* مشوار مفتي وإنجازات دار * مفتي مصر مفتي لكل العام * الوعي المصري مازال علقها في رقبة عالم وأخرج سالم * عشر سنوات نقلت الدار من المحلية إلي العالمية * أقسام الدار ولجانه تحتاج لجهد الباحثين والمتخصصين * المركز الإعلامي أهم مركز فى الدار * هل كانت الاحتفالية رسالة وداع للمفتي علي جمعة
كتب عمرو عبد المنعم
لو لم يترك د علي جمعة في دار الإفتاء المصرية سوي الحب الذي رأيناه في عيون وأفئدة العاملين في دار الإفتاء هذا فضلا عن من حضر من جمهوره لكفته ، هذا ما شعرت به في الاحتفالية التي أقامتها دار الإفتاء المصرية بمناسبة إنجازات الدار و (الشيخ ) طوال عشرة سنوات أي طيلة 3650يوم فقط ، إن كل من شاهد المعرض والإحتفالية شعر بهذا الشعور وكأن الشيخ يودع دار الإفتاء ويعرض إنجازاته التي صنفها طوال هذا التاريخ المليئ بالأحداث الجسام ، انه يوم لتوديع د -علي جمعه من منصب مفتي الديار المصرية إلي منصب أخر أوربما ليتفرغ لمكانته العلمية والبحثية من جديد .
كان ذلك في المعرض الذي أقامته دار الإفتاء المصرية صباح السبت 2 فبراير 2013م والذي تحدث عن إنجازات الدار طوال العشر سنوات الأخيرة من عمر الدار من 2003: 2013م وهي أيضا نفس الفترة التي تولاها د علي جمعة مفتي الديار المصرية .
عمر دار الإفتاء
عمر الدار- بدء من عام 1895وتم تسجلي الفتاوي رسميا من عام 1899إي بعد تأسيس الدار بأربع أعوام ، وتردد حينها ان الدار اسسها الإنجليز لضرب مشيخة الأزهر الشريف ولجنة الفتوي بها والتي تأسست مع عمر المسجد الجامع والجامعة .
مرعلي الدار منذ تأسيسها ما يقرب من 128عام وتولها 18مفتي ، أولهما الشيخ حسونة النواوي عليه رحمة الله حتي جاء د علي جمعة في عام 2003ليتولي الدار ويقوم علي خدمتها والعمل علي تطويرها ،والحق يقال ان أداء الدار من الناحية التكنولوجية والخدمية تطور بشكل كبير لغاية ونشطت طرق جديدة في خدمة السائل والمتلقي في التعرف علي دينه وما يعن له من أمور لا يعرفها .
وتضمن المعرض مؤتمرا صحفيا لفضيلة مفتي الجمهورية د.علي جمعة، وكلمات للمفكر الإسلامي د. محمد عمارة، وأ.د. أحمد عمر هاشم، والإعلامي أ. أحمد المسلماني، والداعية معز مسعود ولفيف من الشخصيات الدينية والفكرية والإعلامية.
ويقوم المعرض بإبراز النقلة الحضارية لدار الإفتاء المصرية في هذه العشر سنوات " المشوار " فقط مع إطلالة سريعة جدا علي تاريخها منذ التأسيس حتي تولي دعلي جمعة ، لم يظهر خلالها غير د محمد سيد طنطاوي من المفتين قديما ، وذلك من خلال تفاعلها مع كل اهتمامات وقضايا المصريين بالداخل والخارج ، سواء كان ذلك على المستوى الاجتماعي من خلال فتاوى الأسرة والمجتمع أو من ناحية الجانب الاقتصادي مما أكسب الدار تواصلا كبيرا مع المجتمع والناس، ولم تذكر الفتاوي السياسية من قريب او من بعيد وهذا علي حد متابعتي الغير دقيقة .
كما أكد المعرض على أن هذه النقلة الحضارية نبعت من استقلال الدار عن وزارة العدل وتوسعها وانتقالها لنموذج الإدارة الحديثة علي حد تعبير المفتي نفسة المأسسة ؛ الذي يعتمد على التوسع الكمي والكيفي، مما أتاح استحداث إدارات جديدة " كأمانة الفتوى والإشراف العلمي وإدارة التدريب وإدارة الحساب الشرعي ولجنة فض المنازعات والمركز الإعلامي " وغيرها، والذي انعكس في إقبال الناس على الفتاوى وحاجتهم إلى الدار ووصول أعداد الفتاوى إلى أضعاف ما كان يعرض في السابق.. حيث تم إنتاج3071808 ثلاثة ملايين وواحد وسبعين ألفا وثمانمائة وثمانية فتوى.. في الفترة من نهاية سبتمبر 2003 وحتى نهاية عام2012م.
وهنا نعرض بعض الأقسام الرئيسية والفرعية لدار الإفتاء المصرية ، حيث انه عديدة ومتشعبة وتحتاج لدراسة متعمقة، وربما لا تهم القارئ العادي ، ولكن نستعرض فقط بعض هذه الإدارات واللجان وخاصة التي لها علاقة بالفتوي بشكل مباشر .
الأقسام الرئيسية التي لها علاقة بالفتوي الأمانة العامة للفتوي
" وهي لجنة تضم الهيئة العليا لكبار علماء الدار وبها أربعة أقسام ، قسم الفتاوي الشفوية ، وقسم الفتاوي المكتوبة وقسم الفتاوي الهاتفية وقسم الفتاوي الإلكترونية" .
وهي أهم الأقسام إذا نجحت في التواصل بشكل مباشر مع الجمهور العريض الذي يحترم ويقدر ويثمن دور العلماء الثقات وخاصة من الأزهريين ، الذي يميل الجمهور المصري حتي الإن إلي الحضور إلية والدردشه معه ويثق فيه ثقة عمياء " علقها في رقبة عالم وإخرج سالم " . وقد يلمس المرء ذلك في المعاملة الراقية التي يعملها أمن الدار ، وشيوخه من المفتين (الصغار سننا الكبار مقاما)عند الحديث مع الجمهور وخاصة من النساء الراغبات في فتاوي شرعية ذات حساسية بالنسبة لأسرة المصرية .
إدارة الأبحاث الشرعية
تقوم هذه الإدارة علي عمل مجموعة من الأبحاث الشرعية وتأصيلها من الناحية الفقهية لتخدم العملية الإفتائية ، وتحتوي علي أربع شعب وهي الأبحاث الشرعية والقضايا الإسلامية والرد علي الشبهات وشعبة الفكر الإسلامي .
إدارة الحساب الشرعي
إدارة الحساب الشرعي وتعنى بكل ما يخص المعاملات المالية والحسابات الاقتصادية والفتاوى المرتبطة بالمواريث والحساب الشرعي الخاص بها وتقديم خدمة فتوي الزكاة للمؤسسات والشركات والأفراد، ويعمل في الحقيقة في هذا القسم أبرع وأنشط الشخصيات البحثية في مصر ومنها خرج الشيخ الشهيد "عماد عفت "رحمة الله.
إدارة تراث الفتوى
وتضم الوثائق الخاصة بالدار منذ إنشاءها وحتي الآن ، مع جدولتها ، وترقمنتها من السجلات الأصلية ووضعها في ملفات ورد بحسب التقنية الحديثة ، وهو المشروع الذي قام عليه فريق من أبرع الباحثين الشباب من خريجي الجامعات الشرعية ، والحاصلين علي أعلي الدراجات العلمية في كافة التخصصات الشرعية واللغوية .
إدارة الترجمة
وهي إدارة تقوم علي ترجمة الفتاوى إلي اللغات المختلفة ، وذلك إمعانا في عدم تحريف الفتاوى نتيجة عملية الترجمة الغير دقيقة والتي لا يقوم بها متخصص يدرك العلوم الشرعية قبل اللغة المطلوب تحويل الفتوى إليها وفي الغالب يستعينون بأهل اللغات الأصلية .
إدارة المراجعة التدقيق الغوي
وهي إدارة تعمل علي تدقيق الفتاوى من الناحية اللغوية مع ضبط نصوصها ، وتصنيفها تصنيفا فقهيا حسب موضوعتها .
إدارة التدقيق العلمي
هي إدارة تعني بضبط وتخريج الأحاديث من الكتب الصحاح ، وتذيل الفتاوى لمصادرها الشرعية المعتمدة عند الأصوليين والعلماء الثقات .
إدارة أرشيف الفتاوى
والمعنية بحفظ وأرشفة تراث الدار منذ التأسيي من بداية أول فتوي في السجلات 1899حتي أخر فتوي تتلقها الدار وتتعامل معها .
إدارة لجنة المقاصد
وتهدف إلي الإستعانة بالمدخل المقاصدي لعتباره من أهم أدوات فقه الواقع والحكم عليه وهذا أيضا يعد تطوير في الأداء الإفتائي ، والذي لجئت إليه بعض المراكز البحثية والسياسية في العالم الغربي بالإستعانة بهذا العلم الجليل وهو فقه المقاصد الذي يعد أحد أفرع علم اصول الفقه في الشريعة الإسلامية .
الأقسام الفرعية التي ليس لها علاقة مباشرة بالفتوى
ومنها علي سبيل المثال : إدارة المركز الإعلامي
وهو المعني بالتواصل مع الإعلام والصحافة المقروءة والمسموعة، ويتولاها د. إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لفضيلة المفتي ، والحق يقال ان إدارة د نجم للمركز الإعلامي ساعدت كثيرا بالتعريف بالدار وإبراز دورها الريادي في مجالات الدعوة الإسلامية .
ويعتبر " نجم " شخصية ازهرية مرموقة وله حضور عربي ودولي وعلاقات صحفية متعددة ، شيخ في وسط المشايخ ، ورجل عصري متفرنج في وسط العلمانيين ودعاة التغريب ، كل ذلك أهله ليحصل علي ابرز قيادة دينية إسلامية أسهمت في التواصل مع المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية في نيويورك في العام الماضي .
لقد استطاع د إبراهيم نجم -في فترة رئاسته للإعلام في دار الفتوي المصرية ان يحول الفتوي إلي حركة دينامكية متفاعلة مع المجتمع ،وينقلها لكل وسائل الإعلام في نبض يومي إفتائي معاصر يطرح الإسلام بعصرانية واضحة .
ولكنه يتعامل كمعظم مؤسسات الدولة بطريقة الإعلامي الحذر فلا يصرح بتصريح إلا وله تقديره الموزون لكي يسهل عليه ان يتراجع عنه بسهولة، ورغم ان المعرض يعبر عن الدار إلا إنه استطاع أن يحمل في طياته ، الإحتفال بمشوار شيخه "المفتي" أكثر من الدار ، وهذا ما يفسرحذره الشديد في التعامل مع الإعلام والظهور الإعلامي المحسوب وخاصة في فترة الثورة والتي تستحق الدراسة من قبل كثير من الباحثين وأن يولي الباحثون فترة الثورة 25يناير وما بعدها دراسة خاصة لخطاب الدار السياسي والإعلامي ، لانها في الأساس تعبر عن تحولات السياسية المصرية في فترة من أحلك فترات المؤسسات المصرية وخاصة الدينية منها .
نجم يقود كتيبة إعلامية بطريقة إدارة الجماعة الإسلامية والإخوان للأسر والخلايا المنظمة فلا يستطيع شخص ان يتصرف إلا بإذن نجم "الأمير" وقد تعاملت مع أحد تلامذته ولاحظت مدي تقديره له ، ورغم انه من الكتيبة الإعلامية الحذرة في تصريحاتها وتصرفاتها إلا انه لا يخفي عدائة الشديد لرئيس مرسي والإخوان علي صفحته الشخصية التي تعبر في ذات الوقت عن حب وإعتزاز لشيخة علي جمعة ، وربما حرص نجم علي تعامل مثل هؤلاء في الكتيبة الإعلامية ناتج من الأساس علي انه باحث مدقق وشاب له طموح وله تطلعات الشباب .
وفي تقديري ان إدارة الإعلام في دار الإفتاء تضاهي إدارة الإعلام " مع الفارق طبعا "إدارة وزارة الداخلية ايام مدير علاقاتها عبد اللطيف المناوي أثناء تولي حسن الألفي وزارة الداخلية ، ومهما تناولنا اختصاصاتها بالنقد فهي كتيبة إعلامية جديرة بالإحترام والتقدير وجهودها ظاهرة بشكل يومي في الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية المختلفة .
إدارة مركز التدريب
وهي إدارة تدريب المفتين سواء عن بعد او عن طريق استقبال المبعوثين الأجانب أو تدريب المبعوثين والوافدين من الدول العربية .
مكتبة دار الإفتاء
وهي نوعين مكتبة ورقية ومكتبة إلكترونية تضم كافة أنواع المعارف والتخصصات المختلفة ، وبها 7000عنوان شامل كتب وموسوعات ومجلات ودوريات ورسائل جامعية وأعمال ومؤتمرات وبحوث وكتب نادرة ، والجميل ايضا ان إدارة المكتبة تتولاها باحثة علي درجة عالية من الثقافة والوعي الشرعي والديني .
المستشار الأكاديمي
وهو المعني بكل ما يخص الدار في الجامعات المصرية والرسائل الجامعية سواء المكتوبة عن الدار او التي تتناول الدار من قريب او من بعيد ويرأسها د مجدي عاشور ، وهو شخص مفوه وخطيب بارع وشاعر ويملك حضورا يشد الجمهور ، وقد انتدب أكثر من مرة ليمثل الدار في كثير من دول العالم العربي والإسلامي ، ولم تبين وثائق الدار دورة الفعلي حتي الأن في تمثيل المؤسسة علي حد معلوماتي وماوصلت إليه غير ان خطابه الإعلامي يحتاج إلي تطوير وتعريف أكثر .
ثم بعض القطاعات الأخري مثل قطاعات الدار الإدارية ومكتب المفتي والمستشار القانوني والجنة الاقتصادية والجنة الفلكية والجنة الصحية وإدارة الشؤون القانونية وإدارة الشؤون المالية والجنة الرياضية وإدارة الموازنة والتخطيط ومركز التعليم عن بعد والمشروعات الشرعية وإدارة شؤون العاملين وإدارة الموارد البشرية و الإدارة الهندسية وأمن الدار .
بجانب نقابة العاملين بدار الإفتاء المصرية والتي يجب ان تأخذ دورها بالرعاية والاهتمام كنقابة شرعية تهتم بحقوق العامل المصري .
مفتي مصر مفتي كل العالم
دار الإفتاء المصرية بتاريخها العريق وبإحتفاليتها الإخيرة ، دخلت المؤسسات العالمية بل وضاهت دار الفتوي باستانبول تلك أعرق دور الفتاوي في العالم الإسلامي والتي تعودُ إلى سنة 1555م، وهي التي أخرجت شيوخا وعمالقة الفكر التنويري الشرعي منذ عهد الخلافة الإسلامية العثمانية حتى الآن بكل المذاهب الإسلامية المتعددة.
وكنا نود ان نستمع أكثر في الإحتفالية التي أقامتها الدار مؤخرا حول تأثير الدار في جوانب المجتمع المصري وهي كثيرة ومتعددة ، من إستماعنا لتأثير المفتي ومنهجه الإفتائي وتطور الدار في الداخل ، فمنظومتها المتطورة في الأساس موجهة للخارج أي المجتمع بصيرورته وتحركاته وتحولاته المتعددة والسريعة وهذا ما قصده الإمام ابن القيم الذي كتب فصلا مهما في كتابه (إعلام الموقعين) عن تغيّر الفتوى بتغيّر الزمان والمكان والعرف والحال .
كنا نحتاج إطلالة سريعة علي فتاوي مصر المعاصرة وكيف تصدت للإنجليز والتدخل الأمريكي والصهيوني في مصر والعالم العربي ، وكيف عالجت الفتوي المصرية قضايا رأس المال والزراعة ، وكيف حمت الأسرة المصرية من التفكك والانحلال الخلقي ، بدل من ان نستمع لسيرة الدكتور علي جمعة في دار الإفتاء وكيف فتح هذه اللجنة وكيف دخل هذا الرواق ونستعرض مؤلفاته علي طاولة في الدار بها وثائق تاريخ مصر الحبيبة التي مرت بكل الصعوبات والمحن ودفعت الشهداء حتي نالت الإستقلال والحرية من نير ظلم الإحتلال تارة ودكتاتورية الحكام تارة أخري .
كانت احتفالية الدار الأخيرة شرح للمنهج الإفتائي للإمام والعلامة "علي جمعه " والذي نعتز به كثيرا بأكثر منها عرض لتاريخ الدار والذي يعد منذ التأسيس حتي الان هو تاريخ أهم مرحلة لتاريخ مصر المعاصر، وربما أوحت إلي الحاضرين وسط هذا الاهتمام بشخص المفتي أكثر من الدار بطلب أن يمد له لفترة تالية ، والذي جاء علي لسان القمص بوليس عويضة أحد اباء الكنيسة المصرية والذي اصر علي انها مبادرة شخصية ينقلها لقيادة السياسية ، وكذلك الشيخ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية والذي طالب بنفس الطلب تقريبا ، في غياب تام للجماعات الإسلامية وأحزابها الجديدة الناشئة .