كشفت ورقة عمل حول اتجاهات إصلاح الصحافة القومية في مصر أعدها الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج عن وجود خمسة عشرة ملفاً تتصل بمستقبل الصحافة المصرية عامة. منها 9 ملفات مزمنة ومؤجلة من فترات بعيدة " الملكية والحرية والمهنية والمسئولية والتشريعات المنظمة ومواثيق الشرف والعلاقة مع السلطة بكافة أشكالها فضلاً عن علاقة الإدارة بالتحرير والتنظيمات الإدارية والقانونية كالجمعيات العمومية ومجالس الإدارات ونقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة"، وستة ملفات عاجلة فرضتها الثورة وطبيعة المرحلة الراهنة.
واقتصرت الورقة التي سيطرحها حارص اليوم "السبت" في المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر الذي تنظمه الرابطة الوطنية الإسلامية بالقاهرة على اتجاهات الإصلاح نحو هذه الملفات الستة فقط، فعرضت اتجاهين للخطوة الأولى في إصلاح الصحافة القومية تتفاوت من محاسبة كل من أخطأ في حق الثورة وشبابها حتى تبني مبدأ التسامح وتجنب الصراع والفتنة وتصفية الحسابات.
كما رصدت الورقة ثلاثة اتجاهات رئيسية في آليات اختيار رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات تشمل: إلغاء التعيينات لرؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات واختيارهم بالانتخاب المباشر من الصحفيين والعاملين بالمؤسسة، واختيار المجلس الأعلى للصحافة لواحد من ثلاثة مرشحين تختارهم الجمعية العمومية للمؤسسة الصحفية، أو تشكيل مجلس من الحكماء على مستوى المؤسسة لاختيار القيادات الجديدة بشكل مستمر وفق معايير محددة.
وحصرت ورقة حارص ستة معايير وضوابط للترشح لمنصب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة شملت: الخبرة والكفاءة المهنية والإدارية والنزاهة والاستقلالية والقبول عند الزملاء وقوة انتمائه للمهنة والجماعة الصحفية، وأوضحت الورقة اتجاهات تدين أداء الصحافة وتعتبره جريمة بحق الثورة وارتباك وعدم وضوح بالنسبة للنظام الجديد، واتجاهات أخرى تفسر أداء الصحافة بأنه تطور إيجابي باتجاه الشفافية وتناول الأحداث بشكل مختلف مما يجعل الصحافة بالفعل سلطة رقابية تطرح كل شيء للمناقشة بلا حدود.
وأبرزت الورقة صورتان للصحافة القومية أحداهما سلبية لا تزال فيها الصحف تابعة للسلطة والصحفيون بها منافقون ويعملون بلا مبادئ أو أخلاقيات، وأخرى ترى أنها صورة مغلوطة وتنطوي علي تعميم وتتعامل مع الإعلاميين ككتلة واحدة، ولا تميز بين الشرفاء والفاسدين وأن أي مهنة لا تخلو من المنافقين وأن الذين باعوا ضمائرهم قلة كانت تتصدر المشهد، أما الغالبية فقد عانوا من الحرمان والمطاردة وشاركوا بالثورة، كما أن المؤسسات القومية ذات تاريخ عريق وغنية بالمهارات والشرفاء الذين ظلوا على قيمهم ومبادئهم .
وأظهرت الورقة اتجاهات ترى ضرورة رد الاعتبار للصحفيين الشرفاء الذين وقع عليهم الظلم في عهد النظام السابق تقديراً لتمسكهم بمبادئ المهنة في مواجهة النظام وأمن الدولة والأجندات الخاصة لرؤساء التحرير، واتجاهات أخرى تطالب هؤلاء الشرفاء بالتحلي بالصفح والتسامح حتى لا يتحول الأمر إلى تصفية حسابات ويختلط فيه الشخصي بالموضوعي، ورصدت الورقة ثلاثة مواقف من الأوضاع المادية للصحفيين يكتفي أولها بوضع لائحة جديدة للأجور تضمن تحقيق العدالة بين الصحفيين والقيادات، ويدعو الثاني إلى الإصلاح الشامل للأوضاع المادية بينما يرى الاتجاه الثالث بتأجيل الموضوع لحين استقرار الأوضاع وخاصة الاقتصادية.