دفع التدخل العسكرى الفرنسي فى مالى وتهديدات الجماعات الإسلامية المسلحة فى كل من مالى والصومال السلطات الفرنسية إلى تنفيذ خطة "فيجيبيرات" المشددة للتأهب ولمواجهة الإرهاب فى ربوع البلاد. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جون مارك أيرولت اعتبارا من الليلة الماضية التطبيق "الفوري" للخطة وهى الدرجة الأمنية شبه القصوى (المستوى الأحمر) فى جميع وسائل النقل العامة؛ والمنشآت والمؤسسات المفتوحة أمام الجماهير ومناطق التجمع، لدرء خطر الاعتداءات الإرهابية فى فرنسا، إثر تدخلها عسكريا في مالي.
يأتى هذا القرار بتكليف من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، الذى أعلن أمس عن تطبيق الخطة المتضمنة 4 مستويات إنذار أعلاها الإنذار البرتقالي للوقاية من الهجمات الإرهابية.
وأكد رئيس وزراء فرنسا أنه سيتم تنفيذ خطة فيجيبيرات وهى درجة الإنذار (التيقظ) الحاليه عند المستوى الأحمر (المشدد) على أن يتم تعزيز وتشديد عدة تدابير أمنية فى إطارها.
وتطبق الخطة عند المستوى الأحمر المشدد عادة فى البلاد فى الفترات الحساسة المؤقتة التى تشهد تجمعات للمواطنين والسائحين الذين يأتون إلى فرنسا من كافة ربوع الأرض كالاحتفالات بعيد الميلاد المجيد وحلول رأس السنة بينما تطبق السلطات فى الأوقات الاعتيادية الخطة نفسها عند المستوى الأحمر (العادى وغير المشدد) منذ تفجيرات لندن 2005.
ولم تشهد فرنسا تشديد الإجراءات الأمنية خلال الفترة الأخيرة إلا خلال تطبيق الخطة عند المستوى "القرمزى" فى شهر مارس 2012 ولفترة مؤقتة في منطقة ميدي بيرينيه بعد جرائم القتل التي ارتكبها الجهادى محمد مراح في كل من تولوز ومونتوبان.
وتشارك فى تطبيق خطة "فيجيبيرات" التى وضعت منذ 35 عاما عند الدرجة الحمراء المشددة بخلاف قوات الجيش جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية المختلقة بالإضافة إلى أمن وسائل النقل العام والمواصلات .
وبحسب الخبراء فإن المستوى الأحمر (المشدد) ينطوي على "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع احتمال وقوع هجمات خطيرة "..بينما عندما تتحول إلى المستوى "القرمزي" وهو أعلى مستوى لها، فإنها تهدف إلى "منع خطر هجمات كبيرة".
وتشمل خطة "فيجيبيرات" منذ عام 2003، أربعة مستويات بالألوان (الأصفر والبرتقالي والأحمر والقرمزي) بهدف تعزيز وعي المواطنين فيما يتعلق بالخطر الأمنى.
وكلما وصل اللون إلى درجة أغمق، فإن مستوى التأهب يكون عاليا حيث أن هناك داخل كل لون عشرات الدرجات.
وتنص الدرجة الحمراء فى الخطة على إجراء عمليات تفتيش عشوائية للقطارات السريعة "تى جى فيه"، وتقييد أو حظر أجزاء كبيرة من المجال الجوي وتخزين مياه الشرب.
وبما أنها تعرضت باكرا جدا لتهديد الإرهاب الدولي، فقد أقامت فرنسا نظاما وقائيا وردعيا أثبت قيمته وجدارته بعد أن كانت فرنسا ومصالحها هدفا للارهاب الدولي المرتبط بالوضع في الشرق الأوسط والشرق الأدنى في الثمانينات من القرن الماضى من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر في التسعينات.
ولقد حسنت فرنسا جهازها الوقائي والردعي للارهاب مع كل موجة اعتداء تفجيرية: أصدرت قانونين في 1986 و 1996، وبعدها بقليل إثر الاعتداءات التفجيرية في مدريدولندن أصدرت قانون 23 يناير 2006 المتعلق بمكافحة الإرهاب ويتضمن إجراءات متنوعة تتعلق بالأمن والرقابة على الحدود.
ومن جانبها وافقت بريطانيا على إرسال طائرات نقل عسكرية إلى مالي لدعم العملية العسكرية الفرنسية ضد المقاتلين الإسلاميين في البلد الواقع غرب افريقيا.
وقالت شبكة "سكاي نيوز" الأحد، إن مكتب رئاسة الحكومة البريطانية أكد أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تحدث ليلة السبت عبر الهاتف إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حول العملية التي شنتها بلاده لاحتواء المتمردين المرتبطين بتنظيم القاعدة في شمال مالي.
واضافت أن العملية العسكرية الفرنسية في مالي أودت بحياة ما لا يقل عن 100 متمرد في المواجهات التي دارت في بلدة كونا الاستراتيجية.
ونسبت سكاي إلى متحدث باسم الحكومة البريطانية قوله إن كاميرون "بحث مع الرئيس هولاند الوضع المتدهور في مالي وسبل تقديم المملكة المتحدة المساعدة للعملية العسكرية التي شنتها فرنسا لدعم حكومة مالي على احتواء المتمردين والجماعات المتطرفة في شمال البلاد".
واضاف المتحدث أن كاميرون "وافق على تقديم مساعدة عسكرية لوجستية لنقل القوات الأجنبية والمعدات بصورة سريعة إلى مالي من دون ارسال قوات بريطانية في دور قتالي إلى هناك، كما اتفق مع الرئيس هولاند على أن الوضع في مالي يشكل تهديداً حقيقياً للأمن الدولي بسبب النشاط الإرهابي هناك".
وقال إن رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي "ناقشا أيضاً ضرورة العمل مع الحكومة المالية والدول المجاورة والشركاء الدوليين لمنع تحول أراضي مالي إلى ملاذ جديد للارهاب على أعتاب أوروبا، واعادة تفعيل العملية السياسية بقيادة الأممالمتحدة بمجرد وقف تقدم المتمردين".
واشار المتحدث إلى أن مجلس الأمن القومي في الحكومة البريطانية "سيعقد اجتماعاً الثلاثاء المقبل للنظر في الوضع الحالي في مالي ومناقشة ما يجب القيام به لضمان التوصل إلى تسوية سياسية دائمة في البلد الافريقي".