أشعر أن المجتمع المصرى كان يعتقد أنه سيحصل على المال والمعيشة الرغدة بمجرد تغيير النظام ، ولكن الواقع غير ذلك ، فالتضحيات عادة ما تعقبها تضحيات أخرى من نوع جديد، تتمثل في عمل دؤوب حتى نصل لمصاف الدول المتقدمة . والحق أن الأمم تنهض بمشاريع قومية تستنهض عزيمة شبابها، مع عرض الخطة العامة لكل مشروع قومي حتى يشعر المواطن بما أنجزه على مدار الساعة في هذا المشروع والعائد القومي من ورائه . وقال أحد العلماء الغربيين "خذوا منا كل شيء ، مصانعنا وأموالنا، واتركوا لنا فقط علوم الإدارة والتنظيم، وسوف نبني كل شيء من جديد ونعود لما نحن عليه الآن" ، ولكني أضيف لعلوم الإدارة فكرة وجود مشروع قومي يؤكد التوافق الإجتماعي والعمل الجماعي، وفي التاريخ المصري نماذج لهذه المشاريع كبناء الأهرامات أو بناء ترسانة مصر البحرية في عصر محمد علي والسد العالي في عهد جمال عبدالناصر والذي سخرت له الطاقات العمالية والهندسية . وكانت مصر لديها خطط في زراعة القطن ومستوى جودته، حتى أن هناك أغنيات كانت تنطلق احتفالا بحصاده، ولهذا كان يسود الأسواق العالمية في الماضي . وأقترح أن ندعو لمليونية نهر النيل، على ضفاف هذا النهر العظيم من رشيد حتى أسوان ، ويخرج الشباب لتجميله وتطهير شواطئه وجمع القمامة والحيوانات النافقة ووقف التعديات عليه من صرف صحي وصرف مصانع كيميائية تؤدي لتفشي الأمراض الخطيرة كالفشل الكلوي . وهناك تقارير صدرت مؤخراً تؤكد أن الملوثات الصناعية المنصرفة بالمجارى المائية تصل إلي 270 طن يومياً أى أنها تعادل التلوث الناتج عن 6 ملايين شخص، وتقدر المخلفات الصلبة التي يتم صرفها بالنيل حوالي 14 مليون طن، أما مخلفات المستشفيات فتبلغ حوالي 120 ألف طن سنوياً منها 25 ألف طن من مواد شديدة الخطورة. وأوضحت الدراسات كذلك أن تلوث نهر النيل أدي إلي خسارة كبيرة بالإنتاج الزراعي وأن 50% من فاقد الإنتاج الزراعي سببه الرئيسي يعود إلي تلوث المياه . ووفقا لتقرير صادر عن وزارة البيئة فإن الحكومة المصرية تخسر حوالي 3 مليار جنيه سنوياً نتيجة لملايين الأطنان من الملوثات الصناعية. كما أدعو لمشروع لنزع الألغام من جانب المتخصصين في ذلك، ونعلم أن ربع الأراضي المصرية ملغمة بطول الساحل الشمالي وسيناء، وربع ألغام العالم لدينا ، وكان يمكن أن تكون هذه المناطق مفتوحة لأبناء الوطن لزراعتها وللسائحين الذين يهوون الصيد والتمتع بالطبيعة كما سنحمي مواطنينا من إنفجار هذه الألغام وبخاصة الأطفال، مثل تلك الحالة لطفلة فقدت بصرها وبترت أطرافها لمرورها بحقول الشيطان . أما المشروع الثالث الذي أدعو إليه فيتعلق بالبحث العلمي، ولدينا أبحاثا مكدسة في مكتبات الجامعات، ويمكن أن تؤدي لتطوير المجتمع، ولابد أن نعيد فحصها . وأخيرا أدعو لإسترداد وتسجيل الآثار المصرية، عن طريق إحكام الرقابة وإدارة ثروات مصر وتاريخها، ونحزن لكم الآثار المصرية بالمتاحف الغربية، والتي لا نستفيد من وجودها شيئا ، وكان يمكن أن تدر علينا عائدا كبيرا. وفي إطار مشروع الآثار ينبغي البدء في حماية مواقع التنقيب الأثري والمخازن من السرقات بتسجيل كل الكشوفات . هذه المشاريع لا تحتاج تكنولوجيا عالية ولا قدرات مالية فائقة، وعائدها كبير، فهل نحيي الطاقات البشرية أم أننا تعودنا الكسل والعيش على الإقتراض من الخارج . استشارى نظم المعلومات [email protected]