أعلن كمال عمر المسئول الإعلامي لتحالف أحزاب المعارضة السودانية، أن الحركات المسلحة وافقت على التعديلات التي اقترحتها الأحزاب على وثيقة "الفجر الجديد"، التي وقع عليها الجانبان بكمبالا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ورفضتها قيادات الأحزاب بالداخل لنصها على إقرار العمل المسلح لإسقاط النظام، وفصل الدين عن الدولة. وأوضح عمر خلال حوار مع وكالة "الأناضول" للأنباء، أن أحزاب الداخل والفصائل المسلحة وافقت على التعديلات المقترحة علي الوثيقة، وأن الترتيبات جارية للتوقيع علي وثيقة جديدة، لكنه رفض الإفصاح عن موقع وموعد التوقيع على الوثيقة الجديدة قائلا: "نحن لم نحدد حتى الآن زمانا ومكانا بعينه حتى لا تعرقل الحكومة الخطوة بعقليتها التآمرية السلطوية، وقد يكون التوقيع عبر الوسائط الإلكترونية الحديثة، فيوقع قادة الأحزاب بالداخل وقادة الحركات المسلحة بالخارج في ذات الوقت، أو ربما يلتقي كل القادة من الجانبين في إحدى العواصم".
وذكر المتحدث باسم المعارضة السودانية أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير يشن هجمة شرسة على الوثيقة والموقعين عليها ليغطي على صراعاته الداخلية التي رجح أن تسارع بانهيار ذاتي للنظام.
وأوضح عمر أن الأحزاب لا يمكن أن تجبر الحركات المسلحة على وضع سلاحها، ولكنها أقنعتها ب"وقف إطلاق النار متى انطلقت الثورة الشعبية".
وأقر بأن "صياغة الوثيقة كانت مربكة"، حيث لم توضح الفرق في الوسائل بين الأحزاب والحركات المسلحة، مضيفا أنه "ظهر الأمر وكأننا اتفقنا على انتفاضة شعبية محمية بالسلاح وهذه القضية ناقشتها أحزاب المعارضة بوضوح ليس لأن الحكومة أخافتنا لكن لأننا ملتزمين بالدستور والقانون ونحن ملتزمون أيضا بالعمل السلمي لإسقاط النظام".
وتابع أنه "كل الأحزاب كانت لها تجارب في العمل المسلح والانقلابات العسكرية ومن هذه التجارب يأتي أيماننا بضرورة العمل السلمي والابتعاد عن العمل المسلح لأنه غير مناسب لإحداث التغيير".
وردا على سؤال حول اتهام الحزب الحاكم بأن أمريكا والاتحاد الأوروبي هما من مولا اجتماع كمبالا واشترطا التوقيع على الوثيقة لدعم المعارضة السودانية، قال عمر إنه "عندما يأتي المسؤولون الأمريكيون إلى السودان يلتقون بنا، كما كان لدينا وفد سافر إلى أمريكا والتقى ببعض المسؤولين هناك".
وأضاف أن المسئولين الأمريكيين أخبروا الوفد السوداني المعارض أن "واشنطن لن تقبل أن تكون الحركات المسلحة بديلا للنظام الحالي على الرغم من إدراكهم لسوءاته، لأن النظام الحالي يضمن لهم استقرارا جزئيا ويحارب لهم القاعدة ويمنع صوملة السودان".
وتابع قائلا: "إن الأمريكيين يخافون من الصوملة ويعتبرون أن وصول الحركات المسلحة للحكم سيؤدي إلى هذه النتيجة وبالتالي تتوفر لتنظيم القاعدة الأجواء المناسبة لعملها.
كما أوضح موقف المعارضة من الخارج بقوله: "إن من يتعامل مع أمريكا ليس عميلا كما يصور النظام، نحن معارضة مسؤولة وقادرون على أن نقرأ خارطة العالم وأمريكا والمجتمع الدولي مهمون جدا للاستقرار ليس في السودان فحسب بل في العالم كله".
وذكر عمر أن المعارضة أوضحت لمسؤولي الولاياتالمتحدة أنها "متمسكة بإسقاط النظام عبر الثورة الشعبية كحل وحيد، وفي حال توحدت الحركات المسلحة مع الأحزاب المعارضة قطعا سيكون تعامل الأمريكيين مختلفا لأنهم الآن داعمون للنظام وليس العكس كما يروج قادة النظام، ونحن سنجبر الأمريكيين على تغيير موقفهم مثل ما أجبرهم الشعب المصري من قبل على التخلي عن حليفهم حسني مبارك وكذلك الشعب التونسي أجبرهم عن التخلي عن زين العابدين بن علي".
ورجح أن "تتخلى الولاياتالمتحدة في القريب العاجل عن هذا النظام خصوصا مع اقتراب توحد المعارضة الذي يمهد للثورة لأنه ليس لديهم خيار غير الإذعان لإرادة الشعوب".ولفت عمر الذي يشغل أيضا منصب المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض ذو الخلفية الإسلامية، إلى أن "الحركات وافقت على تأجيل قضية علاقة الدين بالدولة إلى ما بعد إسقاط النظام وتركها للجمعية التأسيسية المنتخبة حينها لحسمها بناء على التفويض الذي ستحصل عليه من الشعب".
وأشار إلى أن فكرة فصل الدين عن الدولة تمثل بالنسبة لحزبه "خطا أحمر"، لا يمكن أن يقبل به في الفترة الانتقالية.
واتهم قيادي المعارضة الحزب الحاكم بأنه "يفتقد للرؤية ولا يمتلك برنامجا يحكم به السودان ولو لمدة ثلاثة أيام ويعاني من انقسامات داخلية حادة كان أحد إفرازاتها الانقلاب العسكري الأخير بعد مؤتمر الحركة الإسلامية (أعلنت السلطات السودانية في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي إحباطها محاولة انقلاب عسكري، كانت الثالثة في أقل من شهر)"
وتوقع أن "النظام يبحث حاليا عن معركة يوحد بها صفه الداخلي ليكون أكثر تماسكا ويخلق ظرفا استثنائيا يمهد للأجهزة الأمنية قمع المعارضة ويصور للشعب أن المعارضة عميلة وتريد أن تفصل الدين عن الحياة، على الرغم من أن العلمانيين لهم أخلاق أرفع من أخلاق قادة النظام الحالي الذين يتاجرون بالدين لتغطية فسادهم".
وأوضح أن فكرة اللقاء بين المعارضة المدنية والمعارضة المسلحة كانت مهمة جدا "حتى نتفادى تجربة الربيع العربي والفوضى التي أعقبت مرحلة ما بعد إسقاط النظام في تلك البلدان ودخول أطرافها في صراعات وبالتالي ضل سعي الثورات للديمقراطية والحريات المطلوبة".
واشار إلى أنها خرجت للنور بعد أن قدم شباب المنبر الديمقراطي الحر (معارض) الدعوة لمؤتمر في ولاية أيوا الأمريكية (الغرب الأوسط) في سبتمبر/أيلول الماضي وقدمت الدعوة أيضا للحركات المسلحة وفي المؤتمر طرح موضوع توحيد المعارضة السلمية والمسلحة واتفقنا أنه لا بد من لقاء جديد فكان لقاء كمبالا".
ووقّعت أحزاب معارضة مع الحركات المسلحة، في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، بكمبالا على وثيقة أقرّت إسقاط نظام حكومة البشير وتشكيل حكومة انتقالية لمدة 4 أعوام تعيد هيكلة مؤسسات الدولة، وعقد مؤتمر دستوري جامع وتنتهي الفترة الانتقالية بإجراء انتخابات عامة.
وتوعد مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع أحزاب المعارضة بعد توقيعها على الوثيقة باتخاذ إجراءات حاسمة، ووصفهم ب"الخونة"، قائلاً: "الذين ذهبوا للتوقيع على الوثيقة في كمبالا إنما ذهبوا لقبورهم"، مضيفًا أن عام 2013 "سيكون عام الحسم للخونة والمتمردين".
ومثّل توقيع المعارضة على الوثيقة مع الحركات المسلحة أحدث الجهود لإسقاط حكومة البشير الذي وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري نفّذه الإسلاميون عام 1989.
ويضم تحالف المعارضة أكثر من 20 حزبًا معارضًا ومؤسسة مجتمع مدني أبرزها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي بزعامة الإسلامي حسن الترابي.
والحركات المسلحة التي وقّعت على الوثيقة هي الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحارب الجيش السوداني في مناطق متاخمة للجنوب، وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، وحركة تحرير السودان بقيادة أركو مناوي.
وشكّلت الحركات الأربع في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 تحالفًا باسم الجبهة الثورية نصّ بيان تأسيسه على إسقاط النظام بالقوة العسكرية.