسخة منه إلى صحافي سلم بدوره نسخة إلى الإذاعة التي شرعت منذ الأحد في بث ومضات إعلانية للحوار.
من جانبه انتقد تنظيم أنصار الشريعة في صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، الصحافي نصر الدين بن حديد الذي حصل على نسخة الحوار، مؤكدا انه وعد بان ينشره على القناة الثانية بالتلفزيون الرسمي التونسي او على قناة الجزيرة القطرية.
وقال "لو علمنا أن النشر سيكون على إذاعة موزاييك لما وافقنا أبدا".
ووعد التنظيم بنشر الحوار على صفحته في الفيسبوك.
ونجح أبو عياض في الإفلات من قبضة الشرطة ثلاث مرات خلال شهر ايلول/سبتمبر 2012.
ورجحت وسائل إعلام محلية أن تكون صلة القرابة العائلية بين أبو عياض ورياض بلطيف المدير العام للتكوين بوزارة الداخلية هي السبب وراء عدم القبض عليه حتى الآن، وهو أمر نفاه بلطيف الذي قال في تصريح نشرته أسبوعية "آخر خبر" التونسية الشهر الماضي، "انفي بصفة قطعية أن تكون لي أي علاقة بالرجل واتحدى من يقدم إثباتات تجزم بعكس ذلك".
وكانت وزارة الداخلية عينت رياض باللطيف مديرا عاما للتكوين في الوزارة في كانون الثاني/يناير 2012.
وبحسب وسائل إعلام تونسية، فان أبو عياض قاتل ضد القوات الأميركية في أفغانستان مع تنظيم القاعدة والتقى سنة 2000 في قندهار الزعيم الراحل للتنظيم أسامة بن لادن.
وفي عام 2003 اعتقل أبو عياض في تركيا وتم تسليمه إلى تونس حيث حكم عليه بالسجن لفترات وصلت إلى 68 عاما بموجب قانون "مكافحة الإرهاب"، بحسب المصادر نفسها.
وفي آذار/مارس 2012 تم الإفراج عن أبو عياض بموجب "عفو تشريعي عام" أصدرته السلطات بعد الإطاحة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب إلى السعودية.
وبعد خروجه من السجن، أسس أبو عياض تنظيم "أنصار الشريعة".