فارس الصحافة «ناصري بحت» .. و الإدعاء بأنه إخواني «كذب وإفتراء» الشهيد أوصى بإستكمال الثورة وإني لها لحافظة .. ومشروع حياتنا كان فيلم لتوثيق الثورة
كتب – إسلام أبازيد
"فارس الصحافة المصرية" ، ربما يكون ذلك هو اللقب الأمثل لثاني شهداء الصحافة والذي قتل غدراً على أيدي ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين ، إنه الزميل "الحسيني أبوضيف" صحفي جريدة الفجر الذي أستشهد أثناء الأحداث الدامية التي شهدها محيط قصر "الإتحادية" الرئاسي ، ربما يكون قد رحل عن عالمنا لينتقل إلى عالم أفضل منه بكثير ، ولكن بقيت ذكرياته ،فهنا إعتصم ، وهنا دافع عن كرامة مهنته ، وإستشهد دافعاً عن حرية بلاده ، إستشهد "أبوضيف" و بقي أصدقائه وأحبائه يرون ذكرياتهم مع الصحفي المناضل ، شبكة الاعلام العربية "محيط" حاولت الإقتراب من دفتر ذكريات "الحسيني أبوضيف" ، من خلال حوار قصير مع الناشطة السياسية سهام الوكيل ، خطيبة الشهيد ، والتي شاركته العديد من المواقف والأحداث ، وإلى نص الحوار ..
حديثينا عن "الحسيني أبوضيف" كإنسان ؟
إذا تطرقنا للحديث عن "الحسيني أبوضيف" فسوف يطول الحديث ، فمواقفه النبيلة كثيرة ، فهو إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فهو من دعم "ماري دانيال" حتى إستردت حقها ، ومن وقف بجانب زميلته شيماء عادل ، الصحفية بجريدة الوطن ، حتى حصلت على حريتها بعد إعتقالها من جانب السلطات السودانية ، ووقف بجانب أسرة الشيخ "عماد عفت" بعد إستشهاده ، فكان دائم الدعم للجميع دون مقابل ولوجه الله عزل وجل ، كما أنه كان نشيط جداً و دائم الإنشغال ، فإما تجده يدون على جهاز "اللاب توب" الخاص به ، أو ينشر صور وفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي ، أو يمارس مهنة الصحافة التي يعشقها ، وكنت دائما ما أطالبه بعدم الإنشغال لهذه الدرجة خوفاً على صحته وربما يصل الأمر إلى خلاف شديد بيننا ، لكنه كان يبادرني بجملة "إضحكي لما بتضحكي الدنيا بتنور" ، ليزيل ما بداخلي من غضب.
ماذا عن "أبوضيف" المناضل و الناشط السياسي؟
"أه يا بلادي أه" .. هذه هي الجملة التي كان يرددها دائما والتي تعكس مدى غيرته وحبه لمصر ، فأنا شاركته العديد من المواقف والأحداث السياسية التي سالت فيها دماء الشهداء للأسف الشديد ، وهذا ما كان يحزنه كثيرا بسبب غيرته على أبناء وطنه ، وإيمانه بحرمة الدم المصري خاصة وإن كان القاتل مصري كذلك ، ولعل أبرز موقف أذكره له أثناء أحداث شارع "محمد محمود" ، فكعادتى دائماً أسعى إلى الدخول في قلب الأحداث ، وهذا ما كان يرفضه "الحسيني" بشدة لخوفه علي ، وأثناء إشتعال المواجهات بين الأمن والمتظاهرين حاول أن يبعدني بكافة الطرق الممكنه عن موقع المواجهات بعد أن فوجئنا بقدوم قنبلة غاز في إتجاهنا ، وظل يصرخ "إجري يا سهام .. إجري يا سهام" ، ثم قام بعد ذلك بدفعي لتسقط القنبلة على ظهره مباشرة ، بعد ذلك إحتد في الحديث معي وقال : "إحنا مش لازم نموت ، لو متنا مين حيكمل الثورة ، إحنا بنكتب تاريخ يا سهام" ، ثم بعد ذلك إعتذر لي ، لكنه أصر في الوقت ذاته على منعي من المشاركة في أي تظاهرات من المتوقع أن تندلع بها إشتباكات ومواجهات.
ما هو مشروع حياتكما قبل إستشهاده؟
الطريف في الأمر أن مشروع حياتنا كان سياسي في المقام الأول ، فهو كان يسعى في أخر أيامه إلى صناعة فيلم وثائقي عن الثورة ، حاول من خلاله رد الجميل إلى الثوار الحقيقيين الذين شاركوا فيها بشكل حقيقي ، وذلك عن طريق الإلتقاء ببعض النشطاء السياسيين ، و مصابي الثورة ، وكنت أساعده في إتمام ذلك الفيلم من خلال علاقتي بهؤلاء الشباب بإعتباري ناشطة سياسية ، وبالفعل إلتقى بعدد كبير منهم ، ولكن شاء القدر ألا يكتمل هذا الفيلم ، ولكن هؤلاء الثوار سيكملون ثورتهم وثورته التي شارك فيها منذ اليوم الأول.
ما هو الإتجاه السياسي ل"الحسيني" ، وهل بالفعل له أي إنتماءات إخوانية؟
يكفي أن أقول لك أنه "ناصري بحت" ، فأنا عشقت "جمال عبدالناصر" من كثرة حديثه عنه ، و من شدة إيمانه به وبمواقفه الداعمة للقومية العربية بصفة عامة ، ولمصر على وجه التحديد ، و فيما يخص إدعاءات الإخوان بأنه ينتمى لهم ، وأنه إستشهد أثناء دفاعه عن شرعية الدكتور محمد مرسي ، رئيس الجمهورية ، فهذا ليس بجديد عليهم ، فكما كان يقول الشهيد "الإخوان كاذبون ومنافقون" ، فهو أعرب لي أكثر من مرة عن عدم رضاه عن أداء رئيس الجمهورية ، وأكد على أنه لم ينتخب "مرسي" كرئيس للجمهورية ، وذلك إنطلاقاً من إيمانه بأن من يقتل الثوار والمصريين أو يتستر على من قاموا بفعل ذلك لا يمكن أن يدعي أنه شارك في الثورة.
متى كانت أخر مكالمة مع "فارس الصحافة" ، وماذا دار فيها؟
كانت في الساعة الحادية عشرة مساءاً ، قبل إستشهاده بساعات ، حيث كان يريد الإطمئنان علي بسبب مرضي ، وحينما حولت أن أستفسر عن موقعه ، أكد لي أنه في ميدان التحرير ، و لم يذكر أنه أمام قصر "الإتحادية" ، حتى لا يثير قلقي ، ثم وعدني بأن نلتقي في اليوم التالي ، وعلمت بعد ذلك من أحد أصدقائه أنه إستشهد برصاصة غدر على أيدي "مليشيات الإخوان".
ما هي الرسالة التي تودى أن توجهيها إلى "أبوضيف" إذا كان أمامك الأن؟
أنا بالفعل وجهت له رسالة أثناء رفقتي له في السيارة قبل دفنه مباشرة ، حيث قلت له "إنت الأن سوف تلقى ربك وتحدثه ، فأرجو منك أن تطلب منه أن أكون أول من يلحق بك في الجنة بعد إستشادي في قلب الميدان كما حدث معك" ، فحتى الأن لساني لا يكف عن قراءة القرآن له ، و لا أنسى تلك الرسالة التي بعثها لي على هاتفي كتب فيها "الإخوان سيقتلون ويستعبدون الشعب المصري ، وإن مت أوصيكي بإستكمال الثورة" ، وأنا بعون الله لوصيته حافظة ولن أفرط في دمائه.
هل ما قدمته الجماعة الصحفية كافي لرد الجميل ل"أبوضيف"؟
بداية رد الجميل ل"شهيد الصحافة" لن يتحقق إلا بعد إصدار كتيب يروى تفاصيل نضال "الحسيني أبوضيف" منذ نشأته في الجامعة ، وحتى إستشهاده ، والسعي لكشف حقيقة من تسبب في قتله ، بالإضافة إلى تخليد ذكراه بإقامة نصب تذكاري يحمل أسمه ، وصرف معاش دائم لأسرته ، كما أدعو جميع الصحفيين إلى السير على نفس منهج الشهيد في الإخلاص في العمل ، و توخي الموضوعية و الصدق فيما يتم نشره من أخبار.
رسالة توجهيها إلى رئيس الجمهورية؟
أقول له "انت من حفرت مسمار نعشك بيدك" ، وأثبت للعالم أجمع أنك لست رئيساً لجميع المصريين ، و تهتم فقط بأهلك وعشيرتك ، جماعتك التي ساعدتك في الوصول إلى كرسي الرئاسة ، ولابد أن تعي جيداً أن مصر بحاجة إلى حضن يلم شمل جميع أبنائها ، دون التفرقة بين مسلم و مسيحي ، أو سلفي و علماني ، أو إخواني و ناصري.